أهمية النضال ضد حكم الإعدام

.

سايدا شيرزاد

تم اعتقالي عام 1986. في منتصف الليل، دخل بعض الأشخاص إلى منزلنا، ودون أن يمنحوني فرصة لفعل أي شيء، قيدوا يدي وعيني واقتادوني، في ذلك الوقت كنا نعيش في القرية ولم يكن لدينا أطفال، لقد فتشوا المنزل بأكمله وأخذوا جميع أشرطة الكاسيت والكتب الخاصة بي.

لن أنسى أبداً التعذيب والاستجواب فلقد احتُجزنا أنا وبعض أصدقائي لمدة عامين تقريباً، وفي الأشهر القليلة الماضية عندما أعلنوا أننا تلقينا حكم الإعدام وأنه يجب إعدامنا، كان ذلك أفظع وقت قضيناه في السجن، وكانوا يزعجون السجناء بخطواتهم، فيظن الجميع أنهم جاءوا ليأخذوا أحدهم ليتم إعدامه، لأنه تم الحكم على جميع السجناء السياسيين تقريباً بالإعدام.

لم نكن نعرف أي شيء عن عائلاتنا لفترة طويلة، وفي البداية، عندما لم يكونوا يسمحوا بالزيارات، أخبروا العائلات أنه إذا كان لدى أي شخص طعام أو رسالة، يمكنه كتابتها وتسليمها إلى سلطات السجن حتى يتمكنوا من تسليمها إلينا، لكن لم تصل أي رسالة إلى أيدي السجناء سواي، فلقد قام زوجي بخطة لإيصال الرسائل مع الطعام، ومن خلال الرسالة اكتشفت أن عائلاتنا لا تعلم بأمر حكم الإعدام الصادر بحقنا، ومن ناحية أخرى، كتب لي أن عائلتي كلها بخير، لكن معذبي السجن كانوا يعذبوننا بالحديث، وكأن أفراد عائلتنا وأحبائنا في حالة سيئة، وقتها كانت رسالة زوجي بمثابة تشجيع لي ولأصدقائي، لكن الواقع كان أن كلام حراس السجن أثر فينا أكثر.

واستمر التعذيب داخل السجن، وكل ليلة يأخذون بعض الأشخاص ولا يعيدونهم، وهذا ما زاد خوفنا، في إحدى الليالي، أخذوني أنا وأحد أصدقائي وقالوا إننا انتهينا، ولعدة دقائق قالوا إنه سيتم إعدامك قريباً وعلينا أن نأخذك إلى حافة الموت عدة مرات ثم نعدمك.

على أية حال، استمرت عمليات التعذيب هذه حتى خرجنا من السجن في ظل الأحداث التاريخية التي شهدتها تلك الفترة، لكن آثار التعذيب ظلت تؤثر علينا، وبعد مرور عام أو عامين فقط على إطلاق سراحه من السجن، انتحر أحد أصدقائي لأنه كان يرى كوابيس حول السجن كل ليلة، وصديق آخر لي فقد قدرته بعد سنوات قليلة على النطق، وقد ذكر الأطباء أن التوتر العصبي هو السبب في ذلك.

هذه الرواية هي إحدى الروايات الأخرى المحفورة بعمق في ذاكرة الفرد والمجتمع، وحتى الآن، كل يوم في قبو سجون جمهورية إيران الإسلامية، نشهد مثل هذه الروايات من السجناء المحكوم عليهم بالإعدام.

لم يتم العثور على معلومات حول أول عقوبة إعدام يتم تنفيذها في تاريخ البشرية، لكن في القوانين الصينية القديمة، تم تحديد عقوبة الإعدام كعقوبة على الجرائم، وبالنظر إلى التقاليد في الأديان، فربما كانت النار المعروفة بنار النمرود، التي أُعدت لحرق إبراهيم، من أولى عمليات الإعدام في تاريخ البشرية.

لكن بحسب التوثيق، فإن أول قوانين عقوبة الإعدام تعود إلى القرن الثامن عشر قبل الميلاد، وذلك في قانون الملك البابلي حمورابي، الذي حدد عقوبة الإعدام في 25 جريمة مختلفة؛ على الرغم من أن القتل لم يكن واحداً منها.

وحدثت أول عقوبة إعدام مسجلة تاريخياً في مصر في القرن السادس عشر قبل الميلاد، حيث اتُهم مرتكب الجريمة، وهو عضو من طبقة النبلاء، بممارسة السحر وأمر بالانتحار.

كان الموت في كثير من الأحيان قاسياً، ويشمل الصلب، والغرق في البحر، والدفن حياً، والضرب حتى الموت، والشنق، وما إلى ذلك، وكان لدى الرومان عقوبة غريبة للإعدام وخاصة عقوبة قتل الوالدين، وكان المحكوم عليه يغمس في الماء في كيس فيه كلب وديك وثعبان وقرد. يقال إن أسوأ عملية إعدام في التاريخ حدثت حوالي عام 399 قبل الميلاد عندما أُجبر الفيلسوف اليوناني سقراط على شرب جرعة من الهرطقة.

وتتمتع بريطانيا بتاريخ أطول من أي دولة أخرى في عقوبة الإعدام. في حوالي عام 450 قبل الميلاد، كانت عقوبة الإعدام تُنفَّذ غالباً عن طريق إلقاء المحكوم عليهم في مستنقع، وبحلول القرن العاشر الميلادي، أصبح الشنق الطريقة القياسية للإعدام في بريطانيا.

وتشير مراجعة لإحصائيات عمليات الإعدام العالمية إلى أن هذه الزيادة العالمية ترجع إلى حد كبير إلى زيادة بنسبة 59 بالمئة في عمليات الإعدام في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، حيث تم تنفيذ 93 بالمئة من عمليات الإعدام المعروفة، وكانت إيران مسؤولة عن 70% من عمليات الإعدام في المنطقة، في حين كانت المملكة العربية السعودية مسؤولة عن 24% من عمليات الإعدام.

ومع ذلك، ذكرت بعض منظمات حقوق الإنسان أن الزيادة في الأرقام العالمية في السنوات الأخيرة ترجع بشكل أساسي إلى زيادة عمليات الإعدام في إيران بنسبة 48%، والتي ستشكل 75% من عمليات الإعدام في جميع أنحاء العالم في عام 2023، وبعد إيران تعد المملكة العربية السعودية والصومال والولايات المتحدة والعراق الدول الخمس الأولى المسؤولة عن عمليات الإعدام المسجلة، ومقارنة بالعام الماضي، شهدت جميع الدول الخمس الأولى زيادة في عمليات الإعدام باستثناء المملكة العربية السعودية، التي شهدت انخفاضاً طفيفاً في عام 2022.

ومع ذلك، تجدر الإشارة إلى أن هذه الأرقام لا تشمل الصين، حيث تصنف البيانات المتعلقة بعقوبة الإعدام على أنها سر من أسرار الدولة، وحيث تقدر منظمة العفو الدولية أنه تم تنفيذ آلاف عمليات الإعدام.

باعتبارها أول حكومة تستخدم عقوبة الإعدام كشكل من أشكال العقوبة، استخدمت السلطات الإيرانية منذ فترة طويلة عقوبة الإعدام على نطاق واسع، بما في ذلك الرد على الاحتجاجات التي حرم فيها الأشخاص الذين تمت محاكمتهم وإعدامهم من حقوقهم الأساسية في حرية التعبير والتجمع السلمي، وتعارض منظمة هيومن رايتس ووتش استخدام عقوبة الإعدام في أي موقف بسبب قسوتها المتأصلة.

ومع ذلك، يُحكم بالإعدام على السجناء السياسيين والأيديولوجيين والناشطين المدنيين والاجتماعيين، وبشكل عام أي شخص يعارض قوانين "جمهورية إيران الإسلامية"، من أصغر قانون إلى مبدأ النظام بشكل عام، ورغم أن القوانين الإيرانية تنص على أن عقوبة الإعدام مرتبطة بعدد من الجرائم؛ إلا أن معظم الإحصائيات المتعلقة بجريمة الإعدام كانت تتعلق بمعارضي الحكومة.

إصدار أحكام الإعدام بذرائع واهية هو أحد تصرفات السلطات، وعلى الرغم من إدانات المجتمع الدولي ومنظمات حقوق الإنسان بشأن إلغاء أحكام الإعدام، فإن السلطات الإيرانية لم تبد أي رد فعل، بل استمرت بإصدار أحكام الإعدام وتنفيذها.

وبدأت جرائم السلطات الإيرانية بالإعدامات الجماعية والقتل في الستينيات، وفي الآونة الأخيرة، خلال انتفاضة "المرأة الحياة الحرية Jin Jiyan Azadî" تمت معاقبة معظم الناشطين في مختلف المناطق بعقوبة الإعدام أو سيتم تنفيذها ومن بينهم بخشان عزيزي، الصحفية والأخصائية الاجتماعية، وشريفة محمدي الناشطة العمالية، ومما لا شك فيه أن إصدار حكم الإعدام بحق هؤلاء النساء هو ببساطة خوف الحكومة من النساء وخاصة ثورة المرأة الإيرانية العظيمة، الثورة التي انتشرت في جميع أنحاء العالم.

وتعليقاً على ذلك قالت المحامية (أ. ك) وهي أيضاً ناشطة ضد عقوبة الإعدام "إن إصدار أحكام الإعدام في الغالب للقضاء على الأعداء وخلق الخوف والترهيب، نطاقه واسع ويعتمد على الموقف، وكما هو مذكور في النظام الإيراني، تزداد الإعدامات في بعض الحالات. وأسباب ذلك واضحة، وفي هذه الحالة تواجه الحكومة أزمة شرعية حادة، وهي تريد حل المشاكل بسرعة وتخويف الناس؛ على سبيل المثال، في النقاشات المتعلقة بالحرب مع إسرائيل، ومقتل جينا أميني على يد السلطات، وما إلى ذلك من القضايا عقوبته الإعدام وعندما يكون الوضع أكثر هدوء، فإنهم يتصرفون بحذر أكبر".

ولفتت إلى أن الإعدام لا يقتصر على دولة معينة "الإعدام خاص بدول السلطوية فالدولة التي تريد بسط سلطتها على المجتمع، تستخدم تكتيك الإعدام، ولأن الحكومات تعمل على تسييس قوانينها الدينية، فإن نطاق إعداماتها كبير. في الواقع، هناك العديد من الخطوط الحمراء. في هذا النوع من الحكومات، معظم الجرائم التي ترتكب تواجه الإعدام، وبحسب الإحصائيات السنوية فقد أسندت إليها المزيد من الإعدامات".

لكيلا تكشف عن الكثير من القضايا، وأيضاً لكي تقوم بفرض سلطتها على المجتمعات الدنيا أو الأقل تقدماً أضاعت الدول المعنية الكثير من الحقائق في الإعدام، فعلى سبيل المثال، في البلدان الديمقراطية نسبياً، يكون نطاق التنفيذ أقل وأدنى حد. وبحسب البحث الذي تم من الناحية النفسية أو الاجتماعية فإن له إنجازاً عميقا في التعامل مع الجرائم ومعرفة الجوانب الاجتماعية والنفسية للظاهرة.

واختتمت بالقول "فيما يتعلق بحقوق الإنسان، فإن الكرامة الإنسانية تحظى بمناقشة كبيرة. عندما تسمح حكومة ما لنفسها بالرد على المعارضين أو الاحتجاجات المدنية بالإعدام، فمن الطبيعي أن يكون ذلك ضد حقوق الإنسان والمجتمع".

 

"الإعدام يصنع مجرماً"

من جهتها قالت عالمة الاجتماع (ع. ر) "على مر التاريخ، تم تنفيذ عمليات الإعدام بأشكال مختلفة، وتم تنفيذ عمليات الإعدام للقضاء جسديًا على مجرمين خطيرين جداً أو ضد أولئك الذين هم أعداء السلطة وقاتلوا وتمردوا ضدها. من المؤكد أن الإعدام هو أشد أشكال العنف ضد الناس. ظاهرة التنفيذ هي ظاهرة قابلة للتفسير. كل من الأديان والسلطات والأفراد يفسرونها بطريقة ما، وهي ظاهرة معقدة. وفي هذا الصدد يمكن تفسيرها على أنها قتل للفرد والمجتمع".

وعن تاريخ الإعدامات أوضحت "في الماضي كانوا يقولون ببساطة إن التمرد على الملك أو عصيان أوامره عقوبته الإعدام، وذلك في الواقع هدفه إسكات المعارضين وقمع حرية التعبير والفكر".

ولفتت إلى أنه "في الماضي، كان معظم الناس يعتقدون أن إعدام المجرمين سيكون عبرة وتصحيحاً للمجتمع، حتى لا تتكرر الجرائم الخطيرة الأخرى التي تنتهك الحياء العام وتنتهك حقوق الآخرين ولكن ثبت عكس ذلك فتنفيذ حكم الإعدام سيؤدي بالتأكيد إلى إعادة إنتاج العنف، لأنه بهذه الطريقة يتم صنع الجلاد الذي يعطي الأمر ويفتخر به وهذه بحد ذاتها، من الناحية النفسية والاجتماعية، تتسبب في إعادة إنتاج العنف بشكل حاد".

وترى عالمة الاجتماع (ع. ر) أن السلطات تصدر أحكام الإعدام كوسيلة سياسية تتماشى مع توسيع نطاق السلطة ورأس المال "في الحقيقة إنه تقدير تقوم به الحكومات وقادة العالم الذين حصلوا على الفوائد والأرباح اللازمة لزيادة مكانتهم وحياتهم".

وفي ظل هذه التفسيرات والعقلية السائدة في المجتمع، التي تحاول السيطرة على المجتمع وخاصة المرأة، وإخضاعه عبر تكتيك الإعدام، ينبغي أن نزيد من تماسكنا ونضالنا وجهدنا أكثر من أي مرحلة أخرى، لأن النظام الإيراني منغلق على قتل واستعباد المجتمع، وخاصة النساء، ومع كل صمت ولامبالاة تجاه حكم الإعدام الصادر بحق النساء والشباب، سيواجه المجتمع الاستسلام وسيستمر النظام في تطبيق المزيد من جرائم القتل عبر الإعدام.