الانتخابات النيابية اللبنانية... قراءة أولية ترصد مشاركة النساء
بالاستناد إلى قراءة أولية لنتائج الانتخابات اللبنانية يمكن التأكيد أن حضور المرأة كان واضحاً ومؤثراً، وشكل نقطة تحول مهمة، ليس في حجم تمثيلها فحسب، وإنما في تصويب مسار الانتخابات برمتها.
سوزان أبو سعيد
بيروت ـ الهزائم التي مُنيت بها أحزاب السلطة كان للمرأة دور في إقصاء الكثير من رموزها، أي أن النساء شكلن في استحقاق عام 2022 قوة ناخبة صوبت مساراً سياسياً امتد لعقود ثلاثة، فكانت جزءاً من هذا الانتصار وهذا مرده إلى رفض المرأة سلطة الوصاية عبر قوى تقليدية حرمتها أدنى حقوقها.
شهدت الدوائر الانتخابية نسب مشاركة مختلفة، إلا أن دائرة جبل لبنان حظيت بالنسبة الأكبر حيث قاربت نسبة المشاركة الـ 60%، مع تسجيل خروقات كبيرة تمثلت بوصول الصوت التغييري ولا سيما أصوات النساء إلى المجلس النيابي.
وفي نتائج أولية، حتى وقت كتابة هذا التقرير بلغ عدد المرشحات الفائزات 9 مقابل 6 نساء مقارنة بالعام 2018، حيث تمكنت بداية المرشحة عن حزب القوات اللبنانية (دائرة صيدا ـ جزين - الجنوب) غادة أيوب من حصد النسبة الأعلى من الأصوات في دائرتها، كما وتمكنت الدكتورة حليمة قعقور والدكتورة نجاة عون صليبا من دائرة عاليه - الشوف عن لائحة "توحدنا للتغيير" المستقلة (المجتمع المدني) من التقدم بحاصل انتخابي أهلهن لدخول البرلمان الجديد.
وتمكنت النائب السابقة بولا يعقوبيان في بيروت ومعها المرشحة سينثيا زرازير عن مقعد الأقليات (أشوريين، كلدان، أقباط وغيرهم) في دائرة بيروت الأولى من الحصول على الحاصل الانتخابي، وحصول النائب السابق ستريدا جعجع المرشحة عن القوات اللبنانية في دائرة بشري الشمال الثالثة على الحاصل الانتخابي، والنائب السابق عناية عز الدين عن الجنوب عن الثنائي الشيعي (أمل وحزب الله)، ووزيرة الطاقة والمياه السابقة عن التيار الوطني الحر عن دائرة كسروان ـ جبيل ندى البستاني.
وكان لوكالتنا جولة في دائرتي عاليه ـ الشوف ودائرة بعبدا في جبل لبنان، حيث تم استطلاع آراء النساء حول مشاركتهن في عملية الاقتراع.
قالت برت أنطون وهي مندوبة للتيار الوطني الحر في قلم اقتراع بلدة عاريا قضاء بعبدا "سأقوم بالاقتراع لأوصل صوتي، وهو واجب خصوصاً في هذا الوضع المزري الذي نحن فيه لإيصال كل إنسان إلى مراكز صنع القرار، لا يسعى سوى لتحقيق مطالب الناس في محاولة لإنقاذ البلاد من الانهيار، وأتمنى أن يتمكن العنصر النسائي أن يعمل وليس ضرورياً عبر المجلس النيابي، أو وفقاً للوائح بل من خلال الجمعيات والتي تعنى بالمرأة وما تريده وحقوقها وأن يسمع صوتها وأفكارها".
وقالت إحدى مندوبات حزب الكتائب من خيمة الحزب في قلم اقتراع شويت في قضاء بعبدا ميشال نبهان "أنا ناشطة كتائبية وموجودة هنا على الأرض لنواكب المواطنين في عملية الاقتراع وهو ليس حقهم فحسب بل واجباً على الجميع، وكامرأة كان لدي أمل أكبر في التغيير، إلا أن عدم إقدام الناس على الاقتراع بدد هذا الأمل، فقد استمررنا لفترة أربع سنوات في النضال لنتواجد اليوم هنا، وخصوصاً للحصول على حقوق المرأة وما لم تصل إليه في لبنان، سواء من حيث إعطاء الجنسية لأولادها وحقوقها بشكل عام"، متسائلةً عن سبب المشاركة المتدنية في الاقتراع وخصوصاً في بيروت، "هذا ما لا أفهمه بعد الذي تعرضت له بيروت من انفجار المرفأ، فلماذا لا يأتون ويطالبون بالتغيير ضد هذه الطبقة السياسية؟".
ووجهت رسالة "لكل من لم يصوت، لا يحق لك أن تتذمر أو المطالبة بأي شيء، النساء اللواتي لم تتقدمن للإدلاء بأصواتهن كيف ستطالبن بحقوقكن؟"، وأضافت "ليس لدي نسب لمشاركات النساء في اللوائح، ولكن هناك اثنتان من النساء على لوائح الكتائب في المتن، ولكن تحتاجان للدعم ونحن نؤمن بأن النساء والرجال متساوون".
أما آمال الهندي من زحلة من بلدة شويت قضاء بعبدا فقالت "بالحديث عن المرأة فهي مظلومة في الكثير من حقوقها وخصوصاً في الريف، ومن هذه الحقوق الطبابة وإجازة الأمومة وغيرها، فنحن عمل ولا نشعر بقيمتنا واعتبارنا كنساء كما أن صوتنا غير مسموع، ونتمنى من المجلس النيابي الجديد العمل على تحصيل حقوقنا ولو بالحد الأدنى، لتكر السبحة".
وأضافت "فأنا على سبيل المثال، كنت أعمل دون أي ضمان أو تأمين صحي، واضطررت لتلقي لعلاج على حسابي، لكن كان على الأقل عندما تمرض المرأة أن تحصل على حقوقها من الدولة، فهي أيضاً تبذل الكثير، ونأمل من المجلس النيابي أن يساهم بتحسين أحوالنا وألا يركن القوانين المتعلقة بالمرأة على الرف، وعسى أن يحصل التغيير الحقيقي لصالحنا جميعاً".
من جهتها قالت سميرة داغر من قرية شويت "نأمل من الانتخابات أن يسمع صوت المرأة، وأن تخفف العنصرية، والمطالبة بحقوقها ولا سيما العنف ضد المرأة، وتقدير جهد المرأة العاملة في المنزل".
وقالت عبير منذر وهي امرأة مطلقة ومعيلة لأسرتها من قضاء بعبدا "نحن موجودون اليوم لنشعر بالتغيير الذي نريده، ومن تجربتي الشخصية فقد وصلت إلى منتصف الطريق وإلى وضع اجتماعي معين، ولا أريد أن أقول أني فشلت فيه أو وقفت حياتي بمكان معين، ولكني على الرغم من كل ذلك استمررت بقدراتي وحدي، ولم أتلقى دعماً من أحد، أتمنى من المجلس النيابي الجديد أن يطالب بحقوق المرأة التي لم ننلها حتى الآن، ولم نجدها في أي استحقاق نيابي".
وتأمل أن يكون هذا العام هناك لفتة للمرأة اللبنانية "التي ستنطلق لتربية أولادها من أجل مستقبل أفضل، وليكونوا أسياداً بقراراتهم واستقلالهم وبآرائهم، لكن يتطلب ذلك أن تكون قد حصلت على حقوقها لتستطيع مساعدتهم، فبأي مجتمع يمكنني المساهمة إن طالبت ولم أنل حقوقي؟ وأي أولاد سأطلقهم للمجتمع وبأي مستقبل سأضمنه لهم وأن يكون أفضل مما مررت به؟ صحيح أني امرأة عاملة ومنتجة ومستقلة ولكن هذا تطلب مني جهداً وتعباً كثيراً وانتقاداً كبيراً لأتمكن من الوقوف على قدمي، ودون مساعدة من أحد، وهنا أطلب من السلطات كافة من المجلس النيابي والوزراء والحكومة وصولاً إلى المسؤولين في هذا البلد، ساعدوا الشعب والمجتمع وخصوصاً النساء اللواتي لولاهن لم وقفت البلاد على قدميها".
وقالت ديانا البنا من دائرة عاليه الشوف "لدينا خمس نساء من أصل 12 مرشحاً على لائحة التغيير وهن غادة عيد، حليمة قعقور، نجاة عون صليبا، رانية غيث وزويا جريديني التي تهتم بشؤون المرأة وفي جمعية كفى للحد من العنف ضد النساء، وهو ما يعنيني كناشطة في حقوق المرأة والطفل والمجتمع، وهو ما وجدته في هذه اللائحة، لدي أمل كبير بها".
وأضافت "مهنتي معلمة متعاقدة متخرجة من كلية التربية منذ العام 2003، ومنذ حوالي 16 سنة لم أحصل على حقوقي أو تم تثبيتي في وظيفتي، بل أن مستحقاتي على الساعة الفعلية التي أعلمها، فلا أحصل على بدل خلال العطل الرسمية أو الإضرابات والاعتصامات وغيرها، وهذه خسارة علينا وعلى طلابنا، حيث يخسرون الكثير في مجال التعليم".
وقالت غوى جابر من الحزب الديموقراطي اللبناني في دائرة الشوف ـ عاليه "قررت اليوم الاشتراك بالانتخابات عبر المساعدة مع زملائي، ومشاركتي نابعة من إيماني بالتغيير وأفضل القيام به ولو على مستوى صغير، الأهم أن تصل المرأة إلى مراكز صنع القرار، لأنها قادرة على الإنجاز بل أكثر، فيكفي الوقت الذي حكمنا به الرجال، وما نشهده من قصص للفساد".
وشددت على إيمانها بأن المرأة قادرة على تقديم ما لم يقدمه الرجال على مدى ثلاثين سنة، "أتمنى من كل من يصل إلى المجلس النيابي سواء رجلاً أم امرأة، المساهمة بحصول النساء على حقوقهن، كإعطاء الجنسية لأولادهن، وفتح مجال العمل والإنتاج أمامنا".
وقالت تالين زيدان من الحزب الديمقراطي اللبناني وهي المرة الأولى التي تقترع فيها، بأنها تأمل بـ "إعطاء المرأة حقوقها، وحقوق أطفالها فعلى المرأة أن تكون مدعومة من المجتمع والساسة، فهي طاقة ويمكنها إعطاء الكثير لمجتمعها رغم ظروفها وظروف المجتمع، وما تتعرض له فهي الأقوى وبدون المرأة فلا مستقبل".
وقالت سالي فخرالدين من اللجنة المعلوماتية في الحزب التقدمي الاشتراكي عن دائرة الشوف ـ عاليه "بالنسبة لي فهي المرة الأولى التي اقترع بها، بالنسبة لمشاركة المرأة في الانتخابات النيابية، وقد لاحظنا حماساً وإقبالاً كبيراً من قبل النساء، وحتى من كان ليس لديها معلومات عن كيفية الإدلاء بأصواتهن، فقد ساعدنا بتوجيههن حول كيفية عملية الاقتراع".
وأضافت "المرأة نصف المجتمع وإن وصلت إلى مركز معين تحصل على أفضل النتائج والتغيير المطلوب، ونحن ندعم التغيير والتطور، وأن تصل المرأة لمواقع القرار ليمكنها القيام بواجبها بالصورة الأفضل والمطلوب منها، وما نريده في هذا البلد هو أن نبقى هنا، والمحافظة على سيادتنا فنحن نصوّت بعقلنا ونفكر بالغد، فـ"صوت اليوم إرادة الغد" وهو شعار لائحة الحزب التقدمي الاشتراكي في لائحة "الشراكة والإرادة"، ونسعى لمجتمع لنا سواء كنا رجالاً أو نساء، لنصل إلى الفرص التي نريدها".
بينما قالت فاتن طربيه وهي مندوبة عن لائحة "الشراكة والإرادة" في قضاء بعبدا من بلدة القرية "أملنا كبير في أعضاء هذه اللائحة، آملين في أن تتوقف هجرة الأدمغة، والعنصر النسائي، فهناك مرشحتان على لوائح الحزب التقدمي الاشتراكي على أمل حصول المرأة على حقوقها وتحقيق المساواة داخل المجلس النيابي".
من جانبها قالت منى ضو "أتمنى أن نصل من خلال الانتخابات لنتيجة مرضية، لكني شخصياً لا آمل بتغيير كبير في هذه الانتخابات، بل أجد أننا متجهون للأسوأ، وأتمنى أن تقوم المرأة بدور أكبر في المجتمع، فطالما هي تدير أسرة ومنزل، إذاً قادرة على القيام بدور كامل في المجتمع".
وأوضحت مندوبة لائحة "السيادة والقرار" من بلدة القرية قضاء بعبدا ندى سليم محمود "اقترعت للتغيير وتحسين وضع البلد، وباستطاعة المرأة قلب الموازين جميعها، لا بل باستطاعتها استلام رئاسة الجمهورية وتمثيل البلد بصورة أفضل".
من جانبها قالت تغريد ضو من بلدة القرية وهي من ذوي الاحتياجات الخاصة "لقد شاركت بالانتخابات وذهبت بمعنويات عالية وبنفسية مرتاحة، لدي إرادة وأمل بالتغيير، لأني أعتبر ثورة 17 تشرين انطلقت من كل بيت لبناني، وهي أملنا، لأن التغيير أصبح حاجة ملحة، وحان الوقت لتغيير هذه الإدارة التي دمرت بلادنا على مدى ثلاثين عاماً"، وأشارت إلى أن "التغيير لن يحصل إلا خطوة خطوة، لنبدأ هذا التغيير شيئاً فشيئاً، وليكون صوتنا مؤثراً في صناديق الاقتراع، وأتمنى أن يعود لبنان منفتحاً على جميع دول العالم، وألاّ نحجمه بأن نأخذه إلى أماكن تلغي هويته".
وأضافت "الإنسان الطبيعي في هذا البلد مهدورة حقوقه، فكيف بذوي الحاجات الخاصة، فلدينا شعور بأننا وصلنا إلى مكان أصبحنا فيه عالة على من حولنا، وذلك بسبب الدولة وقوانين لم تسن لحمايتنا كأشخاص، ومن المفترض إقرار قوانين تحمينا لكيلا نشعر بأننا عالة على عائلتنا والمجتمع وبيئتنا، وهناك مطالب كثيرة على الدولة تحقيقها فمثلما في أي دولة يتم الاهتمام بذوي الاحتياجات الخاصة وتأمين احتياجاتهم، فوزارة الشؤون الاجتماعية لا تؤمن لنا طبابة في لبنان، بل الاستشفاء فقط، ونتمنى من أعضاء المجلس الجديد أن يساهموا بدمجنا في هذا المجتمع وأن يسنوا القوانين لحمايتنا مثل الناس العاديين".