"أبعاد" تطلق حملة "لا عرض لا عار" لإنصاف الناجيات

أطلقت منظمة "أبعاد" حملة لإنصاف الناجيات تزامناً مع حملة الـ 16 يوم لمناهضة العنف المبني على النوع الاجتماعي، ويتخلل الحملة سلسلة نشاطات توعوية.

كارولين بزي

بيروت ـ تزامناً مع حملة الـ 16 يوم لمناهضة المرأة للعنف المبني على النوع الاجتماعي، أطلقت منظمة "أبعاد" حملة تتضمن حلقات توعوية مصورة مع شهادات لناجيات من الاعتداء الجنسي، وتترافق الحملة على الأرض مع جملة أخرى على مواقع التواصل الاجتماعي.

 

"لا عرض ولا عار" حملة متكاملة

نظمت منظمة "أبعاد" وقفة احتجاجية مع ناجيات من الاعتداء الجنسي تحت عنوان "لا عرض ولا عار" بمناسبة حملة الـ 16 يوم لمناهضة العنف القائم على النوع الاجتماعي، أمام المجلس النيابي في بيروت، وشارك في التحرك عدد من الناجيات وناشطات نسويات وحقوقيات للمطالبة بتشديد عقوبة الاعتداء الجنسي.

وعلى هامش الوقفة الاحتجاجية قالت رئيسة منظمة "أبعاد" غيدا عناني "نحاول من خلال حملة "لا عرض ولا عار" أن نسلط الضوء على أهمية التعاطي بجدية مع جرائم الاعتداء الجنسي وإخراجها من وصمة العرض والعار والشرف، وتسليط الضوء عليها في العلن وتشجيع الفتيات والنساء على الإعلان عنها".

وأوضحت "على الناجيات الإفصاح عن الانتهاكات التي تتعرضن لها، وتخرجن للعلن وتطالبن المجلس النيابي بالإسراع بدراسة وإقرار مقترح القانون الذي عملنا على إعداده كمنظمة "أبعاد" والذي يتناول مراجعة النصوص القانونية الخاصة بالاعتداء الجنسي، بدءاً من تغيير اسمها وهو "جرائم الاعتداء على العرض"، لذلك نقول بأنها ليست عرض ولا عار هي جريمة يجب التعاطي معها بجدية وبعقوبات مشددة".

وأشارت إلى أن الحملة انطلقت يوم الجمعة في 25 تشرين الثاني/نوفمبر، "نحن نتواجد في تحرك خاص بالنساء أمام المجلس النيابي لتطالبن بحقوقهن، وأيضاً سنبدأ غداً بسلسلة مع المؤثرة على مواقع التواصل الاجتماعي نور عريضة، هي عبارة عن حلقات توعوية حول الاعتداء الجنسي ونتائجه والقانون الذي يحميهن وأيضاً الآثار الصحية والنفسية وغيرها، بالإضافة إلى حوار مع ناجيات من الاعتداء الجنسي. ونستكمل بعدد من الأدوات التوعوية والحلقات مع النساء على، وصولاً إلى إطلاق أغنية مع ريمي عقل وهي أغنية تغيّر نوعاً ما المفاهيم المرتبطة بكل ما يتعلق بالقضايا الجنسية بشكل عام والعنف الجنسي بشكل خاص".

وأضافت "سنستكمل المسار من خلال الحصول على تواقيع من البرلمانيين ودعم لمقترح القانون الذي أعددناه"، لافتةً إلى إن مسودة مقترح القانون، وهي مراجعة لفصل كامل مع تعديل عدد من المواد فيه، "قمنا بجولة على عدد من البرلمانيين في مجلس النواب وحصلنا على تواقيع على المسودة، وسيتم اقتراحه على المجلس النيابي لدراسته ولدينا ثقة بإقراره".

وفيما يتعلق بشهادات الناجيات تقول "الأذية الأصعب هي عندما تكون من الشخص الذي من المفترض أن يؤمن لك حماية، إن كان من الأب أو الأخ أو الزوج. هناك حالات اغتصاب يترافق معها عنف جسدي ومعنوي ويتم التعاطي معها باستهتار، وهذا الأمر مؤلم للنساء، فكل امرأة تعيش التجربة بطريقتها، أحياناً التحرش يمكن أن يكون مدمراً ولو بكلمة، لذلك نحن نطالب بالتعامل معه كعنف وانتهاك بكل جدية وبمعزل عن كل الحيثيات الأخرى".

 

 

"يجب توعية الضحية بأنها ليست مذنبة"

وعن الوقفة أمام البرلمان قالت الناشطة في المجال الاجتماعي لدعم المعرضات للعنف القائم على النوع الاجتماعي بيان طه "هذا التحرك أساسي لمناصرة هذه القضية ولاسيما رفع الصوت من قبل نساء تعرضن لأي نوع من الاعتداء الجنسي. فمن حق أي امرأة تعرضت للاعتداء أن تبلّغ وترفع صوتها، ولا يحق لأحد أن يكتم صوتها بهدف أن يخبئ الحقيقة بحجة العرض أو الشرف، بالنهاية هذه جريمة شأنها كأي جريمة أخرى، من حق الضحية فيها أن تحصل على حقها ومن واجب القانون أن يحاسب المعتدي والمجرم بأشد العقوبات".

وأكدت على أن "واحدة من الرسائل الأساسية التي تعمل عليها منظمة أبعاد والناشطات النسويات بأن الناجية ليست مذنبة في حال تعرضت لاعتداء بل المسؤولية والذنب هو على الشخص المعتدي، وهو ما نحاول أن نوصله لكافة النساء، ومن واجبنا أن نطالب أن تحصل على حقها في هذه الإطار".

وعن الحالة النفسية للناجيات من العنف والاعتداء الجنسي، أوضحت "أي امرأة تتعرض لإساءة أو لعنف مهما كان نوع العنف، فهذا ينعكس عليها عنفاً نفسياً وتمر بظروف نفسية متفاوتة إلى أن تستعيد قوتها وحياتها وتتجاوز الأثر النفسي"، مشددةً على أهمية الدعم في هذا الإطار، وهو ما تقوم به وغيرها من الناشطات في هذا المجال، حتى تستطيع الناجيات أن تتجاوزن هذا الوضع بأقل أضرار ممكنة.

 

 

"يجب تشديد العقوبات لمنع تكرار الجريمة"

ومن جانبها قالت المحامية في منظمة أبعاد دانييل الحويك عن مسودة مشروع القانون الذي أعدته المنظمة، "مسودة مشروع القانون الذي نطالب النواب بتوقيعه يتعلق بجرائم الاعتداء الجنسي، عنوان الفصل في القانون هو "جرائم الاعتداء على العرض" وهذا العنوان يجب تغييره لأنه يكرّس الثقافة السائدة بالقانون، سواءً بالمادة 522 التي تم إلغاؤها والتي كانت تعفي المغتصب في حال الزواج من الضحية، الذي ينعكس على العقوبات الغير مشددة، وهي عقوبات بسيطة مقارنة بحجم الجريمة، ونحاول من خلال حملة "لا عرض ولا عار" أن نبين أن هذه جرائم اعتداء جنسي ومطلبنا تشديد العقوبة لتصبح بحجم الجريمة لمنع تكرارها وحماية الضحايا".

وأضافت "هدف الحملة ليس فقط تشريعي والحصول على تواقيع وإقرار القانون، بل الهدف توعوي، من هنا نلاحظ الوقفة التي تشارك فيها اليوم صاحبات حق لحث كل من تعرض لاعتداء جنسي الإبلاغ عن هذا الجرم وعدم الخوف منه أو اعتباره يتعلق بالشرف أو العار إنما هو اعتداء جنسي ويجب الاقتصاص من المجرمين ومعاقبتهم وإحقاق العدالة للضحايا".

وعن مشاركة عدد من الناجيات في الوقفة اللواتي حاولن التخفي وعدم الإفصاح عن أنهن ناجيات، خوفاً من المجتمع ربما أو من المعتدي أو من وصمة العار، وتعليقاً على استمرار خوف النساء من الإبلاغ عن الاعتداء الجنسي، قالت "لا شك أن الجرائم التي تقع خاصةً داخل المنازل تتجنب الناجيات البوح بها خوفاً من نظرة المجتمع وربما خوفاً من البيئة التي يجب أن تحميها، من هنا نطالب بمشروع قانون يشدد العقوبات ولاسيما على القاصر إذ تصل العقوبة في المسودة التي أعديناها لثلاثين عاماً وأحياناً إلى مؤبد، وهذا القانون يردع هذا النوع من الجرائم ويمنع حصولها في المستقبل".

ولفتت إلى أن الدراسة التي أجرتها أبعاد أظهرت ارتفاع نسب جرائم الاعتداء الجنسي، فوفقاً لإحصاءات الأمن الداخلي هناك 6 جرائم شهرياً، كما أن هناك نحو 55% من النساء لا تبلغن عما تتعرضن له، لأن لا ثقة بالقانون والسلطة بأن الضحية ستصل إلى حقها، ولهذا السبب جئنا نطالب بقانون على حجم الجريمة ويجب إحقاق العدالة ولا عرض ولا عار".

 

 

"دعم النساء لبعضهن البعض يُحدث فرقاً"

وعن مشاركتها في الوقفة أمام البرلمان اللبناني وفي حملة "لا عرض ولا عار" من خلال سلسلة حلقات توعوية، قالت نور عريضة "هذا من واجبي كامرأة وأم ومؤثرة على مواقع التواصل الاجتماعي، أتلقى على صفحاتي على مواقع التواصل الاجتماعي رسائل عديدة من النساء تتحدثن فيها عن تجاربهن والجرائم التي تعرضن لها وهي خيالية بفظاعتها، لذلك من واجبي أن أرفع صوتي من أجل هؤلاء الناجيات".

وأوضحت "أولاً نحاول أن نخبر النساء بأنه ليس من المعيب أو العار أن ترفع صوتها وتبلّغ عن تعرضها لاعتداء جنسي، بل العيب والعار هما على المغتصب، كما نحاول أن نغيّر القوانين لكي يكون هناك عقوبة بحجم الجريمة".

وعن تجربتها بتجسيد شخصية امرأة ناجية من الاعتداء، لا تنكر أن التجربة كانت صعبة ولكن بالتأكيد ليست بحجم التجربة التي عاشتها الناجية فعلياً وقالت "كان من الصعب عليّ أن أستمع إلى شهادات الناجيات وأعرف بأن هناك جرائم بهذه الفظاعة، علمتني هذه التجربة الكثير، علمتني بأن وقوف المرأة إلى جانب المرأة يحدث فرقاً كبيراً".

وأجرت نور عريضة حوارات مع أربع ناجيات من الاعتداء الجنسي، واعتبرت أن كل حالة لديها خصوصيتها وبالتالي كل حالة كانت أصعب من الأخرى، وأوضحت "مع كل ناجية كنا نتأثر ونبكي ونتألم، وكنت أفكر بيني وبين نفسي لماذا حصل ذلك؟ وبأن لدي ابنة فإذا تعرضت لاعتداء، ما الذي يمكن أن أفعله؟!، ونحاول من خلال الشهادات أو الحلقات التي تتحدث فيها الناجيات أن نسلط الضوء على الجريمة وكذلك نقدم حلولاً".

وعن الطريقة التي يمكن أن توعي بها ابنتها على الاعتداء والعنف الجنسي، قالت "لقد اشتريت كتاباً لابنتي يحمل عنوان Your Body، أحاول وهي طفلة أن أخبرها بأن جسمك ملكك، وبالتالي عندما ننشئ أولادنا بهذه الطريقة يدركون بأن أجسامهم ملكهم لا ملك أحد، ما ينعكس مستقبلاً على تفكيرهم وأسلوب حياتهم، وبالتالي ربما إذا حدث لها شيء في المستقبل ستمتلك القوة لتبوح به من دون خوف ".

 

 

هذه شعارات حملة "لا عرض لا عار"

الناشطة نداء رحمون أيضاً كانت من بين المشاركات في الوقفة أمام المجلس النيابي، وقالت لوكالتنا "نقف أمام المجلس النيابي بما أنه السلطة التشريعية في لبنان، ونطالب هذه السلطة بتشديد العقوبة على المغتصب، إذ أن العقوبة حالياً خمس أعوام وهي عقوبة ليست بحجم الجريمة ومجحفة بحق الناجية، وبالتالي سنحاول بشتى الطرق إن كان بوقفات احتجاجية أمام المجلس النيابي أو بخطوات أخرى سيتم اتخاذها مع أبعاد".

 

 

عن شعارات الحملة قالت "حملنا شعارات نساء ناجيات من العنف والاعتداء الجنسي، وأشرنا في الشعارات إلى أن الاغتصاب جريمة، جسدي ليس شرفك، تنورتي الممزقة بعدها عندي، ما شاركناه في الحملة هي أقوال لنساء ناجيات أطلعننا عليها خلال جلسات توعية".

ولفتت إلى أن هناك جلسات توعية دائمة في منظمة "أبعاد" حتى تتعرف النساء إلى حقوقهن وبأن التبليغ عن الجريمة لا يتعلق بالعرض أو العار، بل هو جريمة".