نسرين عتيقة فتاة ليبية تحتضن التراث خوفاً من الاندثار
أناملها السمراء المخضبة بالحناء الليبية، تغازل سعف النخيل بخفة ورشاقة، تظفره بجودة واتقان حتى يكتمل بسلة أو طبق ممزوج بألوان بهية، نسرين سالم عتيقة ذات 24 ربيعاً نزحت مع أهلها من مدينة تاورغاء عام 2011، أبان ثورة شباط/فبراير إلى مدينة بنغازي
ابتسام اغفير
بنغازي ـ .
حرصت أمها على تعليمها ظفر سعف النخيل، وتعلم المصنوعات والمشغولات التراثية، التي تشتهر بها مدينة تاورغاء منذ أزمان بعيدة.
تقول نسرين عتيقة إنها عندما علمتها أمها ظفر السعف لم تكن تعلم إنها ستتفتح محلاً لبيع المشغولات التراثية لتكسب منه قوتها، وتساعد نساء مخيمات تاورغاء في بيع ما يقمنَّ بصنعه، فقد كانت الفتيات يتعلمنَّ صنع هذه المشغولات منذ صغرهنَّ حتى لا تندثر هذه الحرفة وتتلاشى مع الزمن.
محل تراثي يدعم التراث ومصدر دخل
كبرت نسرين عتيقة وأبدعت في عمل المشغولات ففكرت في استغلال هذه الموهبة في مشروع يدر عليها ربحاً مادياً في هذا الوقت الصعب الذي تمر به ليبيا، فاشتركت في ورشة عمل مدتها أربعة أيام نظمها برنامج دعم ليبيا في التكامل الاقتصادي، الذي يشجع رائدات الأعمال ويساعدهنَّ على افتتاح مشاريعهنَّ الخاصة، وهو برنامج تشرف عليه مؤسسة خبراء فرنسا، وممول من الاتحاد الأوروبي بالتعاون مع الهيئة العامة للشباب والرياضة.
فازت بالمنحة وافتتحت مشروعها باسم تراثي للمشغولات التراثية وبدأت تسوق منتوجاته، ولاقت رواجاً كبيراً داخل وخارج ليبيا، وتقول نسرين عن هذا النجاح "هناك طلب كبير على هذه المنتجات، في أحيان كثيرة تأتيني طلبية بعدد 300 قطعة من نوع معين، أو يأتي الي زبون ليشتري بعض المشغولات من أجل أن يهديها لأصدقائه، أو يحملها معه كهدايا اثناء سفره".
"أقوم بعمل جميع المصنوعات التراثية"
تشير نسرين عتيقة إلى أنها تصنع جميع أنواع المشغولات التراثية ومنها السلة وما يتم كتابة الأسماء عليها، وهناك "القفة" التي يتم وضع الخضار أو الخبز فيها وكذلك مشغولات لغرض الزينة والديكور.
وعن المواد الخام التي تعمل بها تقول "المواد التي نحتاجها لمثل هذه الصناعات هي أشياء بسيطة، وهي سعف النخيل والصبغة والمخيط المتوفرة في مدينة بنغازي، إلا أن بعض أنواع السعف خاصة الأبيض الناصع له مواسم معينة وبالتالي نجد صعوبة في ايجاده".
"تعلمت كيفية التعامل مع الوباء من أجل المحافظة على عملي"
تقول نسرين عتيقة عن وباء كورونا وتأثيره على عملها "في البداية تأثر عملي مثلي مثل غيري، ولكن الوضع الآن أفضل وتعلمت كيفية التعامل مع الوباء من أجل المحافظة على عملي".
بدأت نسرين عتيقة ومحلها التراثي يأخذان شهرة كبيرة في هذا المجال، فمحلها يعتبر الوحيد في بنغازي الذي يبيع المصنوعات التراثية التاورغية، وتأتيها دعوات للمشاركة وأحياء الاحتفالات والمعارض التي تهتم بالتراث بصفة خاصة.
وفي ختام حديثها دعت نسرين عتيقة جميع الفتيات ألا يتوقفنَّ على حافة الحلم، وإنما يجب عليهنَّ أن ينطلقنَّ ليحققنَّ أهدافهنَّ فلا يوجد شيء مستحيل.