تحت خيمة النزوح تدور الرحى

حجر الرحى الذي تملكه زبيدة أوسو كان استجابة لجميع ظروف النزوح الصعبة. حيث تقوم زبيدة باستخدام حجر الرحى مع جاراتها تحت خيمة النزوح.

رونيدا حاجي
الحسكة ـ
في التاسع من شهر تشرين الأول/أكتوبر عام 2019، هاجم الاحتلال التركي ومرتزقته مدينة سري كانيه/رأي العين في شمال شرق سوريا بالأسلحة الثقيلة والمحظورة، ونتيجة لهذا الهجوم أُجبر آلاف الأشخاص على النزوح. زبيدة أوسو واحدة من أهالي سري كانيه النازحين، تبلغ من العمر 57 عاماً وأم لأربعة أطفال. اضطرت للنزوح بسبب هجمات الدولة التركية، عندما نزحت أخذت معها الرحى التي تعود لأجدادها وتستخدمها حتى يومنا هذا تحت خيمة النزوح، وتحافظ على الثقافة الأصيلة لوالدتها. عمر هذه الرحى 100 عام وهي تستخدمه تحت خيمة النزوح مع جيرانها.
 
"لم تترك رحى والدتها وجدتها ورائها"
ترفض زبيدة أوسو هجمات الدولة التركية على سري كانيه/رأس العين، وتقول إنهم سيواصلون المقاومة حتى النهاية ويظلون صامدين في مخيم واشوكاني، "بنينا منزلنا في سري كانيه بجهودنا، كنا نعيش حياة آمنة وسلمية. لكن الدولة التركية هاجمت عملنا وأطفالنا وثقافتنا بالأسلحة الثقيلة والطائرات الحربية والرشاشات والأسلحة الكيماوية (الفسفور الأبيض). وبعد مقاومة كبيرة تم احتلال سري كانيه وأُجبرنا على النزوح. كان يعيش فيها العديد من المكونات ولكن هجوم الدولة التركية انتهك جميع حقوق الشعوب. عندما نزحنا عدت مرة أخرى إلى المنزل لأخذ رحى والدتي وجدتي التي كانت تُستخدم لسنوات عديدة. بإخراجي لحجر الرحى أنقذت ثقافة أمي وجدتي من العدو. كنت أعلم بأن العدو سيدمر الرحى لو أنها بقيت هناك، لأن الهدف من الهجوم كان تدمير تاريخنا".
 
"حجر الرحى البالغ من العمر 100 عام يخدم النازحين"
من خلال استخدامها لحجر الرحى تواصل زبيدة أوسو ثقافة والدتها "هذا الحجر يعود لأجدادي، وأنا أستخدمه بعد والدتي، وهذا يعني أننا ننقل ثقافتنا من جيل إلى جيل آخر. الآن أنا أحمي وأحافظ على الأدوات والقطع التاريخية من جهة وأدير منزلي من جهة أخرى. فحياة النزوح صعبة وهناك حاجة لمثل هذه الأدوات، أنا الآن أطحن القمح والعدس والعديد من الأشياء المختلفة بحجر الرحى. اليوم رحى والدتي وجدتي تخدم جميع المهاجرين القاطنين في مخيم واشوكاني. عمر حجر الرحى الذي أملكه 100 عام".
 
"تحافظ على الرحى"
لفتت زبيدة أوسو الانتباه إلى أهمية الحفاظ على الأدوات التاريخية، ووفقاً لرأيها هي الحل الأنسب لجميع المشاكل "تقدمت التكنولوجيا كثيراً في يومنا الراهن، ولكننا بحاجة للحفاظ على أدواتنا التاريخية. فهي تساعدنا كثيراً الآن وهي الحل للعديد من المشاكل التي نعيشها اليوم. كما أن هذه الأدوات تنقذ الناس من الضائقة الاقتصادية أيضاً. اليوم نحن نازحون، وإمكاناتنا محدودة لذلك فإن هذه الرحى تساعدنا لدرجة كبيرة. النساء مرتبطات بتاريخهن وثقافتهن لذا من واجبهن جميعاً الحفاظ عليها".
 
 
"الحياة أجمل مع العمل"
جيان حسين البالغة من العمر 48 عاماً وأم لطفلين هي أيضاً من نازحي سري كانيه/رأس العين، وتعيش حالياً في مخيم واشوكاني. تقول إن حماية الأدوات التاريخية والحفاظ عليها مسؤولية الجميع "الرحى أداة قيمة، استخدمتها أمهاتنا وجداتنا في العصور القديمة. الرحى تساعد الناس كثيراً، وتطحن الحبوب والطحين. نحن النساء نجتمع اليوم تحت خيمة النزوح ونستخدمها. فمن الجيد أن يتدبر المرء أمور معيشته بجهده وعمله. ففي يومنا الراهن تعود شبابنا على الأشياء الجاهزة، وهذا الأمر أيضاً يبقي الناس بعيداً عن التعب والجهد. لذلك تعلم الراحة ليس جيداً، فهم لا يستطيعون إنقاذ وتخليص أنفسهم عندما يكونون في مأزق أو ضائقة. لذلك يجب علينا التركيز على العمل الجاد، لأن الأشياء التي تأتي بالجهد والعمل تكون أفضل وأجمل".