منى الصبان: هدفي تعليم اللغة السينمائية لجميع الناطقين بالعربية في العالم

واحدة من أهم المنابر التعليمية التي يرتادها أكثر من 80 ألف مشترك هي المدرسة العربية للسينما والتلفزيون عن بُعد، والتي تقدم مناهج متعددة لجميع الناطقين باللغة العربية حول العالم.

أسماء فتحي

القاهرة ـ منى الصبان واحدة من المبدعات المؤثرات التي تمكنت بفضل حبها لما تدرس ورغبتها الدائمة والدؤوبة في التعلم من إضافة الفيديو للمقررات الدراسية في معهد السينما، بل وتمكنت من فتح باب العمل بقسم المونتاج في التلفزيون المصري أمام الدارسين، وأدارت المدرسة العربية للسينما والتلفزيون محققة نجاح في هدفها الأعظم المتمثل في تعليم اللغة السينمائية للناطقين بالعربية حول العالم.

وفي حوار مع وكالتنا حدثتنا الدكتورة منى الصبان، أستاذ دكتور في معهد السينما بأكاديمية الفنون بالقاهرة، ومديرة المدرسة العربية للسينما والتليفزيون عن بعد، عن رحلتها الحافلة بالأمل والحلم والطموح الذي تم تتويجه بالمدرسة التي عملت خلالها على إتاحة المواد المنهجية للراغبين في تعلم السينما والتلفزيون من خلال مجموعة من البرامج.

 

حدثينا عن الخطوات الرئيسية في مسار رحلتك قبل إنشاء مدرسة السينما العربية؟

كان لأمي دور كبير في حبي للسينما وعشقي لتفاصيلها فقد كانت تحبها ولا يمر أسبوع دون دخولها لمشاهدة فيلمين أو ربما ثلاث في السينما المجاورة لمنزلنا، وكان تواجدنا بالسينما شبه روتين اعتدنا عليه حباً في رؤية الأفلام.

وكان الذهاب لمشاهدة الأفلام بالسينما مكافأة أمي لي في نجاحي حيث أفضلها على غيرها من العروض، وبعد الثانوية العامة علمت بوجود معهد للسينما الذي قضيت فيه 4 سنوات من حياتي بالدراسة فيه.

ولم يكن والدي مقتنع بالمعهد وعادة ما يخبر من يسأله عن دراستي أني ملتحقة بمعهد خدمة اجتماعية حتى أصبحت معيدة بالمعهد ومن هنا بدأ يصرح بطبيعة دراستي وأني معيدة به، وتوجهت لدراسة المونتاج باعتباره آخر مرحلة يمر بها الفيلم قبل عرضه.

وأول دفعة قمت بتدريسها في المعهد كانت لأسماء لامعة ومبهرة فمن بينهم عاطف الطيب وصفاء أبو السعود وغيرهم، والعدد كان يقدر بنحو 23 طالب/ة في قسم الإخراج كنت المسؤولة عنهم في الأربع سنوات وتمكنت من تحقيق النجاح.

 

من التدريس بالمعهد للسفر للخارج ثم فكرة إنشاء مدرسة للسينما جميعها مراحل نتطلع لمعرفة تفاصيل عنها، هلا أخبرتنا عنها؟

سافرت في منحة من معهد السينما لمدة عام في بولندا للتدريب على المونتاج وهناك كان الأمر أكثر من مبهر بالنسبة لي وتعلمت الكثير من الخبرات في الجزء الخاص بالموسيقى والمؤثرات.

واتجهت بعد ذلك إلى لبنان، وكنت أعمل هناك رئيس قسم المونتاج في التلفزيون اللبناني، وأستاذة في الجامعة اللبنانية بجانب عملي في وكالات الأنباء والأفلام الخاصة.

وعند عودتي للقاهرة اكتشفت أن الطلبة لا يدرسون الفيديو أو التلفزيون ولذلك التلفزيون المصري يمنع تماماً عملهم في قسم المونتاج، ومن هنا بدأت معركتي لإدخال دراسة التلفزيون في جميع تخصصات معهد السينما.

وانتقلت معركتي داخل التلفزيون نفسه من أجل السماح للطلبة بالعمل فيه، ولم ايأس وطرقت كل الأبواب وذهبت لنقابة السينمائيين وتوجهت لجميع المسؤولين حتى تمكنت من الحصول على قرار يسمح بالعمل في هذا القسم للطلبة.

وفي عام 1996 تم الإعلان عن منحة للفنون في واحدة من المؤسسات الأمريكية فقمت بالتقديم لها وحصلت على الترتيب الأول.

وفي أذار 1999 تمت دعوتي لحضور مؤتمر الرابطة العربية الأمريكية لأساتذة الإعلام لأني عضو بها في الجامعة الأمريكية ببيروت، وعند حضور المؤتمر ومناقشة أوراقي المقترحة طلب منى الأساتذة العرب تنفيذ مشروع مدرسة السينما كي تتاح من خلالها الدراسة خاصة أن هذا النوع من المناهج يكاد لا يكون له وجود في عدد ليس بالقليل من الدول المشاركة.

 

حديثنا عن مشروع مدرسة السينما وتفاصيل الفكرة وكيف تمكنت من تنفيذها وما الذي تقدمينه للمشتركين فيها؟

المدرسة تعمل على تدريس منهج السيناريو والإخراج والتصوير والصوت والمونتاج، والامتحانات تتم آخر العام، والتقديم لا يستلزم سوى إرسال طلب على الواتساب الخاص بي، ومن هنا أقوم بعمل كامل المهام حتى تتم المشاركة، ودراسة السيناريو تتم أولاً وبعد شهرين تقام الامتحانات وهكذا حتى نهاية الدراسة التي تتوج بفيلم مشروع التخرج.

والمدرسة تتبع صندوق التنمية الثقافية التابعة لوزارة الثقافة المصرية، وتم تخريج دفعة جديدة منذ أيام في حضور حافل واحتفاء كبير بالأفلام والخريجين الجدد.

ونحن ندرس لغة سينمائية واحترافها، ورسالتي في الحياة تعليمها لجميع الناطقين بالعربية في مختلف أنحاء العالم، والدراسة بالمجان تماماً، ونسعى لاستيعاب أكبر عدد ممكن من الشباب في مختلف أنحاء المحافظات بالداخل المصري وكذلك العالم، ويحصل الخريجين على بطاقة نقابة المهن السينمائية بشرط أن يكون حاصل على شهادة جامعية ولا يشترط التخصص.

وتحتوي المدرسة على مكتبة كبيرة مفهرسة للتسهيل على الباحثين، كما أن هناك حصر بالكتب والدراسات التي تم إعدادها في السينما ومن يحتاجها نعمل على توفيرها له في مصر أو خارجها.

 

ما هي أسباب تراجع السينما المصرية وسطحيتها مؤخراً؟

منذ الانفتاح الاقتصادي أيام محمد أنور السادات وما تلاه طوال 30 عام من حكم حسني مبارك حدث تجريف للمجتمع المصري لتصبح الزراعة به مستحيلة وأرى أننا في حاجة للتعليم بشكل أكبر والتثقيف الجيد.

والتجريف انسحب على المشاهدين حيث أصبح هناك بحث عن الأفلام السطحية والتهريجية وهو ما شجع المنتجين على السعي وراء مزيد منها، وبات البحث عن العوائد المالية الهدف الرئيسي لذلك نشعر بتراجع السينما المصرية.

والأهم هو غياب السيناريو الجيد الذي يملأ وجدان المشاهد بالعمق والمتعة كما كان يحدث قديماً، ولا توجد سيناريوهات قوية مع الأسف رغم وجود مخرجين ومصورين ومهندسين صوت وديكور فوق الممتازين، لكن للأسف لا نجد كتاب متميزين يخرجون لنا سيناريوهات محكمة عميقة.

وواحد من الحلول الهامة للتعامل مع هذا الموقف وإعادة الروح للسينما مرة أخرى هو ضرورة تدخل الدولة والعمل على توفير الإنتاج ليتسنى لنا رؤية أعمال أعمق لا تستهدف العائد المالي في المقام الأول بقدر تغذية عقول وأرواح المشاهدين.