الدمار يعم أحياء مدينة السويداء والعائلات الدرزية تكابد لتعيش
يواجه المكون الدرزي في مدينة السويداء جنوب سوريا الجوع والتهجير بعد أن هربت العائلات من الإبادة الطائفية والعرقية التي أعلنتها الحكومة المؤقتة التي لم تخرج من عباءة هيئة تحرير الشام بقيادة أحمد الشرع "الجولاني".

روشيل جونيور
السويداء ـ منذ يوم الأحد 13 تموز/يوليو تعيش مدينة السويداء جنوب سوريا واحدة من أسوأ فصول تاريخها، بعدما تحولت أحياؤها السكنية إلى ساحات معارك، وانهارت معالم الحياة المدنية تحت وطأة القذائف والرصاص، وسط موجات من النهب والقتل والتهجير القسري.
المدينة التي كانت تعرف بهدوئها النسبي في ظل الأزمة السورية، شهدت تحولاً مفاجئاً ومروعاً، مع تصاعد أعمال العنف والانتهاكات التي استهدفت المدنيين، خاصة النساء والأطفال، وسط غياب كامل للحماية وانعدام أصوات الإنقاذ.
شهادات من قلب المأساة
في منطقة دوار الثعلة تروي روجينا الصحناوي إحدى الناجيات، ما عاشته هي وعائلتها، في شهادة تعكس عمق الكارثة الإنسانية التي تعصف بالسويداء.
ووصفت ما شهدته بالقول أن "القذائف مثل زخ المطر، وقد هربنا في اللحظة الأخيرة"، مضيفةً "كنا في منزلنا في دوار الثعلة حين بدأ إطلاق النار بشكل كثيف، ثم توالت القذائف كأنها مطر غزير. مرت الصواريخ بين البنايات، واضطررنا لمغادرة المنزل بسرعة بعدما أصبح صوت الانفجارات لا يحتمل. الإرهابيون بدأوا بسرقة البيوت وإحراقها، وتمكنا من الفرار إلى قريتنا (الجنينة) شمال شرق السويداء، التي كانت أكثر استقرارا في البداية، لكن سرعان ما وصل القصف إليها أيضاً".
وبينت أنه "بعد انسحاب ما يسمى بقوات الأمن العام ووزارة الدفاع من السويداء، قررنا العودة إلى منزلنا، لكننا فوجئنا بدماء أمام الباب. أخبرنا أحد الجيران أن عناصر مسلحة جاؤوا وسألوا عنا، ثم أنزلوا جارنا من شقته وذبحوه أمام بابنا. اقتحموا المنزل، كسروا النوافذ، وفتشوه أكثر من خمس مرات، وكانت نيتهم واضحة وهي قتلنا".
وأكدت أن ما يسمى بالأمن العام وقوات وزارة الدفاع التابعة للحكومة المؤقتة "قتلوا الجيران، أحرقوا البيوت، وسرقوا السيارات، واقتحموا المحالات التجارية، وأحرقوا دخان السجائر وسرقوا المعلبات، وعندما عادوا إلى الحي من جديد، كنا نسمع صيحات التكبير بجوارنا، ما زرع الخوف في قلوبنا".
"عدنا فوجدنا منزلنا محترقاً"
كذلك تؤكد جنى الصحناوي أن وضعهم لا يختلف عن بقية السكان "حين عدنا إلى بيتنا بعد غياب قسري، وجدناه محترقاً بالكامل، وأغراضنا منهوبة، حتى الطعام لم يسلم. وضع الجيران لم يكن أفضل؛ الجميع بلا مأوى، بلا طعام، بلا أدنى درجات الأمان، والمشافي تعاني من نقص فادح، والجثث لا تزال مرمية على الطرقات، إذ لا يمكن دفنها بسبب المخاطر المحيطة من كل جانب، ونحاول إيصال مواد طبية ومنظفات إلى المستشفيات، لكن الطريق محفوف بالمخاطر".
وشددت على أن مدينة السويداء "تحتاج لمساعدات عاجلة فالناس بلا مأوى ولا غذاء، والاحتياجات الأساسية منقطعة. الناس الذين تهجروا من بيوتهم بحاجة ماسة إلى الطعام، والملابس، والماء، والكهرباء، وحتى شبكات الاتصال غير متوفرة. لا نستطيع شحن هواتفنا، ولا نعلم ما يجري حولنا".
وختمت بالقول أن السويداء باتت مدينة منكوبة "الأفران متوقفة بسبب غياب المواد الأساسية، والوقود من بنزين ومازوت غير متوفر، العائلات التي احترقت منازلها تلجأ اليوم إلى دور العبادة والمدارس. هناك أكثر من مئة شخص لا يملكون حتى رغيف خبز. هربوا من الموت… واليوم يواجهون العراء والجوع".