الدين والمعتقد ذرائع لإبادة المجتمعات

خصصت الأمم المتحدة يوم 22 آب/أغسطس من كل عام يوماً عالمياً لإحياء ذكرى ضحايا العنف بسبب الدين والمعتقد، إلا أن العنف بمختلف أشكاله لا يزال مستمراً في معظم الدول، خاصةً في الشرق الأوسط.

مركز الأخبار ـ إن التمييز والعنف المنظم والإبادة الجماعية والمذابح ضد الطوائف الدينية لها تاريخ طويل ولقد شهدت الإنسانية دائماً أعمال عنف ترتكبها الحكومات أو الجماعات الدينية وهذه الانتهاكات تشمل التمييز والاضطهاد والتعذيب والاعتقال أو الاحتجاز التعسفي والاختفاء القسري والقتل والإبادة الجماعية للعديد من الأشخاص على أساس دينهم أو معتقداتهم.

في بعض الأحيان يكون الدين ذريعة لتبرير كراهية النساء والعنصرية التي انتشرت إلى السياسات والقوانين الرسمية في العديد من البلدان في حين أن أي تمييز أو تقييد أو تفضيل على أساس الدين أو المعتقد يؤثر على الحقوق والحريات الأساسية للأشخاص من أي معتقد، فهو تعصب وتمييز ديني.

تمت الموافقة على تسمية هذا اليوم من قبل الأمم المتحدة بعد الهجمات القاتلة على الكنائس في سريلانكا والمساجد في نيوزيلندا في عام 2019، وفي أوائل حزيران/يونيو ونهاية أيار/مايو 2019 أعلنت الجمعية العامة للأمم المتحدة، أن 22 آب/أغسطس يوماً عالمياً "لإحياء ذكرى ضحايا أعمال العنف القائمة على أساس الدين أو المعتقد" وفي هذا اليوم، يشيد المجتمع الدولي بالضحايا وأسرهم الذين تعرضوا للاضطهاد والتهديد على أساس معتقداتهم ودينهم وذلك على الرغم من أنه في كل عام يفقد عدد كبير من الأشخاص حياتهم في مختلف البلدان، بما في ذلك البلدان الآسيوية والأفريقية.

 

الحرمان والتمييز ضد الطوائف الدينية في إيران

إن السلطات الإيرانية هي إحدى السلطات التي لا تحرم اتباع بعض الطوائف الدينية والأديان بطريقة منظمة ومستهدفة من حقوقهم الأساسية فحسب، بل تعرضهم أيضاً للاضطهاد القضائي. إن الإقصاء والتمييز المطبق على الطوائف الدينية في إيران، والذي له تاريخ طويل، أخذ اتجاهاً منهجياً منذ عام 1978 أي بالتزامن مع إنشاء "جمهورية إيران الإسلامية"، فمنذ أن اعترف رؤساء البلاد بدين الإسلام والمذهب الشيعي واللغة الفارسية كأسس في البلاد فإن الأشخاص الذين لديهم دين أو مذهب أو لغة مختلفة "سنة، بهائيين، مسيحيين" والكرد والبلوش والعرب والتركمان وغيرهم "يعتبرون مواطنين من الدرجة الثانية".

وعلى الرغم من أن السنة في إيران هم الطائفة الدينية الثانية بعد الشيعية من حيث عدد السكان، وبحسب الإحصائيات فإنهم يشكلون حوالي 8 إلى 10 بالمئة من إجمالي سكان إيران، إلا أن وجهات النظر الأيديولوجية للسلطة حرمت الكثير منهم من المرافق التعليمية والصحية والرعاية الاجتماعية، ويحرمون من الترشح للانتخابات الرئاسية، والوصول إلى المناصب الحكومية العليا كذلك، بما في ذلك الوزارات.

كما أن أتباع الديانة البهائية والمتحولين إلى المسيحية من بين الطوائف الأخرى التي تتعرض للتمييز وانتهاكات حقوق الإنسان في إيران وفي الدستور لا يتم الاعتراف بالبهائية كدين، وبحجة علاقة البهائيين بالقوات الأجنبية، يتعرضون للتعذيب والاضطهاد والإعدام ومصادرة الممتلكات.

الاعتقال وإصدار أحكام الإعدام والسجن لفترات طويلة وإغلاق المحلات التجارية ومصادرة المنازل والآلات والوحدات الإنتاجية ومصادرة المراعي والحقول الزراعية والحيوانية، فضلاً عن تحويل الأراضي الزراعية البهائية إلى مناطق عسكرية وحجب الحسابات وحظرهم وطردهم من العمل والجامعة، وتدمير المقابر البهائية، وحرق قبور قادتهم الدينيين، جزء من القمع الذي يمارسه النظام الإيراني ضد المواطنين البهائيين منذ بداية صعود الجمهورية الإسلامية إلى السلطة.

 

طالبان والعنف ضد الهزارة

وفي أفغانستان أيضاً، وبتعاون ودعم الدول الغربية، سيطرت قوات طالبان على هذا البلد وباستخدام العنف ضد المرأة وانتهاك حقوقها الأساسية والضرب والحرمان من التعليم والفصل من العمل وفرض معتقدات الحركة عليها أكثر أشكال العنف الذي تتعرض له المرأة منذ ثلاث سنوات.

فيما تعرض الهزارة في كابول وأجزاء أخرى من أفغانستان لانتهاكات منهجية لحقوق الإنسان وتم استهدافهم في هجمات مخطط لها على المدارس والمساجد والأماكن العامة، وعلى الرغم من أن داعش يعلن مسؤوليته عن العديد من الهجمات على الهزارة، إلا أن عناصر طالبان متورطون أيضاً في انتهاكات حقوق الإنسان ضد أفراد مجتمعات الهزارة.

ومنذ انسحاب القوات الأمريكية وسيطرة حركة طالبان على أفغانستان، ساءت الظروف المعيشية للعديد من الأفغان، وخاصة النساء فقد أُغلقت الخدمات الحكومية، وانخفضت قيمة العملة الأفغانية بسرعة، وارتفعت تكاليف الغذاء بشكل حاد، وعاش أكثر من 34 مليون شخص في فقر، وأغلقت معظم المنظمات الدولية مكاتبها وقد أثرت هذه العوامل على العديد من الأفغان الذين يعيشون في جميع أنحاء البلاد، وخاصة مجتمعات الهزارة، التي تعرضت أيضاً للتمييز والهجوم في ظل نظام طالبان السابق في أواخر التسعينيات واليوم أيضاً يواجهون تهديدات متزايدة بالاعتقال التعسفي، والاختفاء، وفقدان الوظائف والتعليم، والحرمان من المساعدات الإنسانية، والتهجير القسري.

جاء في جزء من قرار الأمم المتحدة المسمى اليوم العالمي "لإحياء ذكرى ضحايا أعمال العنف القائمة على أساس الدين أو المعتقد" أنه "لا ينبغي أبداً استخدام الدين أو المعتقد لتبرير التمييز وعندما يواجه الضحايا الاضطهاد الديني أو التمييز، فإنهم غالباً ما يُحرمون من الحق في المشاركة في الحياة السياسية والاقتصادية والثقافية، فضلاً عن حقوقهم في التعليم والصحة ويمكن أن يشمل هذا العنف تدنيس وتدمير المواقع الثقافية ذات القيم التاريخية والدينية، مثل أماكن العبادة والمقابر".

 

الإبادة الجماعية ضد الإيزيديين

في 3 آب/أغسطس 2014، هاجم داعش المدعوم من تركيا، والذي استولى على الموصل قبل ذلك قضاء شنكال، الذي كان في ذلك الوقت موطناً لمئات الآلاف من الكرد الإيزيديين، مما أسفر عن مقتل الرجال بشكل جماعي ثم فصل الأطفال عن أهلهم، وبعد اغتصاب النساء، تم أخذهن كأسيرات ونقلن إلى المدن التي تحت سيطرتهم لتصبحن "سبايا" وخادمات.

وتعد شنكال إحدى المناطق المتنازع عليها بين الحكومة العراقية وحكومة إقليم كردستان واستولى الحزب الديمقراطي الكردستاني العراقي عليها بعد سقوط الموصل، وأثناء هجوم داعش عليها تراجعت قوات الحزب الديمقراطي الكردستاني العراقي دون أي مقاومة أو صراع واستسلم الشعب الإيزيدي لداعش.

فقط قوات الدفاع الشعبي ووحدات حماية المرأة في إقليم شمال وشرق سوريا (YPJ) سارعت لمساعدة الشعب الإيزيدي في شنكال وأنقذت آلاف الأشخاص من المذبحة المستمرة، وعلى الرغم من عدم توفر العدد الدقيق للضحايا حتى الآن، إلا أنه يقال إن المئات من الناجين من الإبادة الجماعية "فرمان74" ضد الشعب الإيزيدي ما زالوا في أسر داعش.

 

ترتكب تركيا إبادة جماعية بشكل منهجي ضد الشعب الكردي

إن ذبح المجتمعات باسم الدين كان دائماً موجوداً في التاريخ، وله تاريخ قديم قدم ظهور الدين والشعائر، والسلطات التركية التي لها تاريخ طويل في الإبادة الجماعية للشعب الكردي، ارتكبت جرائم ضد الإنسانية خلال السنوات القليلة الماضية بحجة حماية حدودها ونفذت هجمات واسعة النطاق على إقليم شمال وشرق سوريا وإقليم كردستان واحتلت عدة مدن في إقليم شمال وشرق سوريا وطردت سكان هذه المناطق من أرض أجدادهم واستبدلتهم بمجموعات موالية لها.

وبعد الهزيمة الفادحة في معركة "ساري قميش" عام 1915 على يد القوات الروسية، اتهمت الأرمن المسيحيين بالخيانة، وبدأت بترحيلهم بشكل جماعي إلى البادية السورية وأماكن أخرى وقُتل مئات الآلاف من الأرمن أو ماتوا بسبب الجوع والمرض خلال هذه الإبادة الجماعية، تم ذبح 1.5 مليون أرمني بين عامي 1915 و1916.

كذلك، خلال عامي 1937 و1938 في مدينة ديرسم التابعة لشمال كردستان، والتي تسمى الآن مقاطعة تونجلي، قام الجيش التركي بمذبحة بحق الكرد العلويين انتقاماً منهم بسبب إيوائهم للأرمن، وشنت هجمات واسعة النطاق على مدينة ديرسم. وكانت خطورة هذه الهجمات كبيرة لدرجة أن سلاح الجو التركي شارك أيضاً في عملية القتل هذه، وخلال هذه المذبحة، قُتل أكثر من سبعين ألفاً من الكرد العلويين واللاجئين الأرمن على يد الجيش التركي وتم ترحيل الآلاف من الأشخاص. ولا يزال مصير آلاف النساء الكرديات المختطفات مجهولاً.

في أجزاء كثيرة من العالم، يتم انتهاك حقوق الناس في قبول الشعائر الدينية بحرية وأداء الشعائر الدينية بشكل سلمي، ويتم استخدام الرأي المخالف للدين الرسمي للقمع والقتل بذرائع مثل تهديد الأمن القومي وإهانة المقدسات.