تجسد الخواطر التي تكتبها على شكل لوحات فنية

"الفن التشكيلي ليس موهبة فحسب بالنسبة إلي، إنما هو صديقٌ وأرغب بالتعمق به وإبرازه، فمن خلاله أعبر عن مشاعري من دون الحاجة إلى الكلام"، هذا ما قالته الفنانة التشكيلية ميديا أمراني.

ليلى محمد
قامشلوـ
ميديا أمراني (28) عاماً ابنة رأس العين/سري كانيه في شمال وشرق سوريا، وهي معلمة لغة انكليزية، تعيش الآن في مدينة قامشلو بعد احتلال مدينتها من قبل الدولة التركية ومرتزقتها عام 2019، تحدثت لوكالتنا عن سبب اختيارها الفن التشكيلي وخوض غماره، "منذ نعومة أظافري وأنا أحب الرسم، وبدأت فيه برسم أشياء بسيطة حتى وصولي إلى المرحلة الجامعية، حينها ركزتُ أكثر على أن أكون فنانة تشكيلية".
 
"الفن بحرٌ واسعٌ والفنان الحقيقي لا يرتوي منه"
وتوضح ميديا أمراني "طريق الفن طويلٌ وبحرٌ واسعٌ، ومن المُبكر القول بأنني فنانة فما زلتُ في بداية الدرب، وأحتاج الوقت الكثير لأكون مُتمكنة فيه، والفنان الحقيقي لا يرتوي أو يكف عن اكتساب الخبرات"، وعن دخولها هذا المجال تقول "الفن ليس مؤطر بعمر معين، فأنا بدأت به عندما كنتُ صغيرة".  
وعن مدى ارتباطها وشغفها بالرسم، تشير "الرسم ليس موهبة فحسب بالنسبة إلي، إنما هو صديقٌ، وأرغب التعمق به وإبرازه، لأنه يفتح المجال للتعبير عن مشاعري دون أن اتكلم، وكان داعمي ورفيقي في السراء والضراء".
وقالت بأنها كانت الداعم الأساسي لنفسها والمُشجع الوحيد في البداية لتنمية موهبتها ولذاك العشق، "كنتُ الراعي الأول لذاتي في تطوير نفسي وإنجاز المطلوب مني في المجال الفني، وبعد رؤية أصدقائي وأسرتي لإصراري وتصميمي في الاستمرار بالفن وقفوا إلى جانبي وقدموا كُل الدعم لي". 
وواجهت الفنانة ميديا أمراني صعوبات لدى دخولها هذا المجال "الصعوبات التي واجهتها هي أنني لم أعلم كيف أبدأ مسيرتي الفنية، وعلى الرغم من حبي له وامتلاكي الموهبة، إلا أنني لم أعلم كيف أطورها، والنقطة الأساسية أن المجتمع لم يكن يتقبل هذه الفكرة ويؤيدها"، وتضيف" المجتمع ينظر إلى الفتاة التي تخوض مجال الرسم نظرة مختلفة، وكان الرسم في مجتمعنا مُهمشاً، وذلك ما شتتني".
 
"رسائل نيسان" معرض ضم 120 لوحة 
وعن دور ثورة روج آفا التي بدأت بتاريخ 19 تموز/يوليو عام 2012 في فتح الآفاق أمام المرأة وخاصة الفنانات، تقول "الثورة فتحت مجالاً واسعاً أمامنا من حيث التغيير والتغير الفكري، وأحدثت تحولاً كبيراً في المجتمع من حيث نظرته للمرأة، وأعطي الاهتمام لمختلف المواهب المكبوتة".
وأما عن الرسالة التي تحاول إيصالها من خلال أعمالها الفنية "لوحاتي تُعبر عن السلام والطبيعة والمرأة، والتعايش السلمي بين مكونات المنطقة وتعايش الأديان، وأعبر من خلالها عن ألمي وعن مدينتي رأس العين".
وعن الألوان التي تستخدمها بينت ميديا أمراني "في مدينتي لم تكن تتوفر الأدوات والمستلزمات التي أحتاجها، وفي حال توفرت تكون باهظة الثمن، فكنتُ أستعيض عنها بأدوات المكياج والفحم وغيرها من المواد حتى أستطيع ممارسة موهبتي". 
وإلى جانب إتقانها الفن تكتب ميديا أمراني الخواطر "أكتب الخواطر وأقوم بتجسيدها على شكل رسومات ولوحات فنية، وفي بعض الأوقات أرسم ومن ثم أحول اللوحة إلى خاطرة، ومن خلالها أعبر عن نفسي". 
وشاركت ميديا أمراني في مهرجانات ومعارض جماعية وكانت الأولى في المدرسة التي تدرس فيها اللغة الإنكليزية، ومن ثم شاركت في معارض أقيمت في المركز الثقافي بمدينة رأس العين/سري كانيه، واتحاد المثقفين، "من خلال المركز الثقافي وباسم مدينتي بدأتُ بالمشاركة في مهرجان فن وأدب المرأة بنسخته الثالثة عام 2018"، لكنها لم تستطع المُشاركة في النسخة الخامسة نظراً لظروف احتلال مدينتها ونزوحها القسري منها.
"رسائل نيسان" معرض لأعمال ولوحات ميديا أمراني أقيم في 22 نيسان/أبريل عام 2019، وتضمن 120 لوحة فنية، تمحورت حول مقاومة العصر والاحتلال الذي تعرضت له مدينة عفرين، ونضال المرأة في جميع المجالات، والهجرة والوطن، "كان الدافع لافتتاح هذا المعرض، نابعاً من رغبتي في تنمية موهبتي وكذلك فإن مشاهدتي لأعمال الفنانين شكلت حافزاً آخر لي".
وتفتخر ميديا أمراني بمشاركتها في مختلف المعارض كممثلة عن مدينتها "أعتز كوني أشارك برسوماتي في المعارض وتمثيلي لمدينتي شيء مقدس بالنسبة لدي".
 
"لوحاتي تعبر عن أملي بالعودة" 
عن النزوح القسري وتأثير ذلك عليها تقول "النزوح شيء صعب على كل إنسان، فبعده عن أرضه كبعده عن روحه، لهذا واظبت على الرسم، وكنت أضع تاريخ لكل لوحة أرسمها، على أمل الرجوع والعودة إلى مدينتي وإقامة معرض فيها".
وانضمت ميديا أمراني إلى مركز مالفا للفنون التشكيلية في عام 2020 بمدينة قامشلو، لاكتساب التجارب وصقل موهبتها، بشكل أكاديمي واختصاصي واحترافي، "انضمامي للمركز كان سعياً وراء الإتقان والتطور بشكل محترف، ولأمثل مدينتي بلوحاتي". 
ودعت ميديا أمراني كل من يجد في نفسه الموهبة أن يصقلها "أسعى للوصول إلى الأفضل وإنجاز المزيد مما أحلم به، وعلى الجميع عدم إهمال مواهبهم والعمل على تجسيد الواقع من خلالها وتفجير الطاقات الكامنة، فليس هناك شيء مستحيل، والجمالية هي في الارتقاء بالمواهب".