الحاملات للإعاقة يحاصرهن العنف الرقمي

أكّدت المشاركات في الندوة أن حاملات الإعاقة يتعرضن للعنف الرقمي والابتزاز الجنسي بشكل رهيب مما يدفع بعضهن أحياناً إلى الانتحار.

تونس ـ لا تزال المرأة الحاملة لإعاقة في تونس تعاني معاناة مضاعفة، فمع ظلم القوانين لها وعدم تمكّن التشريعات من حمايتها من العنف والفقر والحاجة التي تدفعها للمغامرة برغم الظروف الصعبة، باتت ضحية "سهلة" للعنف الرقمي عبر مواقع التواصل الاجتماعي.

ذلك ما دفع الناشطات في مجال الدفاع عنهن إلى إطلاق صرخة لإيقاف التنكيل الممنهج تجاههن من قبل "بعض رواد مواقع التواصل من الذكوريين والميزوجيين".

وفي ندوة نظمها المجتمع المدني بتونس العاصمة، قالت نائبة رئيس جمعية أبصار والناشطة المدافعة عن ذوات الإعاقة، بسمة السوسي في حديث مع وكالتنا، إن هذه الفئة من النساء تعاني من التمييز المضاعف والعنف كونهن نساءً من ذوات الإعاقة، لافتة الى أن التمييز يبدأ بإقصائهن من الحياة العامة، مستذكرة قصة الفنانة سارة بوعليلي التي طلب منها إصدار ألبومها صوتياً فقط لأنها كفيفة.

واعتبرت أنه "لم ترق لهم أن تكون صورتها على الغلاف"، معتبرةً أن هذه الصورة تعكس المجتمع الذي يتميز بالإقصاء والتمييز للنساء لإدخالهن في قوالب المجتمع بالأدوار المسندة لهن "الحاملة للإعاقة لا يمكن أن تدخل في هذه الأدوار لأنها موصومة بنظر المجتمع وغير قادرة برأيه على القيام بذلك الدور المجتمعي الذكوري من طبخ وتنظيف الخ".

ولفتت إلى أن النظرة الدونية لحاملات الإعاقة دفعت نحو التساهل مع العنف الرقمي الموجه لهن، خاصة وأن بعضهن غير قادرات على الانتباه للعنف ومقاضاة المعنف خوفاً من تلك النظرة سيما وأن شهادتهن لا تأخذ بعين الاعتبار "أحياناً تكون حاملة لإعاقة بصرية ولا يمكن أن تنتبه للصورة المخلة التي أُرسلت إليها في الرسائل الخاصة، وأحياناً تكون إعاقة ذهنية لا تعرف أن ذلك عنفاً".

وتحدثت عن التنمر الذي تعانيه حاملات الإعاقة اللواتي يخترن دخول مواقع التواصل والمشاركة فيها بصور وتدوينات، محذرة من خطورة ذلك في ظل وجود قانون لمكافحة العنف جاء ليحميهن من ذلك.

وشددت على أن القانون 58 لمجابهة العنف ضد النساء لم يحمي الحاملات لإعاقة من مختلف أشكال العنف، وحتى القانون التوجيهي عدد 83 لعام 2005 لم يذكر هذه الفئة كما فعلت الاتفاقية الدولية لحقوق الأشخاص ذوي/ات الإعاقة.

وأكدت الناشطة الحقوقية أنه بات من الضروري تجميع هذه الكمية من خطاب العنف والكراهية والتمييز والقيام بحملة محاصرة لإصدار قانون يٌجرم العنف القائم على الإعاقة.

وترى بسمة السوسي أن العنف الذي تتعرض له النساء في الفضاء الرقمي يمكن أن يمتد إلى الفضاء العام "هناك استدراج واستضعاف للنساء في حالة هشاشة، وهناك تنمر بالصور عبر إرسال صور مخلة في وضعيات مخلة وغير أخلاقية، وعديدة مآسي هذه الفئة من النساء".

وانتقدت غياب التمكين التكنولوجي للنساء حاملات الإعاقة من التطبيقات ومن الولوج الآمن للإنترنت ما يجب أن تعمل الدولة على تحقيقه وضمانه بآليات سهلة تحميهن.

وأضافت "حاملات الإعاقة غير قادرات اليوم على الإبحار الآمن في الانترنت نتيجة العنف، ما دفعنا للمطالبة بأهمية تعليمهن كتابة البراي، وتوفير المحامل الصوتية وتبسيط المعلومة في شكل صور لحاملات الإعاقة الذهنية، وغيرها من الأساسيات لإقحام ذوات الإعاقة في الفضاء العام وعبر الانترنت".

 

 

بدورها، أفادت ليلى القاسمي وهي إعلامية من ذوات الإعاقة البصرية، بأن وجودها في إذاعة ببرنامج إذاعي تشجيع لحاملات الإعاقة وأنه تأكيد على أن لا شيء يمكن أن يوقفهن حين يطمحن ويحلمن، لافتةً إلى أن وجودها هدفه إيصال أصوات هذه الفئة من النساء اللواتي تعانين عنفاً مضاعفاً وتهميشاً.

 واعتبرت أنه بات من الضروري سن تشريعات تحمي ذوات الإعاقة في الفضاء الرقمي خاصة، وأن موجة العنف ضدهن تضاعفت الفترات الأخيرة، ولم يتمكن قانون مناهضة العنف ضد النساء في تونس من الردع.

وتابعت "من حق الحاملات للإعاقة أن يكن حاضرات في الفضاء العام، وفي مواقع التواصل دون عنف وهرسلة"، مشيرةً إلى ضرورة التوعية وإبراز قدرات ذوات الإعاقة والإيمان بوجودهن في الإعلام والحياة السياسية.

وخلصت إلى القول إن الفضاء الآمن الذي يطالبن به يكون عبر سن القوانين التي تجرم مختلف التجاوزات والتي تسمح بممارسة الحقوق بكل أمان ودون خوف من العنف.

 

 

أما هدى العباسي، وهي عضو بالمجلس المحلي أكدت لوكالتنا أنها ترشحت انتصاراً لذوات الإعاقة والنساء "أن تكوني امرأة في تونس هذا صعب، وإن كنت حاملة لإعاقة مأساة أخرى في هذا المجتمع الذي لازال ينظر للنساء على أنهن ضعيفات دون رأي، ترشحت في المجالس المنتخبة لأمنع أي رجل من اتخاذ أي قرار مكاني، اكتشفت أنني حين أغيب كامرة يتم تغييبي".  

وقالت إن النساء حاملات الإعاقة حين يدخلن الحياة السياسية تعانين من غياب الإيمان بهن وبقدراتهن، وتعاملن كونهن ناقصات برغم أنهن اثبتن كفاءتهن. كفى استغلال لذوات الإعاقة في الانتخابات ولجلب مشاريع أجنبية عبرهن".

وأوضحت أن هناك هرسلة غير طبيعية تعيشها ذوات الإعاقة في ظل التمييز الذي يسلطه المجتمع والظلم، وأن حاملات الإعاقة تتعرصن للعنف المادي والرقمي ولا يبلغن لجهلهن بالقانون، وخوفاً من نظرة المجتمع القاسية التي ترمي اللوم دائماً على النساء، داعية المجتمع المدني إلى العمل على التوعية بأهمية التربية الجنسية وأهمية التبليغ عن العنف والابتزاز الجنسي، خاصة وأن هذه الفئة من النساء تعاني أشد معاناة.