نينا طاهر تدعم مرضى السرطان في "إيقاع الحياة"

إلى عالم من الخيال لجأت الفنانة التشكيلية نينا طاهر هاربةً من الواقع الذي يثقل كاهل اللبنانيين، فاختارت الموسيقى الصامتة التي نطقت بها لوحاتها، وانتقلت إلى فن آخر وهو الرقص لتفرغ طاقة ايجابية فيه، بألوان مفعمة بالحياة والفرح والأمل.

كارولين بزي

بيروت ـ افتتحت الفنانة التشكيلية اللبنانية نينا طاهر معرضها "إيقاع الحياة" في معرض Exode في الأشرفية ببيروت.

 

"الرسم موسيقى صامتة"

لم تكن المرأة غائبة عن لوحات نينا طاهر، بل هي الحاضرة الثابتة. ففي أغلب اللوحات الـ 35 التي تألف منها المعرض الذي افتتح في الواحد والعشرين من تموز/يوليو الجاري، تنقلت نينا بين المرأة العاملة والريفية، وتلك العصرية والراقصة، مروراً بالمرأة المتعبدة في صومعتها.

اعتمدت نينا طاهر في معرضها إيقاع القلب النابض بالحياة، وفق ما تصف في حديث لوكالتنا، وتقول "بدأ هذا المعرض من فكرة أنني أحب الموسيقى كثيراً، وبأنني أريد أن أعبّر عن أجواء الفرح بعيداً عن الحزن الذي نعيشه منذ فترة. وأعتقد بأن الرسم هو موسيقى صامتة ونستطيع أن نعبّر من خلاله عن الموسيقى مثلما نشعر بالموسيقى عندما نستمع إليها... فنشعر في كل لوحة بالنبض والروح والحياة".

ولفتت إلى أنها "حاولت أن أنوّع بين لوحاتي، وكما ترون المرأة حاضرة في اللوحات بشكل كبير، لأنني من خلال كل امرأة رسمتها في اللوحات أعبّر عن نفسي، بل وأضع من روحي فيها".

وعن عنوان المعرض الذي يستمر حتى الثامن والعشرين من تموز/يوليو تقول "اسم المعرض إيقاع الحياة، أو نبض الروح، في إشارة إلى المرأة العاملة أو التي ترقص وتضج بالحياة. الحركة من خلال لوحة الحصان بالإضافة إلى اللوحات التي تصوّر آلات موسيقية... كلها لوحات تعبّر عن الحركة والروح وأردت أن أبعث برسالة أمل من خلال لوحاتي إلى كل شخص مجروح أو متألم".

 

"معرضي يدعم مرضى السرطان"

وتوضح "بدأت الفكرة مع مديرة معرض Exode كريستيان غسطين التي أطلقت مبادرة تنظيم معارض لأهداف إنسانية. وأنا اخترت أن يكون معرضي داعم لمرضى السرطان، لأن هذا المرض تحديداً يمسني ويمس كل شخص منا، هذا المرض كسر لي قلبي، ويعود جزء من إيرادات المعرض إلى مرضى يحتاجون المساعدة، ولكي نطلب أيضاً من الناس بأن يخضعوا لفحوصات طبية دورية وألا يشعروا بالخوف من المرض، لأن الكشف المبكر يحمي من الأسوأ".

على الرغم من أن الهدف إنساني وتحديداً من خلال معرض "إيقاع الحياة" الذي تقدم فيه نينا طاهر المساعدة لمرضى السرطان، إلا أن المرض غائب عن اللوحات، وتقول "لم أتحدث عن المرض في لوحاتي، بل أردت أن أسلط الضوء على الفرح والحياة الجميلة والأمل... تجنبت نقل الوجع والحزن، لأننا عشنا الحزن كثيراً... وبالتالي يحق لنا أن نفرح، لمرض سلب مني شخص قريب إلي، وخسرت الكثير من أصدقائي بسبب هذا المرض، وأثر بي كثيراً".

عن عشقها للموسيقى وترجمة هذا الفن في لوحة لا بمقطوعة موسيقية، تعلق قائلةً "الرسم هو موسيقى صامتة، يمكن أن يشعر به الإنسان حتى من دون صوت. فكل لوحة من اللوحات تأسرك إلى مكان، وتسافرين معها من مكان إلى آخر من خلال فكرك وروحك، وبالتالي هذه طريقتي بالتعبير".

وتعتبر أن شغف الفنان بنقل مشاعره إلى لوحة وحبه للرسم سيراه رواد المعرض ويشعرون به في حال كانوا يحبون هذا النوع من الفن.

 

 

"أنا المرأة في كل اللوحات"

عن الوقت التي احتاجته اللوحات لإنجازها، تقول "بدأت التحضير للمعرض في العام 2021، رسمت العديد من اللوحات وأجريت العديد من التجارب، حتى توصلت في النهاية إلى اختيار 35 لوحة في معرض "إيقاع الحياة"".

قصص مترابطة حاولت نينا طاهر أن تكتبها بريشتها، علماً أن بعض اللوحات أنجزتها في العام 2021 واستكملت قصص هذه اللوحات في لوحات أخرى خلال العام الجاري، وتعلق "أنا أعيش هذه الحالة، وأنا أعبّر عن حالة أنا أعيشها وأجسدها في لوحاتي... فالأفكار مطبوعة في قلبي، بحب وشغف نسجتها على لوحاتي".

على الرغم من تعدد النساء في لوحات نينا طاهر، من الطفلة إلى المرأة الريفية العاملة، مروراً بالراقصة التي تعبّر عن حريتها بالرقص ولاسيما الباليه، المرأة المتعبدة في صومعتها، إلا أن الرسامة التشكيلية، تعتبر أن كل النساء اللواتي زيّن لوحاتها هن هي، "جميعهن أنا، كل واحدة منا ليست محدودة بإطار معين... كل النساء الموجودات في لوحاتي يمثلنني ويمثلن كل امرأة، كل النساء أثرّن بي، كل لوحة فيها من روحي، كل واحدة تمثلني". وفي سؤال عن الطفلة التي رسمتها في لوحتها، تلفت الانتباه إلى أن "جزءاً منها لا يزال طفلاً.

 

"هروب من الواقع"

ليست المرة الأولى التي تتحدث فيها نينا طاهر عن المرأة وتكرّمها، بل تلفت إلى معرض سابق أطلقت عليه عنوان Woman أو امرأة، وتوضح "المعرض كان عن المرأة، لأنني أشعر بالقهر على المرأة التي تتعرض للاضطهاد والقمع، لذلك كان المعرض خاص بالنساء"، وتضيف "عندما حاولت أن أغيّر في "إيقاع الحياة" عدت إلى المرأة مجدداً لذلك كانت حاضرة بقوة في لوحاتي".

في مجتمع غارق بالأزمات، حاولت نينا طاهر أن تتحدى الحزن وتنتقل إلى الفرح في لوحاتها، وتقول "لأنني عشت حزناً كبيراً وربما الفرح في لوحاتي هو ردة فعل لهذا الحزن أو هروب من الواقع الذي أعيشه. ربما هذه اللوحات والفرح الذي يغلب عليها هي حلم وليست حقيقة، لأن الواقع في بعض الأحيان مؤلم... نبحث عن الأمل دائماً ونفكر بأن غداً أفضل".

وعبّرت عن سعادتها بوجود عدد كبير من زملائها الفنانين في حفل الافتتاح، وشعرت بأنهم يقدمون لها الدعم والتشجيع وهو أمر يدفعنا لأن نتطور ونتقدم ونقدم الأفضل.