مؤلفاتها الشّعريّة تُصور واقع ضحايا الحب والحرب

إحساس الحب العميق والهوى العذري، والأسف على البلاد وضحايا الحروب، وقضايا واقعية اجتماعية، تنقلها رشا شمعون عبر مؤلفاتها الشّعرية

رهف يوسف 
قامشلوـ ، التي تعبر ابنة مدينة قامشلو في شمال وشرق سوريا عنها بالقول "سأصعد أحد التّلال القريبة من التّاريخ، وأقذف همومي على صدر القدر اللعين، وأفعل ما أحب... لا ما يفترض بي أن أفعل".
رشا شمعون (34) عاماً، بدأت الكتابة بخواطر غزلية في سن المراهقة، عندما كان من غير المألوف أن تكتب النساء الشعر في ذلك الوقت، "أفرغت طاقتي الأدبية بمواضيع التّعبير المدرسيّة، مما لفت انتباه المدرسين، وشجعوني على تغذية مخزوني بالمطالعة".
ولأنها لم تكن تدرك ماهية الرّواية، بدأت بقراءة الشّعر، فكان نزار قباني هو الشاعر الذي ألهمها، ثم قرأت لجبران خليل جبران، وعقب الثّانوية بدأت بالتّفكير والعمق بمعاني الكلمات، فقرأت لمحمد الماغوط، وبدر شاكر السياب، وغيرهم.
وبين عامي 2003 و2004، بدأت تستهويها قراءة القصائد الوطنية والاجتماعية، إذ شهدت تلك الفترة الغزو الأمريكي للعراق والذي خلف الكثير من المآسي، بالإضافة للمعاناة التي طالت السريان والآشور، مما ولد الحاجة لديها للتعمق بالتّاريخ، "الحزن دائماً يهدينا لغة جديدة، أردد كثيراً هذه الجملة، فكما الفرح والحب يجملان الحياة، الحزن يعطينا أحاسيس عميقة راقية".
رؤية الحزانى والمظلومين لا تعطي دافعاً لكتابة الشعر كما يفعل عيش هذا الواقع "شعرنا بالحزن لما حدث في العراق، لكن عندما بدأت الحرب في سوريا عام 2011، تعرفنا على الشّعور الذي عاشه العراقيون أكثر".   
ونظمت الشّعر في البداية معتمدة على البحور أو شعر التّفعيلة، ولكنها انتقلت إلى كتابة الشعر العامودي الحديث، وتقول عن ذلك "إنه أسهل وأكثر سلاسة"، لذا زادت من أوقات قراءتها لتتعرف على أساليب غيرها، وتصف ذلك بالقول "يحتاج لوقت طويل ومجهود كبير".
وتنظر إلى الكتابة على أنها جزء منها لا تستطيع الاستغناء عنها "من يحب شيئاً يناضل من أجله"، وبالرغم من توقفها لفترة قبل عام 2010، إلا أنها عادت بشغف أكبر "من أطلعوا على كتاباتي أخبروني أنني أملك كنزاً، ولكنه كالشجرة بحاجة للتقليم". وبعد ذلك قررت تنقيح بعض كتاباتها التي ألفتها من 2003 حتى 2010 وجمعها في كتاب "قوافل على دروب الحب".
عملت على تنظيم وقتها للقراءة والكتابة على حساب العديد من الأشياء "رغم أن وقتي أصبح ضيقاً، بعد أن زادت مسؤولياتي، إلا أنني خصصت وقتاً للكتابة، وركزت أكثر على المواضيع الاجتماعية".  
"كنت أبحث عن نفسي"، جملة طبقتها رشا شمعون قولاً وفعلاً، بالرغم من قلة الانتاج، ولكنها طبعت كتابين في عام 2016، بموافقة وزارة الثّقافة والإعلام في دمشق، الأول هو "دموع الأرض" المستوحى من الأحداث في سوريا تتكلم خلاله عن الشّباب والهجرة والأطفال اليتامى.  
ويضم الكتاب 19 قصيدة في 76 صفحة، مرتبة بالعناوين التّالية "جريحة، أسرى الهجرة، أطفال، والحياة، وسياسة، والفراق، والموت، وحبيبتي، وراحل، وشعب مقدس، وشهيد الميدان، وطفلة، كأس الدّم، مجرد حرب، ومقتولة، منزلنا وأبي، ومئة عام، ولدي، يتيمة".
وأما الثّاني بعنوان "للحب لونٌ آخر" من 130 صفحة، يحتوي على غزل ومواضيع اجتماعية ويضم 41 قصيدة منها "أرني كيف تعشق؟، الكذب الرّقيق، حواء، معذبة، مطر لا يتكرر، عن عينيك أبحث، مسافرة، السّجن الوردي، مد لي يديك، السّطر الأول والأخير".
وتعتبر أن الأسلوب يتعلق بالكاتب/ة، ولا يوجد فرق بين الماضي والحاضر "المشاعر هي ما يختلف، والنّظرة إلى الأشياء، إضافة لاختلاف المرحلة العمرية. ويبقى الشّعر بشكل عام كالفسيفساء، كل جزء لا يشبه الآخر ولكنه يكمل بعضه".
وعما تفتقده الكاتبات اليوم، تقول "تنظيم الوقت، إضافة لحاجتنا لمراكز ثقافية داعمة وفعاليات مشجعة كالندوات والأمسيات الشّعريّة، إلا أنَّ الظّروف الشّخصية المتعلقة بالالتزامات الحياتية تلعب دورها، بالرغم من وجود جهود جبارة لتفعيل دور المرأة". 
وتتطلع لوجود مساحة أكبر ونشاطات أوسع "لا يجب أن نركز على الكتاب والشّعراء فقط، بل أيضاً على البراعم الفتية التي تمتلك الموهبة والطّموح والرّغبة، لأن الكبار دائماً قدوة للصغار".
وترغب بأن تكون مثالاً للمتزوجات من ذوات المواهب الأدبية، "نريد رابطة نسوية للقلم خاصة، بعيدة عن نطاق العمل، لأننا نفتقر لقلم المرأة، فهناك العديد من المؤلفات ولكن بالنسبة للنساء فهي قليلة". 
ولاقت رشا شمعون التّشجيع والآراء الإيجابية والنقد البناء، بالرغم من بعض التعليقات المؤذية "كلماتهم هادمة كـ "لماذا تكتبين الغزل، ابقي في المنزل وابتعدي عن الكتابة"، لكن محاولات الإحباط زادت من إصرارها، وهي تحلم ككل كاتبة أن تمس مؤلفاتها قلب كل مستمع وقارئ.