تغيرات جذرية ومشاريع مستقبلية للارتقاء بالمرأة في الشهباء

تغير حال النساء في مقاطعة الشهباء الواقعة في مناطق شمال وشرق سوريا بعد تحريرها، وتمكن من فرض شخصيتهنَّ من خلال العمل المشترك في جميع المجالات

فريدة زادة 
الشهباء ـ ، ويواصلنَّ مساعيهنَّ ليأخذن دورهنَّ بشكل أكثر فعَّالية في المجتمع.
تحررت مقاطعة الشهباء في شمال وشرق سوريا على يد القوات الثورية المشتركة في عام 2016، وعليها عاد الآلاف من الأهالي إلى المقاطعة, وبدأوا بتنظيم أنفسهم وفق الحياة الكومينالية, وكانت المرأة هي السباقة في تشكيل مراكزها ومؤسساتها بدءاً من الكومينات وصولاً للرئاسة المشتركة لمجلس إدارة المقاطعة.
وحول هذا الموضوع تحدث لوكالتنا وكالة أنباء المرأة (NUJINHA) الإدارية لمجلس المرأة الحرة بمقاطعة الشهباء في شمال وشرق سوريا رحاب جبو. 
فعن الدافع لتأسيس مراكز ومؤسسات خاصة بالمرأة تقول رحاب جبو "مع بداية تحرير بعض القرى في مناطق الشهباء من المرتزقة ومن بينها داعش، كان أغلب نساء الشهباء نازحات إلى مقاطعة عفرين، كان لوجود تنظيمات لنساء الشهباء داخل عفرين، الحافز الأساسي لبدأ تأسيس وفتح مراكز ومؤسسات لتنمية وتوعية النساء في مقاطعة الشهباء بعد تحريرها".
أوضحت رحاب جبو أن الذهنية والقيود التي فرضتها مرتزقة داعش على أهالي مقاطعة الشهباء وخاصة النساء منهم، كانت لا تزال تقيدهم حتى بعد تحرير المقاطعة وعودة الأهالي إلى ديارهم، ولكن بعد رؤيتهن لتجربة نساء مقاطعة عفرين بدأن العمل على تنظيم أنفسهن من خلال افتتاح مراكز ودُور المرأة للتدريب والتوعية والتأهيل والتمكين.
وحول المصاعب التي واجهت مجلس المرأة تقول رحاب جبو "في بداية عملنا واجهنا العديد من المصاعب والعوائق، لكون قيام النساء بافتتاح مراكز خاصة بها وإدارة نفسها بنفسها، وإثبات ذاتها ووجودها الذي لطالما تعرض للتهميش والقمع، خطوة أولى من نوعها في المنطقة، إلا أن المرأة استطاعت وضع بصمة مميزة في المجالات الحياتية والسياسية وغيرها من المجالات".
وأفتتح مجلس المرأة الحرة في مقاطعة الشهباء، مراكز خاصة بالمرأة في ناحية كفرنايا، ثم في تل رفعت، ومع تحرير ناحية فافين افتتح مركزاً هناك أيضاً، وكانت تلك المراكز الركائز الأساسية لتشكيل اتحاد المرأة الحرة في الشهباء.
وبحسب رحاب جبو فقد وسع مجلس المرأة من عمله التنظيمي بعد الإقبال الكبير من قبل النساء، وسعى جاهداً وبشكل دؤوب إلى حل كافة المشاكل التي تواجهها النساء، كما ووطد العلاقات معهن لتمكينهن من الانضمام إلى العمل ودُور المرأة، وتشجيعهن على المضي قدماً، ليكن ذوات دور فعال في المجتمع.
ونوهت رحاب جبو إلى أن كل تلك الخطوات التي قام بها المجلس شكلت الركيزة الأساسية لتشكيل اتحاد المرأة الحرة في الشهباء، الذي تمخض عن الكونفرانس الأول للمرأة في الشهباء الذي أنعقد في الخامس من آذار/مارس 2017، تحت شعار "إرادة المرأة الحرة هي ضمان تحرير الشهباء".
ومن أبرز مهام اتحاد المرأة الحرة في الشهباء، تدريب وتوعية المرأة والتعريف بقوانينها وحقوقها ومساعدتها لتكون الطليعية في المجتمع، والنهوض بواقعها نحو الارتقاء والوصول إلى الحرية.
ويعتبر عقد المرأة لاجتماعاتها وكونفرانساتها الخاصة، خطوة أولى من نوعها في وقتٍ طمس النظام السوري ومرتزقة داعش دورها، إذ فرض عليها أن تكون متقيدة بالمنزل وأعماله فقط، وطمس هويتها وإبعادها عن حقيقتها.
وأكدت رحاب جبو أنه من خلال زيارتهن ونقاشهن مع النساء اتضح أن المرأة في الشهباء ترى أن هذه القوانين قادرة على حمايتهن من العادات والتقاليد، وقالت "حاربت المرأة الذهنية العشائرية والدينية، ورأت أنها تمنحها القوة لتتمكن من الدفاع عن نفسها والمساواة بين الجنسين من خلال الرئاسة المشتركة وانتخابها للمرأة، والتي تعتبر المرة الأولى في الشهباء".
هذا ومع إعلان الإدارة الذاتية الديمقراطية في شمال وشرق سوريا وترسيخ مبادئه بين الأهالي في الشهباء، استطاعت المرأة المشاركة في كافة ميادين الحياة السياسية، الاقتصادية، الاجتماعية وغيرها، وتؤكد رحاب جبو أن إرادة وعزيمة المرأة المنظمة أقوى من كل الأنظمة.
وأفادت رحاب جبو أنه ومع تطور دور وعمل المرأة داخل دُور المرأة وضمن اتحاد المرأة الحرة، تحول دار المرأة إلى لجنة للعدالة الاجتماعية لتكون أول لجنة تابعة للاتحاد، لتعريف المرأة بحقوقها والمساواة بين الجنسين، وتمكينها من المطالبة بحقوقها المشروعة، ومحاربتها الذهنية الذكورية والعادات والتقاليد التي حرمتها من أبسط حقوقها.
وأردفت أن من أكثر الصعوبات التي واجهتهن كان من قبل الرجل في الشهباء، الذي كان يمنع المرأة من الخضوع إلى تدريبات توعوية وتأهيلية، سواء كان أخ، زوج أو الأب حتى في بعض الأحيان الأم التي تربت على هذه الذهنية، وخوفاً من مواجهة الرجل كانت تمنع ابنتها من المشاركة في التدريبات.
وشددت رحاب جبو على أنهن عالجن هذه الصعوبات من خلال النقاشات ونشر الوعي، والفعاليات التي قام به اتحاد المرأة الحرة، حتى تمكنت المرأة من إثبات دورها في المجال الاجتماعي، الثقافي والسياسي وغيرها، خاصةً بعد مشاركتها في الرئاسة المشتركة واتخاذ القرارات وحل كافة القضايا.
ولفتت رحاب جبو خلال حديثها إلى أنه مع عقد الكونفرانس الثالث لاتحاد المرأة الحرة في أواخر عام 2020، اتخذ قرار أن يصبح اتحاد المرأة "مجلس المرأة" ومع توسيع العمل والعضوات، وبات الهدف الأساسي للمجلس وحدة المكونات في المنطقة وتوسيع عمل المرأة، ومن ضمن المخططات تشكيل كومينات ولجان اقتصادية خاصة بالمرأة، بالإضافة إلى لجنة التدريب والتوعية ولجنة العدالة الاجتماعية، وتفعيل دور المرأة في الكومينات باعتبارها النواة للمجتمعات.
وأشارت رحاب جبو إلى أن المرأة وجدت في مرحلة الانتخابات ديمقراطية حقيقة من خلال ترشيح نفسها والمشاركة في الانتخابات، على عكس ما كان عليه الوضع من قبل، حيث أنه ضمن الأنظمة الرأسمالية كان المرشحين رجال والمرأة تكتفي بالتصويت لهم، إلا أنه ضمن مشروع الأمة الديمقراطية المرأة بات لها دور بنسبة 50% للمشاركة في الانتخابات، في البداية كانت النسبة أقل بكونها كانت خطوة جديدة وأولى من نوعها في المنطقة في ظل ترسيخ عادات وتقاليد تمنع المرأة من المشاركة في العمل مع الرجل خاصةً في ظل عمل الإدارات المحلية.
وعن دور التدريبات قالت "بالتأكيد التدريب والنقاش كان له أثر إيجابي على حياة المرأة في العمل التنظيمي وعليه باتت المرأة لديها طاقة أكبر في العمل، وتعرفت على فكر وفلسفة القائد عبد الله أوجلان الذي يركز على دور وتمكين المرأة في جميع المجالات والأصعدة، والذي جعل إقبال المرأة أكبر وأعطاها القوة والإرادة لترسيخ قدراتها في المجتمع".
هذا وأصدرت هيئة المرأة في الإدارة الذاتية الديمقراطية بشمال وشرق سوريا عام 2014، قانون حماية المرأة والذي يتضمن بنود تحمي وجود المرأة وحقها في المجتمع، وهي في إطار مشروع القائد عبد الله أوجلان الذي دافع فيه عن دور المرأة في الحياة وفي جميع المجالات.
وتطرقت رحاب جبو إلى أن هذه التطورات والتغيرات في حياة المرأة في الشهباء باتت ملحوظة "بالرغم من التطورات والتغيرات في حياة المرأة في الشهباء إلا أنه يبقى غير كافي، حيث أننا نسعى ونعمل لتتمكن المرأة من أخذ مكانها الحقيقي في صناعة القرار والمشاركة في تشكيل الدستور الجديد، وصياغة قانون المرأة وتحقيق العدالة الاجتماعية بين كافة فئات المجتمع".
وشددت رحاب جبو على أنهن يخططن لمشاريع مستقبلية، منها مشاريع اقتصادية لاستقلالية المرأة وتقوية وضعها الاقتصادي، وتأهيل وتدريب المرأة في كافة المجالات، حيث أنه ما يزال هناك ضعف في انخراط المرأة، ومن الضروري نشر المزيد من التوعية بينهن، إضافة إلى فتح أكاديميات خاصة بالمرأة من خلال تدريبات مفتوحة ومغلقة ومسلكية، وتكثيف الفعاليات الخاصة بالمرأة التي تنادي بالمساواة وحرية القائد عبد الله أوجلان التي تعتبره المرأة قائداً للمرأة ولجميع المكونات، قائلةً "فعالياتنا ونشاطاتنا مستمرة، وسنعمل على توسيع العمل ومشاركة المرأة في كافة المجالات وزيادة أعدادها في كافة المؤسسات".