'الإعلام الرقمي يؤثر على ثقافات العالم'

تحدثت عضو أكاديمية الجنولوجيا شرفين نوديم عن التأثير السلبي للتكنولوجيا على المجتمع والناس، وإن "شبكات الإنترنت والوسائط الرقمية تتسبب في بناء نظام شبكي عالمي".

روناهي نودا

قامشلو ـ رسخت الحداثة الرأسمالية نفوذها بعمق شديد في المجالات الفكرية، حيث تمثل التكنولوجيا، وخاصة الإنترنت، انفصالاً عن المجتمع وتفرض الفردية، فقد وصلت التكنولوجيا إلى نقطة ابتكار الذكاء الاصطناعي وهذا الوضع يشكل تهديداً كبيراً.

 

"معنى كلمة التكنولوجيا هو الفن، أي العمل اليدوي"

عن تقييم التكنولوجيا الحالية وتأثيرها على الأفراد والمجتمع، قالت شرفين نوديم عضو أكاديمية الجنولوجيا "كلمة تكنولوجيا نفسها هي يونانية وتعني الفن، أي العمل اليدوي، لوجي تعني العلم، أي علم الفنون والحرف، وإذا عدنا إلى التاريخ سنرى أن أول تقنية تم تطويرها على يد النساء".

وأضافت "على سبيل المثال، القفازات وأيضاً 104 M الخاصة بـ Inana، والتي يصف الكثير منها تلك بالتكنولوجيا، إن الأدوات التي صنعتها أيدي النساء في الأصل هي لخدمة المجتمع، اتخذت كل فترة أشكالًا جديدة وتطورت الأفكار وفقاً للوعي".

 

"التكنولوجيا تخلق الحياة الميكانيكية"

تقيّم شرفين نوديم استخدام التكنولوجيا في القرن التاسع عشر على النحو التالي "تطورت التكنولوجيا في القرن التاسع عشر مع الصناعة، ومع حكم الرأسماليين، وتم تطويرها في الغالب بهدف زيادة استهلاك العمالة، على نحو متزايد، فقد أصبح للتكنولوجيا تأثير كبير على حياة الناس حيث أصبح الناس ينفرون من أنفسهم وعملهم، لقد أصبح الناس مثل الروبوتات التي تستخدم كآلات، إنهم يعملون، لكن لم يكن من الواضح من يخدمون ومن يستفيدون، التكنولوجيا مثل الحرب ضد الإنسانية، فهي تدمر معنى الإنسانية وتخلق حياة ميكانيكية".

 

"وسائل الإعلام الرقمية تخلق مخاطر بغض النظر عن الأشخاص"

لفتت شرفين نوديم إلى تطور التكنولوجيا اليوم "نحن الآن في القرن الحادي والعشرين، فبدلاً من الصناعة التي استخدمت التكنولوجيا القائمة على الآلات، تطورت التكنولوجيا الرقمية، وعلى الرغم من أن التكنولوجيا الرقمية تبدو هشة ولا تبدو كأنها آلة إلا أنها تؤثر على حياتنا جميعاً".

وتابعت "بدأت ابتكارات مثل التكنولوجيا الرقمية بعد عام 1950، منها أجهزة الكمبيوتر والإنترنت، عندما تم إحداث أول تطور تكنولوجي في المجال العسكري، كان الهدف هو جمع المزيد من المعلومات الاستخبارية، وكان هناك ثلاث مراحل في تطور التكنولوجيا، الأولى هي الإنشاء، والثانية هي الهدف، والتوزيع في المجتمع هي الثالثة، فيما يتعلق بالتكنولوجيا، فإن ما يظهر خلف الكواليس يختلف تماماً عما يحدث أمام الكواليس، خاصة بالنسبة للوسائط الرقمية، فالإعلام الرقمي يحمل العديد من المخاطر دون أن يدركها الناس".

 

"الإنترنت يخلق شبكة عالمية"

كما قالت شرفين نوديم أن التكنولوجيا ترشد الناس، "في العالم، يستخدم 90% من الأشخاص الهواتف التي تعمل على اللمس والوسائط الرقمية، لكننا في وضع لا يتم فيه تقديم سوى جزء من هذه الحقيقة، في هذا الوقت، تصبح الحقيقة أكثر صعوبة لأنه لا أحد يعرف ما هي الحقيقة، يقول الكثير من الناس أننا نستخدم الإنترنت، ولكننا لا نفرق فيما إذا كان الإنترنت والتكنولوجيا يستخدماننا، الإنترنت يعطي أشياء مجانية لكنه ليس مجاني، فهو يجمع ويجمع كل المعلومات عنك، يدير عن طريق هذه المعلومات الأفراد والمجتمع، اليوم".

وأضافت "تؤثر التكنولوجيا الرقمية على ثقافات العالم، حيث تسمح شبكات الإنترنت والوسائط الرقمية بإنشاء نظام إعلامي عالمي، والكثير من الناس يقولون إن التكنولوجيا محايدة، ولكن هذا ليس صحيحاً لأن أولئك الذين يروجون للتكنولوجيا ينشرون التمييز الجنسي، وهناك قدر كبير من العنصرية في الحياة الحقيقية كما هو الحال على شبكة الإنترنت، بقدر ما توجد عبودية على الأرض، توجد أيضاً في الإنترنت، نفس الشيء موجود أيضاً في الدين".

 

"الإنترنت يهدر وقتنا"

كما قيمت شرفين نوديم البحث الذي أجرته أكاديمية جينلوجي حول التكنولوجيا "قمنا في علم الجنولوجيا بإجراء دراسة في مناطق إقليم شمال وشرق سوريا وإقليم كردستان وشماله وشرقه، ليس فقط جيل الشباب، بل المجتمع نفسه، 90% من الناس يقضون 3 ساعات يومياً على الهاتف والإنترنت، 80% من الشباب يستخدمون الإنترنت والهاتف لمدة 5 ساعات يومياً، حتى أن هناك بعض الأشخاص يقضون 18 ساعة يومياً على الإنترنت، في الواقع، نرى أن الوقت يُسرق منا، حيث يواجه الأشخاص الذين يقضون وقتاً على الإنترنت مشاكل مثل الأرق والشعور بالوحدة، وفي الوقت نفسه، يقتل الإنترنت التنشئة الاجتماعية".

 

"التكنولوجيا تخلق الفوضى"

ذكرت شرفين نوديم أن هناك هجوماً كبيراً على احترام المرأة لنفسها بمفهوم الجمال "أجرى قسم أكاديمية جنولوجي في إقليم شمال وشرق سوريا دراسة حول مفهوم الجمال وكيف نحقق الأخلاق والجماليات، فمع مفهوم الجمال يتم الهجوم الكبير على نفسية المرأة واحترامها لذاتها، حيث تقارن العديد من النساء أنفسهن بالعديد من الفنانات، أي الممثلات الرئيسيات للمسلسل، ويتم إنشاء قطاع أزياء جديد فإذا لم تعجب صورة تلك المرأة في المواقع الموجودة فإنها تهاجم نفسها وتعتبر نفسها عديمة القيمة، ويستمر الشعور بعدم التقدير والكراهية، حتى أنه يؤدي إلى الانتحار، هذه الفترة تفصل الناس عن طبيعتهم وتزيل وجودهم، أكبر خداع هو تقديم الوسائط الرقمية باسم "وسائل التواصل الاجتماعي"".

ونوهت أنه "في الوسائط الرقمية يقولون أصدقاء، لكن لا أحد يعرف الآخر، ولا أحد يعرف ما هي ثقافته وأخلاقه، أي أن العلاقات اجتماعية تتم أيضاً بمشاركة التعبير عن المشاعر من خلال الرموز التعبيرية، وهذا يخلق الضعف في العلاقة بين الناس والمجتمعات ويجلب معه العديد من المشاكل من حيث احترام الذات والوعي الذاتي والهوية الذاتية وتعريفاتها".

 

"يجب ألا نسمح للتكنولوجيا أن تستخدمنا"

أما عن كيفية استخدام التكنولوجيا وما هي البدائل قالت شيرفين نوديم "عندما بدأنا البحث في التكنولوجيا، طرحنا أولاً سؤال ما هو خطرها، لنفترض أنه يجب إزالة التكنولوجيا تماماً من حياتنا، فهذا أمر صعب، لكن يمكننا أن نعرف ما هو الغرض من إزالتها، وعندما نستخدمها يجب أن نستخدمها بالمعرفة، دعونا نشارك المعلومات حول التكنولوجيا بالمعرفة والهدف، لذلك دعونا لا ننسى أن الأشياء التي نتشاركها يمكن استخدامها ضدنا".

وأضافت "لا ينبغي لنا أن نشارك يومياتنا ومشاعرنا على وسائل الإعلام الرقمية، ليس كل شيء إنترنت يجب أن ننمي ثقافة قراءة الكتب، يجب علينا الجمع بين الحواس التحليلية والعاطفية، وأن نحد من استخدام التكنولوجيا خاصة من أجل الصداقة والتنشئة الاجتماعية، دعونا نحدد أنفسنا وأسلوب حياتنا، ولا ندع الإنترنت يحدد ذلك، دعونا نحمي الحياة الحقيقية، والتأكيد على العلاقات الإنسانية والاجتماعية المباشرة، دعونا لا نسمح للتكنولوجيا أن تستخدمنا".