أهالي البستان: لا توجد كلمات تصف هذه الكارثة

في منطقة البستان التابعة لمدينة مرعش مركز الزلزال الثاني، بقي كل شيء على عاتق الأهالي حين وقوع الزلزال، لأن فرق الإنقاذ والبحث لم تأتي إلى المنطقة خلال الأيام الأولى للزلزال.

مدينة مامد أوغلو

مرعش ـ لا يزال آلاف الأشخاص تحت الأنقاض في مدينة هاتاي ومرعش والبستان بشمال كردستان، في البستان التي انقطعت عن العالم بعد الدمار وأصبحت فارغة أكثر فأكثر مع مرور كل يوم، وبينما يتصاعد الأسى في وسط الأحياء التي تحولت إلى مقابر ضخمة، لا يزال الناس يأملون أن يكون ما حدث كابوساً ويستفيقوا منه.

 

فقد الكثير أرواحهم وظلوا تحت الأنقاض

الخسائر العامة للزلزال لا تزال غير معروفة، يتم أحياناً دفن الجثث التي يتم إحضارها يومياً إلى الجوامع أو المستشفيات دون تكفينها، وعُلم أنه في المناطق التي يوجد فيها عدد قليل جداً من المنازل، لم تبدأ عمليات البحث والإنقاذ فيها، وقد اتخذ قرار تجريف الأنقاض التي يجري العمل عليها، ولا يعلم بوضوح عدد المواطنين/ات الذين فقدوا حياتهم ولا عدد المواطنين/ات تحت الأنقاض، كما يُترك الأهالي لوحدهم مع آلامهم وموتهم من قبل الدولة، وينعكس هذا اليأس وفقدان الأمل على وجوه الأهالي.

لا يمكن وصف نهاية العالم في المنطقة، إن الأنقاض تتواجد في كل شارع وتنتظر العائلات أياماً فوق الركام على أمل العثور على أقاربهم أو دفن موتاهم، وعلى الرغم من مرور سبعة أيام على الزلزال، إلا أن الجملة الشائعة الوحيدة التي تخرج من أفواه مواطني البستان الذين يجدون صعوبة في وصف تجاربهم هي "ما هذه الكارثة التي حلت بنا؟". إن المواطنون/ات الذين لم يتمكنوا من دخول منازلهم بعد الزلزال يغادرون الحي لأنهم لا يريدون البقاء في الخيام في هذا الطقس البارد.

 

"نسيت الدولة أن تضامن الشعب هو الأمل"

في المنطقة التي لا تتوفر فيها الكهرباء والماء، يواجه الأهالي صعوبات كبيرة في تلبية احتياجاتهم من ناحية الحمامات، فالمياه التي تزود بها قرى المنطقة موحلة وغير نظيفة كما يواجهون خطر انتشار الأوبئة، في حين أن خطوط المياه المعطلة لم يتم تصليحها منذ أيام، إلا أن المباني هي من تلبي احتياجاتهم بمياه الشرب.

وعلى الرغم من الطقس البارد والظروف الصعبة، إلا أن الأشخاص الذين خرجوا أحياء من تحت الأنقاض يمنحون الأهالي القليل من الأمل، ومن الأمور التي تمنحهم الأمل التضامن الذي يتم القيام به هناك في المنطقة، حيث يتم حشد الناس ويأتي العشرات من المتطوعين من خارج المدينة، ويحاولون مداواة جراح بعضهم البعض، من الصعب التكهن بما سيحدث للمنطقة في الأيام المقبلة حيث يوجد الدمار من جهة والتضامن من جهة أخرى.

 

"آتي إلى المنطقة كل يوم لسماع صوت طائري"

في جولتنا إلى منطقة البستان قابلنا امرأة تجلس قرب الأنقاض وسط رثاء الأمهات، تبكي وتتحدث عن تجربتها في يوم الزلزال وبعده، وأشارت إلى أنه فقدت ٣٠ شخصاً من أقاربها في الزلزال.

المرأة التي رفضت الكشف عن اسمها قالت لوكالتنا "دُمر هنا مبنى أو مبنيان فقط في الزلزال الأول، لم يكن لدينا الكثير من الضرر، عندما حدث الزلزال الأول، نزل الجميع في هذا الثلج، انتظروا لساعات قائلين أنه قد يكون هناك زلزال جديد، ثم في الظهيرة عندما شعر الناس في البرودة مع أطفالهم، عادوا إلى منازلهم، وضرب الزلزال الثاني المنطقة وأصبح الجميع تحت الأنقاض".

 

"لم يأتي فريق الإنقاذ"

وأشارت إلى أنه لم يأتِ فريق إنقاذ واحد إلى المنطقة وأن الأهالي تجمدوا حتى الموت "لقد دُمرت بنايتنا، لكن لم يكن هناك أحد تحتها، نزلنا جميعاً"، لافتةً إلى أنه "بدأ المتطوعون في القدوم إلى المنطقة بعد مرور ثلاثة أيام، لقد بقي ما يقارب 30 شخصاً من أقربائي تحت الأنقاض، وبسبب التدخل المتأخر للدولة لم ينج أي أحد منهم، فقد الجميع حياتهم. لو أتت فرق البحث والإنقاذ وبدأت العمل في وقت مبكر، لكانوا قد نجوا من الموت".