احتجاجات للمطالبة بالحريات قبل أسابيع من الانتخابات الرئاسية بتونس

ترى مختلف المكونات المنضوية تحت الشبكة التونسية للحقوق والحريات، أن الوضع لم يعد يحتمل وتعتبر أن المناخ الحالي الموبوء قضى على أبرز مكاسب ثورة 2011، خاصة حرية التعبير والصحافة والنشر.

زهور المشرقي

تونس ـ في مسيرة جالت شوارع العاصمة تونس، احتج مئات المتظاهرين بدعوة من الشبكة التونسية للحقوق والحريات، ودعا هؤلاء إلى وقف الانتهاكات التي تقوم بها السلطة وإلغاء المراسيم القمعية وإطلاق سراح مساجين وسجينات الرأي والعودة للديمقراطية.

خرج آلاف التونسيين، أمس الجمعة 13 أيلول/سبتمبر، إلى الشوارع للمطالبة بإسقاط المنظومة التي سجنت الفئة الشابة للمناداة بحقوقهم بعد سنوات من الثورة، وعبر هؤلاء عن الامتعاض من ضياع الحريات التي كانت المكسب الوحيد للثورة.

وهذا التحرك يعد أول ميداليات للشبكة التي تشكلت مؤخراً للدفاع عن الحريات في تونس، وترفع شعارات الدفاع عن الحقوق والحريات العامة والفردية، والغاء "المراسيم القمعية"، وضمان حق الجميع في حرية التعبير وحق المعارضة وإطلاق سراح معتقلي الرأي والنشاط المدني والسياسي.

وأكد المتظاهرون أن المناخ السياسي الآن موبوء ولا يتماشى مع أهداف الثورة التي جاءت من أجل تشكيل نظام ديمقراطي يؤمن بالحريات والحقوق ويحترم حرية الصحافة والتعبير.

وعلى هامش المسيرة الغاضبة، قالت ناشطة نسوية بمنظمة مساواة الفصيل النسائي الجماهيري لحزب العمال ضحى قلالي "إن التحرك الذي تشارك فيه الأحزاب التقدمية ومنظمات المجتمع المدني يأتي دفاعاً عن الحقوق والحريات التي باتت منتهكة حيث لم تعد لها معنى وتضاعفت التجاوزات بشكل فظيع"، لافتةً إلى أن "التجاوزات المرتكبة من قبل الهيئة العليا المستقلة للانتخابات التي نصبت نفسها أقوى من القضاء وتصدر أحكامها بنفس طريقة المنظومة الحالية كسلطة تتجاوز السلطة القضائية والتشريعات والحقوق والحريات".

وبينت أن أبسط الحقوق السياسية كالحق في الترشح غاب، مؤكدةً أن المتظاهرين يدافعون على حقهم في الحياة لاعتبار أن الأمر أكبر من محطة انتخابية "اليوم الحقوق الاجتماعية أيضاً مهضومة، كل شي بات مهدداً ومنعدماً بعد سنوات من الثورة، وحتى حرية التعبير التي حاولنا حمايتها أصبحت مهددة بشكل سافر".

وأشارت إلى أن المشكلة ليس في تعطيل مسار انتخابي أو رغبة من أطراف معينة للدفاع عن حقها في الترشح بل مسألة مبدأ "اليوم ندافع عن حقوقنا وعن حق التظاهر السلمي والعيش في تونس بحرية وديمقراطية، بشكل يليق بالشعب التونسي وثورته، نحن هنا حتى نصرخ ونقول إن المنظومة الحالية والأسلوب المعتمد لإسكاتنا وتخويفنا بات مرفوضاً، وللجميع الحق في النضال والمقاومة من أجل الحرية ومن أجل إحياء شعبية أفضل وواقع أحسن".

 

 

من جانبها أوضحت إيناس ميعادي نسوية في حزب العمال أن "التحرك يأتي احتجاجاً على الوضع السياسي "المتعفن"، وعلى الخيارات اللا وطنية واللا شعبية التي مست جل الأهالي، وتحديداً بالعمليات الإجرامية التي تستهدف النساء حيث قتلت أكثر من 15 امرأة منذ بداية العام، ورفضاً لصلاحيات السلطة التي تفردت بالحكم وأقصت المعارضة والمجتمع المدني الذي أطاح بمنظومة الرئيس الراحل".

وأشارت إلى أن النظام الحالي يفرض سيطرته على كل الأجهزة ويضيق على الحريات التي كان ثمنها دماء التونسيين "خرجنا بغضب لاسترجاع حريتنا وحرية الشعب التونسي، نحتج ضد الوضع السياسي الغامض الذي تعيشه تونس في وقت تستعد فيه البلاد لانتخابات رئاسية غير نزيهة".

 

 

بدورها أوضحت الناشطة المدنية حياة الشفي إن "الوضع بات مزرياً ولا يمكن إلا أن يتظاهر التونسيون ضده للتنبيه من خطورته"، لافتة إلى أن مطالب الحرية يضمنها الدستور.

وقالت إن إسقاط المنظومة وإطلاق سراح سجناء الرأي هي أهم المطالب التي يجب أن يتوحد حولها الجميع دون استثناء "نرفض أن نُسجن بسبب آرائنا، ونرفض الاستبداد والشوارع مكاننا للتعبير عن غضبنا".

 

 

أما القيادية بحزب القطب نجلاء قدية، فقد أكدت أن الشبكة التونسية للحقوق والحريات لا علاقة لها بالانتخابات الرئاسية المقبلة وجاءت لتنتصر لمعركة الحريات والحقوق فقط، وستنأى بنفسها عن العملية السياسية والانتخابات لتركز على هدفها وستواصل عملها حتى بعد الرئاسية.

ولفتت إلى أن "التحرك ينادي بإطلاق سراح السجناء السياسيين وإلغاء المراسيم القمعية على غرار المرسوم 54، ورفع اليد عن القضاء لبناء بلاد يسودها القانون".

وأشارت إلى أن الوضع العام في تونس لا يشجع النساء على الترشح، معتبرة أن "الخيارات السياسية للسلطة هي سبب الأزمة التي تمر بها البلاد".

ويختلف المشهد الذي يعيشه تونس في الوقت الراهن بشكل كبير مقارنة بالسنوات السابقة، فمختلف الشعارات تمحورت حول الحرية وضياع الديمقراطية والتعديل وغياب شعارات العمل وتحسين الوضع الاقتصادي، ما يفسر الوعي الكبير بتراجع مستوى الحرية في تونس "مهد الثورات العربية" الضائعة.