نساء يرسمن التاريخ بنقوشهن وأعمالهن ويتجاوزن أزماتهن بالحرف اليدوية

الحرف اليدوية واحدة من القطاعات الواعدة في مصر تمتهنها الكثير من النساء في العديد من المحافظات ويعمل قطاع كبير منهم على توثيق التاريخ والتراث المحلي.

أسماء فتحي

القاهرة ـ تعد الصناعات اليدوية بمختلف أشكالها مجال عمل واسع للنساء لا ينازعهم فيه الكثيرين خاصة في تلك المحافظات البعيدة عن القاهرة ومنها سيناء وأسوان وحلايب والواحات والعريش وغيرها، وبات هناك لون مميز لكل مكان سواء في أنواع الملابس والنسيج بشكل عام أو مشغولات بمختلف أنماطها أو الصناعات الأخرى كالفخار والزيوت واللوحات.

عدد من المؤسسات النسوية تسعى لتمكين النساء اقتصادياً، وفي الفترة الأخيرة كان هناك جهد مبذول وواضح في تدريبهم على عدد من تلك الحرف، وواحدة من المبادرات التي تعمل تحديداً على إدماج النساء في هذا القطاع الواسع كانت "دنيا جديدة بالفنون" التي خرجت للنور على يد واحدة من المبدعات في هذا المجال وهي مصممة الحلي والاكسسوار رانيا عوف.

التقت وكالتنا مع مجموعة من النساء اللذين قرروا تغيير نمط حياتهم بامتهان مجموعة من الحرف اليدوية وتعرفنا على خططهم للمستقبل من خلال هذا المجال وكذلك أهم المعوقات التي تواجه العاملين به، كي يتم العمل في هذا القطاع بشكل أفضل ويحقق الهدف المنشود للنساء الذين يمتهنونه دون غيره من الأعمال الأخرى.

 

"دنيا جديدة بالفنون" تعمل على تدريب النساء على الحرف اليدوية لإدماجهم مجتمعياً

قالت رانيا عوف، إنها وقعت بروتوكول منذ 6 أعوام مع عدد من المتاحف لتدريب فئات نسائية محددة بهدف إدماجهم مرة أخرى في العمل بشكل عام وإخراجهم من الأزمات التي يعانون منها وتمكينهن اقتصادياً أيضاً.

وأكدت أن هذه الفئات تمثلت في المعيلات الغير قادرات سواء من مطلقات أو أرامل أو غير ذلك، فضلاً عن محاربات السرطان سعيا لتأهيلهم النفسي بواسطة ألوان مختلفة من فنون الحرف اليدوية.

وأوضحت رانيا عوف، أن المبادرة تحتوي على 18 حرفة مختلفة وفيها نحو 22 مدرب متطوع وتلقى إقبال كبير من النساء من مختلف الأعمار وتعتمد على الجهد الذاتي للقائمين عليها فهي مجانية تماماً للفئات المعلن عنها من النساء.

وأرجعت رانيا عوف، تطور فكرتها ونموها لحالة الجدل والزخم المثارة في الفترة الأخيرة بشأن معاناة النساء والضغط عليهن خاصة الغير قادرات منهن سواء من خلال الدراما التلفزيونية أو العمل الدؤوب لمؤسسات المجتمع المدني ووزارة التضامن الاجتماعي والجهات المعنية.

 

 

الحرف اليدوية تجربة مختلفة... وهذه أبرز المعوقات

قالت مصممة الحلي رانيا عوف، إنها تعمل في أغلب الاحجار وبعد تركيز طويل ومكثف على المعادن تطور الأمر وكذلك الأدوات لتترك بصمتها المختلفة في هذا المجال وتصبح أول من يستخدم نبات البامبو في تصميم الحلي النسائية بأشكالها المختلفة.

وعن تجربتها في هذا المجال أكدت رانيا عوف، أنها بدأت منذ ما يقارب 6 سنوات في دعم النساء وتدريبهم، وتعمل بجد على تنمية وتعزيز أفكارها المتعلقة بنشر تعليم الحرف اليدوية ومساعدة النساء على اكتساب تلك المهارة والترويج لها محلياً وخارجياً باعتبارها جديرة بأن تمتهن ويتم التوسع بها كواحدة من أهم القطاعات الاقتصادية والفنية المميزة.

أما عن المعوقات التي قد تواجه النساء في هذه الحرف فقد أكدت رانيا عوف، أن أبرزها التسويق للمنتج، ولكن أيضاً العاملات في هذا المجال يحتاجون لدعم نظراً لارتفاع أسعار الخامات وهو ما بات يؤثر على سعر المنتج النهائي فتقل فرص تسويقه وشراؤه.

 

تجارب نسائية متنوعة في مجال الحرف اليدوية

اعتبرت لبنى عبد العزيز، أن الحب هو أساس سعيها لامتهان الحرف اليدوية والرغبة في الاستمرار بها، مؤكدة أنها تدربت على التصميمات المختلفة وتجتهد من أجل تطوير نفسها لمواكبة أحدث خطوط الموضة في هذا المجال بل أنها تطمح في عمل دليل خاص بها خلال الفترة القصيرة المقبلة.

أما عن التجربة الشخصية فتقول لبنى عبد العزيز، أنها تخرجت من كلية التجارة وسوق العمل مزدحم لا يوجد به مكان يستوعب الخريجين الجدد وهو الأمر الذي دفعها للعمل على مشروعها الخاص راغبة في تغيير حياتها ومسارها من خلاله بالترويج لمنتجاتها وتصميم قطع مختلفة ومنافسة في هذا المجال.

 

 

بينما قادت الرغبة في التعلم واكتساب المهارات الجديدة المحامية آمال زكى لخوض مجال الحرف اليدوية، حيث أكدت أنها شغوفة بتطوير ذاتها فقد تمكنت من تعلم التفصيل والتطريز ولا تدخر جهداً ما دامت ستثقل معرفتها بمهارة جديدة.

واعتبرت أمال زكي أن العمل على وضع بصمة مميزة في مجال الحرف اليدوية واحد من أهم تطلعاتها في المستقبل ليكون لها حضور مختلف، لافتة إلى أن هناك العديد من الصعوبات التي تواجه النساء الذين يعملون في هذا المجال وفي مقدمتها عدم إدراك قيمة المنتج الحقيقية والتقليل منها واستسهال اقتناء المنتجات الجاهزة أو المستوردة لرخص سعرها مقارنة بالإعمال اليدوية.

 

 

بينما أرجعت يسر مصطفى لموهبتها وشغفها بالحرف اليدوية الدور الأكبر في قرار امتهانها لها، فمنذ نعومة أظافرها وهي تعمل في هذا المجال، معتبرة أن إتاحة الفرصة لتعلمها كانت حلم حياتها الذي تحقق وتتمنى أن تثبت فيه ذاتها وتفرض وجودها ومنتجاتها مستقبلاً على الساحة وتنافس بقوة في معارض محلية ودولية.

 

 

والفشل مرة لا يعني استمراريته هكذا اعتبرت فردوس سعيد، وضعها في هذا المجال حيث حاولت اكتساب مهارة التفصيل والكروشيه ولكنها فشلت في ذلك ولم تستسلم لتلك التجربة بل قررت المحاولة في مجال آخر وتمكنت بعد عدد من التجارب أن تجد نفسها في إنتاج المشغولات النسائية بواسطة الأحجار والمعادن.

وأكدت فردوس سعيد، أنها تمكنت من تحقيق إنجاز كبير في وقت قصير حيث بات لديها صفحتها وتشارك بالمعارض وتنتج طوال الوقت للمقربين وللغرباء، مؤكدة أن أسعار الخامات ارتفعت وبالتالي العمل بات يتطلب شرح أكثر تفصيلاً عن المنتج كي يعي المشتري قيمة ما يقتنيه.

 

 

وتطوير العمل واستكمال ديكوراته كان الدافع وراء عمل آية رضا، على امتهان الحرف اليدوية حيث كانت تعمل في رسم الحنا، وتعد الإكسسوار أحد أهم العناصر المستخدمة والمكملة لهذا المشهد الجمالي لذلك قررت تعلمه واستخدامه في مشروعها.

وتروي أية رضا، تجربتها في الاستعانة بآخرين مؤكدة أنها كانت تجد صعوبة في الحصول على التصميم المناسب للعرض الذي ترغب في تقديمه فضلاً عن المبالغة في الأسعار، وهو الأمر الذي جعلها تقرر تعلم هذا المجال لتستكمل مشروعها وأصبحت الآن تجيد تصميم كل ما يخطر ببالها من اكسسوار مما جعل عملها أكثر ثراءً ومعبراً عما يجول بخاطرها من أفكار إبداعية متنوعة.