الأوصياء وأحكام الإعدام قضايا تعانيها النساء في إيران وتركيا

أعلنت نساء شرق كردستان تضامنهن مع المرأة الكردية في شمال كردستان، كونه لديهن فهم مشترك للقمع وعدم المساواة، وهذا الارتباط خارج الحدود مثال على قوة تضامن المرأة ضد السياسات القمعية في المنطقة.

لانا محمدي

أورمية ـ تعود جذور الاحتجاجات الشعبية في شمال كردستان بشكل أساسي إلى الصراعات السياسية والثقافية والاجتماعية بين السلطة المركزية في تركيا وشمال كردستان، وإحدى القضايا المهمة التي تسببت في الاحتجاجات المستمرة إقالة رؤساء البلديات المنتخبين والسياسات المتعلقة بإدارة البلديات في شمال كردستان.

بعد أن قامت بعض البلديات في شمال كردستان بأعمال ثقافية مثل تعليق لافتات باللغتين التركية والكردية أو تغيير أسماء الشوارع، اعتبرت السلطات التركية هذه التصرفات بمثابة تهديد للوحدة الوطنية كونه غالباً ما تؤكد السياسات التركية على "أمة واحدة، ولغة واحدة، وعلم واحد".

والأنشطة الثقافية واللغوية التي تقوم بها البلدية تحت إشراف الكرد، مثل دعم تدريس اللغة الكردية أو إقامة الاحتفالات الثقافية، تنظر إليها السلطات التركية على أنها قضية أمن قومي وتحاول قمع الأنشطة الثقافية والسياسية والاجتماعية.

وقد أدانت منظمات حقوق الإنسان والمؤسسات الدولية بشدة إقالة رؤساء البلديات، معتبرةً أن هذه الإجراءات بمثابة انتهاك للحقوق الديمقراطية وللحريات السياسية، وأن إلغاء البلديات الشعبية في تركيا، والذي يتم تبريره بشكل رئيسي لأسباب أمنية وسياسية، هو إحدى أدوات السلطة المركزية للسيطرة على السلطة السياسية للأحزاب الكردية وتعزيز الوحدة القومية، لكن هذه السياسات لم تساعد في تخفيف التوترات.

زينة. م طالبة علوم سياسية اهتمت بقضية الأوصياء في شمال كردستان والاحتجاجات المرتبطة بها، قالت عن ذلك "إن إقصاء الأوصياء في شمال كردستان، والتي تضم بشكل رئيسي المناطق الكردية في تركيا، هي قضية معقدة ذات أبعاد سياسية وأمنية واجتماعية، وقد تم تحديد هذه السياسات بوضوح في إطار السيطرة المركزية على الحكومة ومنع تعزيز الهوية الوطنية الكردية، ومن وجهة نظري، بدلاً من حل المشكلة، أدى هذا النهج إلى إثارة الاستياء والاحتجاجات العامة".

وأضافت أنه في شمال كردستان، تلعب البلديات دوراً مهماً في تقديم الخدمات المحلية وتمثيل الناس، وأن إقالة رؤساء البلديات المنتخبين واستبدالهم بأوصياء معينين من قبل السلطات ينتهك مبادئ الديمقراطية والسيادة الشعبية، ويشكل هذا الإجراء ضربة كبيرة خاصة للنساء والشباب في هذه المناطق، الذين يبحثون أكثر عن المشاركة السياسية والاجتماعية "لقد شاركت العديد من النساء في الأنشطة الاجتماعية في البلديات والمجالس المحلية، والآن سلبت منهن هذه الفرصة".

وحول احتجاج أهالي شمال كردستان ودور المرأة في هذه الاحتجاجات قالت إنها تنبع من عدم الرضا عن القمع السياسي وتجاهل إرادتهم، وتلعب النساء دوراً مركزياً في هذه الاحتجاجات، كونهن تلعبن دوراً في الثقافة السياسية الكردية "خاصة في الأحزاب السياسية الكردية مثل حزب الشعوب الديمقراطي، يتم الاعتراف بالنساء الكرديات اللاتي لديهن تاريخ في النضال من أجل المساواة بين الجنسين كقائدات ورموز للمقاومة في هذه الاحتجاجات".

وعن العلاقة بين نساء شمال كردستان وشرقه قالت "يمكن رؤية هذا التضامن على المستوى الثقافي والسياسي والاجتماعي، النساء في شرق كردستان، وخاصة في المناطق التي تواجه قضايا عرقية وجنسانية مماثلة، تتعاطفن مع وضع المرأة في شمال كردستان، وتؤكد الحركات النسائية وفلسفة Jin Jiyan Azadî في شرق كردستان وإيران، التي انبثقت عن الانتفاضات الأخيرة، على مفاهيم تناضل من أجلها المرأة الكردية في شمال كردستان".

وأوضحت أن نساء شرق كردستان، مدركات للظروف الصعبة التي تعيشها المرأة الكردية في تركيا، وأعربن في كثير من الأحيان عن تضامنهن على مواقع التواصل الاجتماعي والمنابر الدولية، وقد تجلى هذا التضامن، خاصة في الاحتجاج على اضطهاد المرأة في كلا البلدين، من خلال نشر الرسائل وعقد اللقاءات التوافقية والمشاركة في المسيرات الاحتجاجية.

 

تضامن نساء شرق كردستان مع احتجاجات شمال كردستان

إن فلسفة Jin Jiyan Azadî، التي انبثقت من قلب النضالات الكردية، أصبحت الآن شعاراً عالمياً للمساواة والحرية، ويُعرف هذا الشعار بأنه الصوت الأساسي للحركات النسائية في إيران وقد أنشأ جسراً بين نساء إيران وتركيا والكرد، ومن خلال المنصات الإلكترونية، نشرت النساء مقاطع فيديو لدعم نساء شمال كردستان، ويساعد هذا النوع من النشاط على رفع مستوى الوعي وتعزيز الصوت المشترك.

وتقول نارين، ناشطة مدنية من بيرانشهر "هذه الاحتجاجات هي رمز للنضال من أجل الحقوق الديمقراطية. إن تعيين الأوصياء نوع من التجاهل لإرادة السكان المحليين، وعندما تقود النساء هذه الاحتجاجات، فإن ذلك يظهر أنهن لا تناضلن من أجل حريتهن فحسب، بل من أجل المجتمع بأكمله، وهذه أكثر من مجرد مشكلة محلية؛ وبطريقة ما، فهي تعبير عن الحق السيادي للشعب ضد الظلم".

وعن نضال المرأة المشترك للنساء في شرق كردستان وشمالها قالت "في شرق كردستان وإيران، نواجه أيضاً قمع الحريات الفردية والاجتماعية، كما هو الحال في تركيا وشمال كردستان يتم تقييد حق الشعب في الاختيار، لقد ناضلنا هنا عدة مرات من أجل حقوقنا الأساسية، وحكم الإعدام على بخشان عزيزي ووريشة مرادي الذي هو نتيجة النضال المشترك ضد اضطهاد وقمع النظام الأبوي والكاره للنساء في إيران، فنضالاتنا هي جزء من حركة عالمية ضد الاستبداد ومن أجل الحرية".

وأضافت "التضامن بيننا يمكن أن يُلهم من فلسفة Jin Jiyan Azadî، فعندما ترى النساء أن صوتهن الاحتجاجي مسموع خارج الحدود، تجدن المزيد من الأمل والحافز لمواصلة النضال، ومن خلال الدعم الإعلامي وتبادل الخبرات ورسائل التعاطف، يمكننا أن نظهر أننا لسنا وحدنا وأننا في نفس المعقل من شرق كردستان إلى شمال كردستان. لم يلتزم الشعب الصمت خلال هجوم داعش على كوباني وشنكال، بل نظمت حملات شعبية لجمع المساعدات لشعب روج آفا، ونظمت مسيرات عديدة في الشوارع وتم اعتقال العديد من الأشخاص، وبالنسبة لنا، شمال كردستان صدى لفلسفة مقاومة المرأة وحياتها وحريتها، والشعب لا ينسى مقاومته أبداً، وسياسات ونضالات أمهات السلام والناشطين في البلديات دائماً مثال قوي للنضال لشعب كردستان".

 

محاربة السياسات القمعية

وأكدت أن النساء في مختلف الأماكن اللاتي تتعرضن لسياسات قمعية جنسانية، يفهمن جيداً مشاعر ومشاكل نساء شمال كردستان، وهذا الفهم المشترك هو الدافع للنضال المنسق والاحتجاج ضد السياسات الاستبدادية.

أثار تعيين الأوصياء في شمال كردستان كجزء من سياسات السيطرة المركزية في تركيا الغضب والاحتجاج بين الشعوب وخاصة النساء، كما أعلنت نساء شرق كردستان تضامنهن مع النساء الكرديات في شمال كردستان، كنضال مشترك ضد القمع وعدم المساواة، وهذا الارتباط خارج الحدود هو مثال على قوة تضامن المرأة ضد السياسات القمعية في المنطقة.