"الإصرار على عدم التخلي عن اللغة الأم ضرورة مُلحة"

حماية اللغة الأم من الاندثار والضياع عبر التاريخ ضرورة مُلحة، وهي ركيزة رئيسية لحماية وجود وهوية وثقافة كل شعب على هذه الأرض، والحفاظ عليها حفاظ على التنوع الثقافي وتعزيز للتسامح بين كافة الشعوب

سيلين محمد
قامشلو ـ . 
أقرت الجمعية العامة للأمم المتحدة رسمياً يوم الـ 21 من شهر شباط/فبراير يوماً عالمياً للغة الأم، بعد إعلانه للمرة الأولى من قبل منظمة اليونسكو في الـ 17 من شهر تشرين الثاني/نوفمبر عام 1999 وقررت إنشاء سنة دولية للغات عام 2008، ومنذ عام 2000 تم الاحتفال باليوم الدولي للغة الأم، كخطوة لتعزيز السلام وتعدد اللغات في جميع أصقاع العالم وحماية جميع اللغات.
وقد تعرضت اللغة الكردية للكثير من الهجمات من قبل قوى الاحتلال والأنظمة الفاشية التي توالت على كردستان سعياً لصهر اللغة الكردية، وطمس هوية شعبها، لكن الكُرد ظلوا متمسكين بكل قوة بلغتهم وعملوا على حمايتها من الاندثار.
ومع اقتراب اليوم العالمي للغة الأم، تحدثت لوكالتنا "وكالة أنباء المرأة" عدد من الطالبات اللواتي يدرسنَّ بلغتهن الأم "اللغة الكردية" في مدينة قامشلو في شمال وشرق سوريا. 
الطالبة بيناس رسول قالت إن "الأنظمة التي حكمت كردستان فرضت أحكاماً وقيوداً صارمة للقضاء على اللغة الكردية، وصهرها في لغات المجتمعات الأخرى".  
وأضافت أنه مع اندلاع شرارة ثورة روج آفا في 19 تموز/يوليو عام 2012 تمكنت من تعلم لغتها الكردية بكل حرية دون أي قيد أو شرط، وأنها تشعر بالسعادة والفخر لذلك، "اللغة هي أساس المجتمعات، والهوية المُعبرة عن تاريخ وحضارة الإنسان وتراثه".  
وللحفاظ على اللغة الأم من الضياع والاندثار، دعت الطالبة بيناس رسول الجميع لتعلم لغتهم الأم "ضياع اللغة الأم هو ضياع للثقافة والوجود، لن نسمح لأي أحد من دفن لغتنا"، مؤكدة على أنها ماضية دون هوادة وبكل شغف لتعلم لغتها، وأنها ستقوم بكل ما يقع على عاتقها للحفاظ على اللغة.  
الطالبة ألينا حمزة يوسف لم تخفي سعادتها بتعلم لغتها الأم تقول "الشعب الكردي أصبح باستطاعته التكلم بلغته دون خوف، ونحن الطلبة بإمكاننا اليوم الكتابة بلغتنا التي حرم آباؤنا وأجدادنا من تعلم حروفها".
ولم تنسى ألينا يوسف شكر كل من ساهم في هذا الإنجاز "أشكر كل من بذل جهداً وناضل في سبيل تعليم الأطفال اللغة الكردية، ودعمونا ومنحونا الثقة، وطوروا من فكرنا ولغتنا".
تؤكد أنها تعتز بلغتها الكردية وتدعوا الجميع لحماية لغتهم من الضياع وتطويرها، "لغتنا هويتنا وتاريخنا يجب أن يُكتب باللغة الكردية، وجيلنا يجب أن ينهض ويتقدم بلغته الأم".
الطالبة ميديا محمد سعيد أشارت إلى أن تعلم اللغة الكردية كان بمثابة حلم لها، "في السابق لم نكن نستطيع التكلم بلغتنا، لكن ثورة روج آفا مكنتنا من الحصول على حقنا في التعلم بلغتنا الأم كباقي الشعوب الأخرى". 
وأكدت أن الشهداء هم أصحاب الفضل في استعادة هذا الحق "الذين ضحوا بأرواحهم لهم الفضل الأكبر في أن نتكلم ونكتب بلغتنا الأم ونطورها، فالفضل في افتتاح الجامعات والمعاهد والمدارس، وأن تكون اللغة الكردية من اللغات الأساسية هنا في روج آفا يعود إلى تضحيات شهدائنا". 
وتُعرف اللغة الكردية بأصالتها وعراقتها التاريخية وغناها بلهجاتها ومفرداتها، ورغم كل عمليات الإبادة وسياسات التتريك، التعريب، والتفريس حافظت على وجودها.