سجى حمدان تتحدث عن النصوص التي لم تقرأ أو تكتب بعد
مع مرور السنوات كان حلم الشابة سجى حمدان يكبر برفقة كل كتاب أو نص كانت تقرأه في الانتماء لتجمع ثقافي حقيقي إلى أن أصبحت مدير مكتب فلسطين للاتحاد العالمي للمثقفين العرب
رفيف اسليم
غزة ـ ، ذلك المسمى الذي أشعرها بالخوف في البداية لأنه أصبح يقع على عاتقها من خلاله مهمة كبيرة في الوصول والتشبيك مع الكتاب والكاتبات الفلسطينيات وأيضاً أي شخص من عامة الناس ينتمي للثقافة أو يرغب بأن يبدأ لكنه لا يعرف كيف.
كتاب صغير كان كفيل بأن يجبر سجى حمدان البالغة من العمر 23 عاماً، على أن تبدأ طريقها في البحث عن ذاتها بين تلك النصوص، فتقول إن الفكرة بدأت صدفة عندما كانت تتجول في مكتبة المدرسة الثانوية لتجد رواية وتقرر قراءتها حتى آخر سطر، مشيرةً أنها أثناء القراءة اكتشفت عوالم لم تكن مدركة أنها موجودة كما تذوقت الأسلوب الأدبي واكتسبت بعض المفردات لتجد نفسها بعد قراءة عدة كتب تمتلك حصيلة لغوية فريدة فتحت لها آفاقاً أكبر.
وهذا ما جعل من مقولة الكاتب أدهم شرقاوي "الكتب جوازات سفر الفقراء والمضطهدين الذين تركلهم السّفارات وتطردهم المطارات" هي المفضلة لسجى حمدان التي دوماً ما ترددها وتؤمن بها، فتشير أنها مع مرور السنوات كبرت دائرة اهتماماتها وأصبحت تتطلع لقراءة المزيد من الكتب التي تحتوي على نصوص أدبية ذات قيمة أكبر من خلال الاختلاط مع مجموعات وأشخاص تشاركها الاهتمامات ذاتها وتشجعها على المضي قدماً.
كما لم تمنعها دراسة الطب من ملاحقة حلمها فتقول إنها كانت تخصص مجموعة صفحات من كتب الأدب والثقافة والدين وموضوعات أخرى لتواكب اهتماماتها، وتبقى على إطلاع على آخر النسخ التي يتم اصدارها، لافتةً أن تلك الحصيلة من الكتب المقروءة جعلت منها كاتبة أيضاً، لها عدة نصوص تلقت على إثرها جوائز دولية ومحلية كجائزة وزارة الثقافة الفلسطينية عن نص "هشاشة" الذي وصفت به مشاعر المرأة عند فقدان زوجها وشريكها في الحياة.
وترجع بنا سجى حمدان إلى فترة بداية عام (2020) مع ظهور فايروس كورونا في قطاع غزة واصفة إياها بالفترة الذهبية؛ لأنها استطاعت خلالها الالتحاق بنوادي للقراءة عبر الانترنت والاشتراك بمسابقات عربية وعالمية حاصدة عدة جوائز منها المركز الأول في مشروع "أصبوحة 180" لصناعة القراء العرب، والمركز الأول عن خاطرتها في موضوع التطبيع عن جائزة الشاعر هارون عبود وأخرى لدى سفراء العرب في المغرب ليكون ختامها في نص "برقيات عشقية" في فرنسا.
ولعل المرأة هي المسيطرة على نصوص سجى حمدان لأنها الملهمة الأولى على حد وصفها فكثير ما تجد في قصص المرأة الفلسطينية تجارب هامة تستدعي التوثيق على مدى سنوات، "قابلت الجدات وكتبت عن البلاد قبل الاحتلال الاسرائيلي لفلسطين؛ لأوثق حياتهن في الأفراح والأحزان كما قابلت أم الشهيد والنساء اللواتي عاصرن الاجتياح البري لقطاع غزة خاصة تلك الجدة المصابة بمرض في العظام والتي مشت آلاف الكيلومترات للبحث عن حفيدها وسط الدبابات الحربية فتلك الشجاعة والبسالة بالتضحية هي نموذج المرأة الفلسطينية".
وتؤمن سجى حمدان أن القصص التي لن تكتبها المرأة الفلسطينية وتوثقها ستوثق ضدها من قبل الأعداء لذلك ترى أنه من المهم التركيز على التراث الفلسطيني والمرأة كونها جزء مهم منه، وتخصيص الكتب التي تتناول أسلوب حياتهن ونمط لباسهن، مشيرةً أنها تخصصت أيضاً في "توثيق قصص الشهداء الفلسطينيين من خلال مقابلة عائلاتهم وبالأخص أمهاتهم وزوجاتهم" محاولة أن تخلد ذكراهم في قاموس خاص بهم.
وقد قطفت سجى حمدان ثمار جهدها عندما تم اختيارها لتكون مدير مكتب الاتحاد العام للمثقفين العرب في فلسطين، فتشير أنه بعد الاطلاع على كافة أعمالها والمسابقات التي شاركت بها وقع الاختيار عليها لتمثيل الاتحاد في فلسطين، لافتةً أن عملهم خلال الفترة الحالية هو تحضيري من خلال الانترنت محاولة استقطاب أي شخص ينتمي للثقافة سواء انتاجاً أو قراءة أو نقداً ليتم بذلك افتتاح المقر بشكل رسمي.
وتلفت سجى حمدان إلى أن الاتحاد مؤسسة خدماتية بالدرجة الأولى تسعى للارتقاء بالكتاب والكاتبات والمساعدة على انتاج كتبهم أو اقتراح عناوين مناسبة للمحتوى من خلال عدد من النقاد الذين قدموا عضويتهم وقد قُبلت بالفعل، مشيرةً أنه سيكون هناك أيضاً فرصة للتدقيق الإملائي والنحوي بأسعار رمزية كما سيكون هناك فعاليات للأشخاص حديثي القراءة لاقتراح عناوين تناسبهم ومشاركة تجاربهم لإشعارهم بأهمية ما يقومون به في سبيل الارتقاء ثقافياً.
وترى سجى حمدان أنه سيكون للمرأة نصيب من نشاطات الاتحاد من خلال ادمجاها في نشاطات القراءة والكتابة لصنع شخصيات قيادية قادرة على المحاورة بعقلية نابغة ذات بنية تأسيسية ثقافية جيدة تساعدها على صنع كيانها وفرض احترامها أينما وجدت، مضيفةً أن الجمال الخارجي للمرأة يذهب مع مرور الوقت لكن جمال العقل لا يمكن أن ينفذ لأن المحاور في كل مرة سيجد جانب جميل مما يعكس صورة تمثل المرأة التي تمثل نصف المجتمع وتلد وتربي النصف الآخر.
وتنصح سجى حمدان جميع النساء في بقاع الأرض أن يبدأن بالقراءة بغض النظر عن مؤهلهنَّ العلمي لأن الجهل الحقيقي هو البعد عن التثقيف المستمر وتطوير الذات، خاصة أن المرأة يقع على عاتقها تلك المسؤولية لتتمكن من تربية جيل واعي وصنع بصمة لها من خلاله تعبر عنها أينما حلت، لافتةً أن الكثير من القامات الأدبية كان لهن نتاج ضخم ويعتز به بالرغم من أنهن لم يكملن دراستهنَّ الجامعية.