2022... عاماً آخر من الانتهاكات وجرائم الاحتلال التركي في عفرين المحتلة والشهباء

عاماً آخر تعرضت خلاله مقاطعتي عفرين والشهباء في شمال وشرق سوريا، لجرائم وانتهاكات وهجمات واعتداءات ومجازر وتهديدات من قبل الاحتلال التركي ومرتزقته أدت إلى فقدان العديد من المدنيين لحياتهم.

روبارين بكر

الشهباء ـ شهدت مقاطعة عفرين المحتلة بشمال وشرق سوريا خلال عام 2022، انتهاكات جسيمة بحق السكان الأصليين، وفاقمت المرتزقة التابعة للاحتلال التركي بممارساتها وجرائمها من معاناة أهالي المنطقة وسكانها الذين بقوا على أرضهم لارتباطهم بثقافة وتراث آبائهم وأجدادهم.

خلال عام 2022 زاد الاحتلال التركي من وتيرة الهجمات على أراضي مقاطعة الشهباء بشمال وشرق سوريا وقرى ناحيتي شيراوا وشرا التابعة لمقاطعة عفرين، فقد وثقت منظمة حقوق الإنسان عفرين- سوريا منذ بداية العام العديد من الانتهاكات وجرائم قتل المدنيين تحت التعذيب، والخطف بحجج وتهم واهية، بهدف فرض الاتاوات عليهم، وسرقة ونهب الآثار، واغتصاب النساء ضمن مراكز الاحتجاز، وبناء المستوطنات لتغيير ديمغرافية المنطقة.

 

2022... قتل واختطاف المئات

بحسب إحصائيات منظمة حقوق الإنسان عفرين ـ سوريا حول انتهاكات الاحتلال التركي في مقاطعة عفرين على مدار عام 2022، فقد بلغ عدد المختطفين أكثر من 526 شخصاً من بينهم 46 امرأة، وقتل أكثر من 33 شخصاً من بينهم 13 امرأة، وفيما يتعلق بالبنية التحتية فقد تم قطع أكثر من 53 ألف شجرة مثمرة وحراجية، وحرق ما يزيد عن 6 هكتارات من الغابات و300 شجرة مثمرة.

ومن النساء اللواتي تم اختطافهن من قبل الاحتلال التركي ومرتزقته في مقاطعة عفرين المحتلة، والتي تأكدت المنظمة الحقوقية من هوياتهن "روهات إيبو 24 عاماً، نسرين محمد وقاص البالغة من العمر 30 عاماً، الطفلة كوكب علي، خيرية محمد موسى البالغة من العمر 40 عاماً، خديجة أوسو، آسيا أحمد حيدر، فريال حسن البالغة من العمر 52 عاماً، منى المكوم عمر البالغة من العمر 45 عاماً، آسيا حسين موسى 60 عاماً، هيفين محمد علي 18 عاماً، حميدة محمد مصطفى، نيفين بحري كيفو، فاطمة محمد نور كيفو، جفين أحمد، هيفين طاري".

أما النساء اللواتي فقدن حياتهن على يد مرتزقة الاحتلال التركي والتي تأكدت المنظمة من هوياتهن هن "هيفلان رشيد مامي البالغة من العمر 25 عاماً من قرية حمام التابعة لناحية جنديرس، حنيفة موسى أولو من كرزيله التابعة لناحية شيراوا، قتلت إثر الاشتباكات بين المرتزقة، ريحانة عمر محمد البالغة من العمر 70 عاماً".

 

لتغيير ديمغرافية المنطقة بنيت 16 مستوطنة

وفيما يتعلق بالتغير الديمغرافي وثقت منظمة حقوق الإنسان عفرين ـ سوريا، بناء أكثر من 16 مستوطنة في قرى ونواحي مختلفة بمقاطعة عفرين ومنها مستوطنة "كويت الرحمة، القرية الشامية، قرية بسمة"، وتم دعم هذه المستوطنات عن طريق جمعيات تركية، قطرية وكويتية، وهم جمعية البيان القطرية - التركية، جمعية العيش بكرامة فلسطين 48، وجمعية الإحسان الخيرية.

ووثقت مديرية الآثار في مقاطعة عفرين، نبش وتدمير الاحتلال التركي ومرتزقته أكثر من 16 تلة من بينها تلة عدامو، تلة عين داره، ترنده، ماراته، قيبار، جومكه، مارسو، عين ديبه، مرونة تحتاني، كشور، ديرصوان، زندكانه، تل بير، قابه، كوندي حمو، تل العين، وكذلك 4 مواقع أثرية وهي موقع بئر قرشين وبئر الجوز، قرية زيتوناكه، مدافن مسكه تحتاني، ومزاري شيخ موسى وشيخ محمد.

وحول الانتهاكات التي ارتكبها الاحتلال التركي ومرتزقته خلال عام 2022، تقول عضوة منظمة حقوق الإنسان عفرين - سوريا هيهان علي أنه "منذ احتلال مقاطعة عفرين في الثامن عشر من آذار 2018 من قبل الاحتلال التركي ومرتزقته وهو يمارس بحق سكانها كافة الجرائم والانتهاكات، وتزداد يوماً بعد الآخر، فلجان تقصي الحقائق ومنظمات حقوقية وثقوا خلال تقاريرهم العديد من الانتهاكات ضد الإنسانية التي ترتقي إلى مستوى جرائم الحرب"، لافتةً إلى أنه بالرغم من كل تلك الممارسات إلا أن المنظمات الحقوقية لا تزال تلتزم الصمت ولم تبدي أي ردة فعل حيال ذلك.

وأشارت إلى أن "العديد من النساء اختطفن بطرق وحشية، فهن تتعرضن للتحرش داخل مراكز الاحتجاز من قبل المرتزقة، كما تتعرضن لضغوط نفسية داخل المدينة بعد إن كن تتمتعن بجميع حقوقهن قبل الاحتلال".

وحول كيفية توثيق الانتهاكات توضح "كمنظمة حقوقية نقوم بتوثيق تلك الجرائم والانتهاكات عن طريق مقابلة الضحايا بعد خروجهم من عفرين وهم يسردون ما جرى معهم داخل المدينة"، لافتةً إلى أن "العديد من النساء اللواتي نجين من المعتقلات، أكدن أن هناك نساء تعرضن خلال اعتقالهن للاغتصاب، ووفق شهادات الضحايا فلم تعد عفرين مكاناً يسوده الأمن والاستقرار، فالمرتزقة زرعوا في قلوب الأهالي الذعر والخوف من الاعتقال لأسباب واهية".

وأكدت على أن "الهدف الأساسي من احتلال عفرين تغيير ديمغرافية المنطقة وتهجير أبنائها وسكانها الأصليين، لذا عمل على بناء عشرات المستوطنات في مناطق ونواحي مختلفة داخل مقاطعة عفرين"، مشيرةً إلى أنه تم "نبش جميع المواقع الأثرية في عفرين لرسم تاريخ جديد يخدم مصالح الاحتلال التركي".

وعن المشاكل الاجتماعية التي تفاقمت في ظل سيطرة المرتزقة على المنطقة من بينها زواج القاصرات تقول هيهان علي "لقد ازدادت نسب تزويج القاصرات في المدينة في ظل سيطرة المرتزقة التابعة للاحتلال التركي والتي تعد من الجرائم التي يعاقب عليها القوانين الدولية، حيث يتم تهديد الأسر بالقتل لتزويج فتياتهم الصغيرات للمرتزقة".

وأوضحت أنه "تم توثيق العشرات من حالات تزويج الأرامل والنساء الماكثات لوحدهن في المنازل بالمرتزقة، وفي حال رفض إحدى النساء الزواج من المرتزقة يتم تهديدهن بالاستيلاء على منازلهن"، مشيرةً إلى أن "الوضع الاجتماعي في عفرين بات سيئاً للغاية، إذ لم يعد بإمكان رجل أو امرأة أو طفل أو كبير في السن التمتع بحريته الشخصية في المنطقة".

 

استمرار الهجمات على مهجري عفرين

وبالتزامن مع انتهاك حقوق الأهالي في عفرين المحتلة، يستمر الاحتلال التركي ومرتزقته بالهجوم على مهجري عفرين وأهالي مقاطعة الشهباء، بالإضافة إلى قرى ناحيتي شرا وشيراوا بمقاطعة عفرين، من قصف همجي ويومي وارتكاب المجازر التي أسفرت عن استشهاد وإصابة المدنيين والمقاتلين.

خلال عام 2022، بلغ مجموع القذائف التي تعرضت لها المنطقة، 27498 قذيفة في حين تم قصف المنطقة بالطائرات المسيرة 13 مرة وتم إسقاط 3 مسيرات.

كما أسفر القصف المستمر عن إصابة 44 شخصاً من بينهم 10 نساء، و8 أطفال، بالإضافة إلى مقتل 7 مدنيين من مهجري عفرين من بينهم امرأتان فقدتا حياتهما خلال القصف على تل رفعن، وهما فهيمة رشو البالغة من العمر 17 عاماً، فاطمة عثمان معمو 30 عاماً، والطفلة أميرة حسن الخلف من المكون العربي في الشهباء استشهدت نتيجة القصف التركي على قرية غرناطة بمقاطعة الشهباء.

وفي الـ 30 من آذار/مارس 2022، وقع انفجار في ناحية الأحداث بمقاطعة الشهباء، تسبب باستشهاد 3 نساء وجرح 7 آخرون بينهم 3 نساء.

وحول هجمات واعتداءات الاحتلال التركي على أهالي مقاطعة الشهباء ومهجري عفرين تقول منسقية مؤتمر ستار عفرين ـ شهباء رحاب جبو "لا تزال الدول المهيمنة المتمثلة بالرأسمالية والسلطة مستمرة بسياستها في خلق النزاعات والفوضى، لبسط نفوذها وتحقيق مصالحها على حساب الشعوب، إضافة إلى ذلك لا يزال الاحتلال التركي يمارس سياسته التعسفية والاحتلالية بحق شعوب المنطقة من مهجري عفرين وأهالي مقاطعة الشهباء عبر هجماته المستمرة".

أوضحت "كثفت تركيا خلال العام الجاري من هجماتها وتهديداتها على مناطق شمال وشرق سوريا، ولا تزال تسعى لاحتلال المزيد من الأراضي السورية، لتحقيق حلمها العثماني".

وأكدت على أن "المدنيين في المنطقة تعرضوا للعديد من الهجمات التي أدت إلى مجازر، وخاصةً في ناحية تل رفعت التي لا تزال ضمن لائحة المناطق التي ستحتلها تركيا، لهذا تسعى تركيا عبر مجازرها إلى إفراغ المنطقة من الأهالي لتسهيل السيطرة عليها، الهجمات التركية لم تستهدف الشعب الكردي فقط، هدفهم هو محاربة مشروع الأمة الديمقراطية"، لافتةً إلى أنه "فقدت فتاة من المكون العربي بمقاطعة الشهباء حياتها في الآونة الأخيرة إثر استهداف المنطقة، كما أدى هجوم على قرية تنب إلى إصابة مدنيين من المكون العربي وفقدان آخرين لحياتهم".

وأوضحت أن المنطقة تعرضت للعديد من الأضرار المادية "أسفرت الهجمات عن خسائر مادية بممتلكات المدنيين في القرى التي تعرضت للقصف، كما تم حرق العديد من المحاصيل الزراعية، وحتى مخيمات النزوح أيضاً تعرضت للقصف التركي، ناهيك عن سياسة التجويع عبر الحصار الذي تفرضه حكومة دمشق على المنطقة في محاولة لمحاربة المهجرين وأهالي مقاطعة الشهباء".

وشددت في ختام حديثها "إرادة وعزيمة الشعب في المنطقة أقوى من المخططات والسياسات التي تمارس بحقهم، يقاومون ويتصدون للهجمات على أساس مبادئ حرب الشعب الثورية، لهذا لن يستطيع الاحتلال التركي النيل من شعب يعشق الحرية، وهذه المقاومة ستكون الطريق أمام تحرير كافة الأراضي السورية من الاحتلال التركي".