الدولة التركية ومرتزقتها تصطدم بجدار المقاومة النسائية -تحليل

في إقليم شمال وشرق سوريا، تتواصل الاعتداءات على النساء اللاتي قلبن كل قوانين الذكورة رأساً على عقب، بلا هوادة، وكلما اصطدمت الاعتداءات بجدار المقاومة النسائية، تزداد الجرعة أكثر فأكثر، ورغم ذلك لا تتخلى النساء عن النضال.

ساريا دنيز

مركز الأخبار ـ "المقاومة" هذه الكلمة تناسب النساء في إقليم شمال وشرق سوريا أكثر من غيرهن في السنوات الأخيرة، تتجلى مقاومة النساء الصامدات، اللواتي تقلن "لن أكون كما تريدون، لن أسير في هذا الطريق"، والأهم من ذلك كله اللواتي تقلن "أنا أيضاً"، إن اللاتي تردن أن تجعلن هذا القرن قرن النساء وتجعلن أصواتهن مسموعة في جميع أنحاء العالم تكتبن ملحمة ثورتهن الخاصة. النساء اللاتي تقلبن كل قوانين الذكورة رأساً على عقب، وتظهر بكل ممارساتهن كيف يمكن إقامة حياة متساوية في كل مجال يمكن تصوره وكيف يمكن أن تكون هذه الحياة ممكنة، هذا هو بالضبط سبب استمرار الهجمات على النساء دون توقف، وكلما اصطدمت الهجمات بجدار مقاومة المرأة، تزداد أكثر فأكثر.

 

تكثيف الهجمات

شنت مرتزقة ما يسمى بـ "هيئة تحرير الشام" هجوماً على مدينة حلب السورية في السابع والعشرين من تشرين الثاني/نوفمبر الفائت، واخذت هذه الهجمات منحى مختلف، حيث بدأت مرتزقة الاحتلال التركي هجماتها على مناطق الشهباء ابديت مقاومة كبيرة في مناطق الإدارة الذاتية التي استهدفتها الهجمات.

وقد اضطر أكثر من 200 ألف شخص من أهالي مدينة عفرين الواقعة تحت احتلال الدولة التركية والمرتزقة التابعة لها منذ عام 2018 إلى الهجرة إلى الشهباء، وقد ناضلوا هناك حتى الآن من أجل الحياة وقاوموا هجمات المرتزقة، ومع اجتياح مدينتي حلب وإدلب في 27 تشرين الثاني/نوفمبر الفائت، حاصر مرتزقة الاحتلال التركي الشهباء بالكامل من أربع جهات هذه المرة، وفي 2 كانون الأول/ديسمبر الجاري، اشتدت الهجمات على منطقة تل رفعت والشهباء، ما أجبر أهالي عفرين للنزوح مرة ثانية.

تتشابه كل هذه التطورات والصور التي تظهر النساء على طرق النزوح مع ما حدث من قبل، لا سيما أن ممارسات وخطابات مرتزقة الاحتلال التركي على وسائل الإعلام الرقمية ضد الأسيرات الجريحات في حلب أظهرت مرة أخرى أن المستهدف من هذه الاعتداءات هن النساء ومكتسباتهن.

 

احتجاز النساء كرهائن

أعلنت القيادة العامة لوحدات حماية المرأة (YPJ) أن العديد من النساء تم أسرهن من قبل المرتزقة خلال الهجمات، وفي الوقت الذي تستخدم فيه المرتزقة الأسيرات كأداة دعائية في وسائل الإعلام، يُسمع في مقاطع الفيديو التي تم نشرها، صوت المرتزقة وهم يعبرون عن غضبهم تجاه النساء بعبارة "سنبيعكن مرة أخرى في الأسواق"، أعادت هذه الكلمات إلى الواجهة مرة أخرى سياسات الحرب الخاصة للدولة التركية ومرتزقتها ضد النساء خاصة اللواتي تم سبيهن وبيعهن في "البازارات" والرائدات.

فمنذ عام 2014، لجأت الدولة التركية التي كانت تدعم المرتزقة بشكل علني إلى كل وسائل الهيمنة الذكورية ضد ثورة النساء، ظهرت كراهية النساء بشكل ملموس في ممارسات غير إنسانية، فالدولة التركية التي تعادي كل من يقف ضد سلطتها، والمرتزقة التابعة لها أعطت رسالتها من خلال استهداف النساء في هجماتها، في السياسات المتبعة من خلال تدمير النساء، تشكلت الاستراتيجية من خلال أجسادهن كذلك، وقد تم تنفيذ هذه الممارسة التي تعد تقليداً من تقاليد الدولة في تركيا منذ الثمانينيات.

مع حكومة حزب العدالة والتنمية، أعيد تطبيق السياسة المتعلقة بالنساء خلال فترة حظر التجول، حيث قُتلت النساء بوحشية في الشوارع، وعُرضت أجسادهن العارية على مواقع التواصل الاجتماعي، كانت أكين وان (كيفسر آلتورك) واحدة من هؤلاء النساء، تم الإعلان عن استشهادها في العاشر من آب/أغسطس عام 2015، لقد مثل بجثمانها ونشرت صور لجسدها العاري وصور تعذيبها على وسائل الإعلام الرقمية.

وخلال تلك الفترة، طُبقت ممارسات مماثلة على جثامين ليس فقط المقاتلات بل كذلك المدنيات، فخلال "حظر التجول" في سلوبي، قُتلت طيبة إينان البالغة من العمر 50 عاماً بالرصاص أمام منزلها، لقد فقدت حياتها في وسط الشارع على بعد أمتار قليلة من أطفالها، تم منع الاقتراب من جثتها لمدة 7 أيام، وبقيت حيث توفيت أمام أعين العالم أجمع، ليتم دفنها بعد مرور 7 أيام بلياليها.

 

قُتلت هيفرين خلف بوحشية

السنوات الأخيرة مليئة بالأمثلة التي تحوّل فيها جسد المرأة إلى ساحة معركة، كانت الأمين العام لحزب سوريا المستقبل هفرين خلف التي كانت تبلغ من العمر 35 عاماً واحدة منهن، حيث تم إيقاف السيارة التي كانت تستقلها من قبل مرتزقة الدولة التركية، تم تسجيل الفظائع التي وقعت بعد إخراج هفرين خلف من السيارة لحظة بلحظة، لقد تعرضت للتعذيب حتى الموت.

امارة ريناس

كما تردد اسم أمارة ريناس (عزيزة جلال) التي تنتمي إلى حزب الشباب من أجل العدالة والتنمية مع مقتلها، حيث نشر مرتزقة الاحتلال التركي مقطع فيديو على حساباتهم على وسائل الإعلام الرقمية يظهرون فيه وهم ينكلون بجثة امارة ريناس المقاتلة في صفوف وحدات حماية المرأة، التي تم ذبحها في قرية جلبية بمدينة كوباني في إقليم شمال وشرق سوريا.

 

بارين كوباني

وهو الحال بالنسبة للمقاتلة في صفوف وحدات حماية المرأة (YPJ) أمينة مصطفى عمر (بارين كوباني) التي استشهدت في قرية القرنة في منطقة بلبلة مدينة عفرين، حيث تم التنكيل بجسدها العاري وتم تصوير تلك اللحظات بالكاميرا، وقد تناقلت الصحف الدولية هذه المجزرة عبر صفحاتها.

 

تم قتل النساء بشكل انتقائي

الأم عقيدة، زهرة بركل، هبون ملا خليل، أمينة ويسي، سعدة الهرماس، هند الخضير، روجين عيسو، نوجيان أوجلان، فيان كوباني، دلار حلب، روناهي كوباني، جيهان نضال علي، جيان تولهلدان، روج خابور، بارين بوتان، ناكيهان أكارسال، كولستان تارا، هيرو بهاء الدين، وعشرات النساء اللواتي تم استهدافهن وقتلهن، تم اختيار النساء اللاتي ناضلن من أجل فلسفة "Jin Jiyan Azadî" واللاتي تبنين فكرة جعل القرن الحادي والعشرين قرن المرأة في كردستان والشرق الأوسط وجميع أنحاء العالم.

 

مراكز تجميع النساء

تقوم مرتزقة الدولة التركي التابعة لها بتنفيذ سياسات "خاصة" ضد النساء في المنطقة منذ سنوات، وينعكس ذلك في تقارير المنظمات الدولية، فقد وثّق تقرير قُدّم إلى المفوض السامي لحقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، الاحتجاز التعسفي والتعذيب والعنف الجنسي والعنف القائم على النوع الاجتماعي على نطاق واسع في عفرين، وكشف التقرير أن العديد من أهالي عفرين تعرضوا للعنف الممنهج مثل أخذهم كرهائن والتعذيب والاغتصاب والقتل والطرد القسري من منازلهم، كما تناولت التقارير الاعتداءات الجنسية على النساء في السجون الخاصة أو معسكرات الاعتقال في عفرين، ومن ناحية أخرى، تم اختطاف مئات النساء والفتيات في عفرين وحدها من قبل المرتزقة التي تدعمها الدولة التركية، وقد أمكن الوصول إلى عدد قليل فقط من النساء والفتيات مقابل دفع فدية.

لا يزال الآلاف من الإيزيديين في عداد المفقودين

منذ عام 2014، شن داعش هجوماً على الشعب الإيزيدي، قُتل خلالها أكثر من ثلاثة آلاف رجل وامرأة وطفل إيزيدي، واختُطف ما لا يقل عن 6800 إيزيدي، معظمهم من النساء والأطفال، وتم إجبار النساء والفتيات على الاسترقاق والاغتصاب المنهجي، انعكست الأسواق التي أقيمت للنساء والفتيات المختطفات وكيفية بيعهن في وسائل الإعلام الرقمية، وتم الكشف في العديد من المرات عن إنشاء أسواق افتراضية تعرض صور النساء والفتيات المختطفات عليها، ووفقاً لبيانات مكتب إنقاذ الإيزيديات المختطفات، فإن ما يقدر بـ 2600 إيزيدي لم يتم العثور عليهم حتى الآن، وعلاوة على ذلك، فإن معظم هؤلاء الأطفال كانوا صغاراً جداً بحيث لا يتذكرون أنهم إيزيديون.

 

استمرار المقاومة من أجل ثورة المرأة السورية

في حين أن هذه الصورة التي هي جزء صغير فقط من كل ما حدث، تظهر أن هناك الكثير مما حدث، فقد جاء في البيان الأخير للجنة التحقيق الدولية المستقلة التابعة للأمم المتحدة بشأن سوريا أنه "يجب ألا تتكرر فظائع السنوات الماضية"، مطالبة بوضع حد لما حدث حتى الآن، واليوم، هذه المرتزقة التي تتصدر الأخبار في تركيا بوصفها "جماعات المعارضة في سوريا" تهاجم النساء اللواتي تناضلن من أجل مستقبلهن الحر، تواصل النساء في روج آفا المقاومة والنضال ضد هذا الدمار.