'ورثت فن الغناء من شقيقتي'

ساهمت المرأة الكردية على مر آلاف السنين في حماية وصون الثقافة والأدب الكردي وإيصاله إلى يومنا الراهن من خلال حفظ ونقل الأغاني الكردية

نجاح معيش
الحسكة ـ . كان للعديد من الفنانات دور وتأثير كبير على الثقافة الكردية من خلال إلقاء الأغاني، مثل الفنانة شيريفانا كردي وكليستان، وآسليكا قادر وعيشي شان وغيرهن.
في يومنا الراهن هناك الآلاف من النساء اللواتي التزمن بنهجهن الفني وتواصلن حماية الفن والغناء الكردي. منهن الفنانة جازية كنجو التي تغني منذ كانت طفلة صغيرة، والتي تأثرت في صغرها بشكل خاص بالفنانة شهريبان، وكانت تستمع إلى أغانيها بشكل متواصل. وهذا ما ساهم في ترسيخ حب الفن الكردي لدى جازية وساهم في دخولها إلى عالم الغناء الكردي.
جازية محمد كنجو 38 عاماً، تنتمي إلى عائلة فنية. تقول أنها ورثت جمال صوتها من والدها، ومن أشقائها وشقيقاتها. جازية الآن أم لـ 5 أطفال، وقد نقلت حب الفن الكردي إلى أطفالها أيضاً. ابنتها بارين تعمل معلمة للرقص الفلكلوري، أما ابنها محمد فيعمل في التمثيل المسرحي. وإضافة إلى عملها الفني فإن جازية تعمل معلمة للغة الكردية منذ عام 2015.
 
"منذ الطفولة كنت أحلم بأن أصبح مغنية"
العيش في كنف عائلة تمتهن الفن يعتبر فرصة نادرة. جازية كنجو ورثت جمال صوتها من والدها وأشقائها، وتقول حول بداية دخولها عالم الغناء "في طفولتي كنت أحب الغناء كثيراً، وكان حلمي الأكبر هو أن أصبح مغنية. كنت أحب الغناء والتعبير عن مشاعري وأحاسيسي. العديد من الأسر كانت تعتبر هذا الأمر معيباً وعاراً، لكنني قاومت حتى وصلت إلى هذا المستوى. الحقيقة إن تحقيق أحلام وآمال الطفولة تتطلب الكثير من الجهد والكفاح، لكنني تمكنت من تحقيق هذه الآمال. كنت أغني دائماً سواء أثناء إنجاز عمل ما، أو أثناء اللعب. وكان الكثيرون يحبون صوتي ويعجبون به، وهذا ما ساهم في أن أعمل على تطوير وصقل موهبتي. كما أنني ورثت جمال صوتي من والدي، كان صوته جميلاً جداً وكان يغني لي على الدوام. طبعاً كان للعائلة بشكل عام تأثير كبير علي فيما يتعلق بالغناء، فشقيقي وشقيقتي يغنيان أيضاً. ومنذ طفولتي كنت أستمع كثيراً إلى أغاني شهريبان وكلستان".
 
"أتمنى أن أحقق المزيد من التقدم"
في عام 2005 انضمت جازية كنجو إلى فرقة تولهدان في مدينة الحسكة، ومنذ تلك الفترة وحتى الآن شاركت وغنت في العديد من الحفلات، والمناسبات والأعياد، وتقول جازية حول تلك الفترة "منذ أن انضممت إلى الفرقة وحتى الآن شاركت وغنيت في العديد من الحفلات والمناسبات والأعياد. كما شاركت في إعداد أغاني مصورة مع بعض الفنانين في أوروبا، وخلال الأيام القادمة سوف أذهب إلى شنكال للمشاركة في حفلة يوم الـ 8 من آذار يوم المرأة العالمي، وسأغني هناك. أنا أؤدي الأغاني الثورية بشكل عام. ولدي أغنية ألفتها منذ 8 أعوام ولم يتم تسجيلها حتى الآن. الأغنية من كلمات بافي متين، وألحاني. وآمل أن أتمكن مستقبلاً من تحقيق المزيد من التقدم وأن أقدم أغاني أجمل".
بعد تأسيس معهد اللغة الكردية، انضمت جازية إلى المعهد من أجل تطوير لغتها الكردية، وفي عام 2015 بدأت بالعمل كمعلمة للغة الكردية، وتقول "عندما افتتح المعهد، في الحقيقة لم أكن أعلم إنني سوف أصبح معلمة. انضممت إلى المعهد انطلاقاً من حبي للغة الكردية، وبهدف تعلمها أيضاً. بالإضافة إلى عملي كمعلمة فإنني أواصل عملي في الفن أيضاً، أواجه بعض الظروف الصعبة بسبب ذلك، ولكنني أحاول أن أتجاوز تلك الظروف وأن لا تتأثر أياً من أعمالي".
 
"يجب على الشباب حماية الفن الكردي"
جازية كنجو نقلت حبها للفن والغناء والأدب الكردي إلى أولادها أيضاً، تقول "لقد نقلت حب الفن والغناء إلى أولادي، وشجعتهم على حماية الفن. وأنا آمل من كل شبابنا بأن يسعوا من أجل حماية الفن الكردي، وأن يستغلوا الفرصة المتاحة حالياً من أجل تطوير هذا الفن. يجب على الشباب حماية وصون الفن الكردي، لأنه بدون وجود الفن لا وجود لنا. المجتمعات تُعرف من خلال فنونها، والأمر الأهم هو أن على الأسر دعم ومساندة أبنائهم. الفن عمل جميل وممتع. ابنتي الآن معلمة للرقص الفلكلوري، وابني يعمل ممثلاً مسرحياً، أما ابنتي الصغيرة فأنا أقوم بتدريبها على الدوام. فإذا لم تكن العائلة إلى جانب أبنائها فإنهم لن يستطيعوا تطوير مواهبهم الفنية".
ونوهت جازية كنجو إلى أنه بسبب الظروف العائلية فإن العديد من النساء اللواتي تتمعن بصوت جميل لا تستطعن الغناء "في السابق لم تكن النساء تُقبلن على الغناء، حالياً الأوضاع أفضل نوعاً ما، ولكن في مجال الغناء لا تزال هناك صعوبات. النساء تشاركن في العديد من المجالات العسكرية والسياسية، ولكن هناك إقبال ضعيف على المجال الفني. لدى نسائنا العديد من المواهب الجميلة سواء فيما يتعلق بالأعمال اليدوية، أو موهبة الغناء وغيرها. وأنا أتمنى أن تقاوم النساء في هذا المجال لكي تتمكن من ممارسة هواياتهن بسهولة. يجب أن نكافح ونتعب لكي نتمكن من تحقيق أهدافنا".