الأمم المتحدة: العنف الجنسي في النزاع يرهب السكان ويدمر الأرواح ويقسم المجتمعات

يحي العالم في التاسع عشر من حزيران/يونيو، اليوم الدولي للقضاء على العنف الجنسي في حالات النزاع، بهدف التوعية بالحاجة إلى وضع حد للعنف الجنسي المرتبط بالنزاعات وتكريم ضحايا العنف الجنسي في جميع أنحاء العالم.

مركز الأخبار ـ أكد الأمين العام للأمم المتحدة إن العنف الجنسي أصبح أسلوباً قاسياً من أساليب الحرب والتعذيب والإرهاب والقمع.

في رسالته بمناسبة اليوم الدولي للقضاء على العنف الجنسي في حالات النزاع، الذي يصادف اليوم الأحد 9 حزيران/يونيو، أشار الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، إلى أن الجناة نادراً ما يحاسبون على ما اقترفت أيديهم.

وأوضح في رسالته أن "الناجين هم الذين يتحملون عبء وصمة العار والصدمة طوال حياتهم، وتتضاعف في أحيان كثيرة المحنة المسلطة عليهم من جراء الأعراف الاجتماعية الضارة وبإلقاء اللوم على الضحايا".

وأكد على دعمهم "النساء والفتيات والرجال والفتيان الأكثر ضعفاً وهم يناضلون من أجل العيش بكرامة وسلام في خضم الأزمات الإنسانية"، بما في ذلك عن طريق زيادة الدعم للضحايا والمشردين المعرضين للإتجار والاستغلال الجنسي.

ولفت إلى أن المناطق الريفية ذات أنظمة الحماية الضعيفة تحتاج إلى التركيز للحصول على دعم إضافي، وهذا يعني تعزيز أنظمة العدالة الوطنية لمحاسبة الجناة، وضمان حصول الضحايا على الدعم الطبي والنفسي، ودعم حقوق الناجين، مؤكداً على ضرورة دعم منظمات المجتمع المدني التي تقودها النساء لكسر الحواجز الاجتماعية والاقتصادية والثقافية التي تمنع الحماية، والمساواة والعدالة، وكذلك معالجة الأسباب الكامنة وراء العنف الجنسي في النزاع.

وشدد الأمين العام على أنه "مع زيادة العزيمة السياسية والموارد المالية، يمكننا مطابقة الأقوال بالأفعال وإنهاء بلاء العنف الجنسي في حالات النزاع، مرة واحدة وإلى الأبد."

من جانبها أوضحت ممثلة الأمين العام المعنية بالأطفال والنزاع المسلح فيرجينيا غامبا، أنه بينما تم التحقق من وجود 14.200 طفل على الأقل كضحايا للعنف الجنسي فإن هذا "ليس سوى غيض من فيض".

فيما أصدرت الممثلة الخاصة للأمم المتحدة المعنية بالعنف الجنسي في النزاعات براميلا باتن، والممثل الأعلى للاتحاد الأوروبي للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية جوزيب بوريل، دعوة مشتركة للمجتمع الدولي للمساعدة في القضاء على العنف الجنسي المرتبط بالنزاع "وإنقاذ الأجيال المقبلة من هذه الآفة".

وأضافا في البيان المشترك "لقد حان الوقت لتجاوز النهج التفاعلية ومعالجة الأسباب الكامنة والدوافع غير المرئية للعنف الجنسي وكذلك الأعراف الاجتماعية الضارة المتعلقة بالشرف والعار وإلقاء اللوم على الضحايا".

وأعربا عن صدمة عميقة إزاء تأثير الحرب في أوكرانيا على المدنيين، وعن قلقهما البالغ إزاء الشهادات الشخصية المروعة ومزاعم العنف الجنسي المتزايدة، "ندين بشدة مثل هذه الجرائم وندعو إلى وقف فوري لأعمال العنف".

ولفتا الانتباه إلى "وباء الانقلابات والاستيلاء العسكري" الذي "أعاد عقارب الساعة إلى الوراء فيما يتعلق بحقوق المرأة"، كأفغانستان وغينيا ومالي وميانمار وغيرها من المناطق.

ومع تصاعد أزمات جديدة، تستمر الحروب في أماكن أخرى، بما في ذلك جمهورية أفريقيا الوسطى، وجمهورية الكونغو الديمقراطية والصومال وجنوب السودان وسوريا واليمن، ويتميز كل منها بمستويات مقلقة من العنف الجنسي المرتبط بالنزاع المستخدم كأداة للقمع السياسي والترهيب والانتقام من الجهات الفاعلة والناشطين في الخطوط الأمامية.

وقال كل من براميلا باتن جوزيب بوريل في البيان المشترك أنه "من الأهمية بمكان تعزيز بيئة رادعة تحمي من العنف الجنسي وتمنعه في المقام الأول وتتيح الإبلاغ الآمن والاستجابة المناسبة"، مشيرين إلى أن "الوقاية هي أفضل شكل من أشكال الحماية، بما في ذلك منع نشوب الصراع نفسه".

وشددا على ضرورة هناك حاجة إلى المزيد من المشاركة السياسية والدبلوماسية في وقف إطلاق النار واتفاقات السلام، وتحليل نمط التهديدات وتعزيز العدالة المراعية للمنظور الجنساني وإصلاح قطاع الأمن؛ لمواجهة العنف الجنسي وإعلاء أصوات الناجين والمجتمعات المتضررة، "في هذا اليوم، نقف متحدّين في التزامنا الراسخ بدعم الناجين وإنهاء إفلات الجناة من العقاب"، وحثّا المجتمعات على أن تنظر للناجين "على أنهم أصحاب حقوق يجب احترامها وإنفاذها في أوقات الحرب والسلام".

من جانبهم أكدت رئيسة صندوق الأمم المتحدة للسكان ناتاليا كانيم إنه "عندما تبدأ الحروب، يبدأ الإرهاب والدمار الناتج عن العنف الجنسي"، موضحةً أن أجساد النساء والفتيات تتحول إلى ساحات قتال "يتم استخدام الاغتصاب كسلاح حرب تماماً مثل القنبلة التي تنفجر في مبنى أو الدبابة التي تخترق حشداً".

وعن الآثار الناجمة عن العنف الجنسي، أوضحت أن للعنف الجنسي عواقب عديدة من تعذيب الأجساد إلى الندوب النفسية، لافتةً إلى أنه يُسكت ويُخجل النساء، ويزرع الخوف وانعدام الأمن ويترك إرثاً مدمراً من خلال الإعاقة الدائمة والأمراض المنقولة جنسياً، وفقدان الأجور وتكاليف الرعاية الصحية ووصمة العار للناجيات وأسرهن.

وذكرت بأن العنف الجنسي "انتهاك لحقوق الإنسان وجريمة بموجب القانون الإنساني الدولي" لا ينبغي تجاهلها أو تبريرها أو التقليل من شأنها، مشيرةً إلى حجم وانتشار عدم المساواة بين الجنسين والعنف القائم على النوع الاجتماعي في جميع المجتمعات، في كل مكان، وهو حقيقة غير مقبولة لا تتفاقم إلا بسبب الأزمات والصراعات.

وبصرف النظر عن الظروف، يجب أن تتمتع جميع النساء والفتيات بحقوق متأصلة في الشعور بالأمان والعيش في سلام وكرامة والتمتع بالحرية والمساواة كما أوضحت رئيسة صندوق الأمم المتحدة للسكان ناتاليا كانيم التي تعهدت بالوقوف وراء التحقيقات والمحاكمات التي تركز على الناجين في مزاعم العنف الجنسي والقيام "بكل ما هو ممكن لعرقلة عدم المساواة بين الجنسين الذي يغذي جميع أشكال العنف القائم على النوع الاجتماعي".