ما بين الانطلاق والتوقف تروي الشاعرات تجاربهن في الصالونات الثقافية النسائية
الصالونات الثقافية النسائية لقاء بين النساء لم يختفي حتى وإن كان قد تعرض في كثير من الأحيان والفترات الزمنية للخمول والذبول في مختلف كل البلدان العربية
ابتسام اغفير
بنغازي ـ ، ولكن عند ظهوره يظهر بشكل جلي ومختلف وجميل يجلب إليه الأنظار، لمعرفة ما يدور في تلك الصالونات.
في ليبيا وتحديداً في مدينتي طرابلس وبنغازي حكايات تروي لصالونات ثقافية نسائية ظهرت واختفت عبر الزمن وما بين توقف صالون الشاعرة خديجة بسيكري، وانطلاق صالون الشاعرة حنان محفوظ سنوات طويلة تمتد لأكثر من ثمانية عشر عاماً، فيا ترى ما سبب توقف صالون خديجة؟ والآمال والتفاؤل الذي جعل حنان تفتح صالونها الآن وفي هذه الفترة الصعبة من تاريخ ليبيا؟
عن سبب توقفها تقول الشاعرة خديجة بسيكري لوكالتنا "يعود السبب المباشر لتوقف الصالون بالدرجة الأولى لعدم استقراري في المدينة نتيجة للسفر الكثير، كما انشغلت رابطة الأدباء والكتاب بعد استعادة نشاطها".
فكرة تأسيس الصالون كانت نوع من التحدي
وعن فكرة تأسيس الصالون آنذاك تقول "كانت فكرة تأسيس صالون براح خديجة بسيكري الثقافي نوع من التحدي لرابطة الأدباء والكتاب في بنغازي بأننا نستطيع القيام بنشاطاتنا الثقافية من بيوتنا في تلك الفترة، حيث كانت الرابطة تعتبر المتنفس الوحيد للأدباء والكتاب لإقامة نشاطاتهم الثقافية، ولكن بسبب المشاكل أوقفت الرابطة جميع هذه الأنشطة".
وتضيف عن ماهية الصالون "الصالون عبارة عن ملتقى نسوي تحديداً، لأن هناك كثير من النساء يتحفظن على المشاركة والدخول للأنشطة الثقافية المختلطة بسبب وجهة نظر اجتماعية معينة، فهن لن يتمكن من الوصول إلى القاعات الأدبية وغيرها، ودائماً البدايات فيها نوع من الخوف ثم يكون الانطلاق، وهذا ما تقوم عليه فكرة عملي هو الأخذ بيد الشخص الموهوب وبمجرد أن يتجاوز الخطوات الأولى ينطلق لأماكن أوسع وأكبر".
"جمهور نسوي كبير له ذوق شعري"
وتشير الشاعرة خديجة بسيكري أن براح خديجة بسيكري الثقافي "لم يكن مجرد تجمع نسوي كما يقولون بل هو ملتقى للمثقفات الشاعرات، والكاتبات في مختلف المجالات الأدبية، يجمع النساء فيمتلئ المكان بعبق القراءات النقدية، والأمسيات الشعرية، ولم يقتصر الحضور على الشاعرات، بل كان الحضور يشمل جمهور نسوي كبير له ذوق شعري يملأه الفضول لأن التجربة كانت جديدة".
وعن سبب عدم استمرار أنشطة صالونها الثقافي مطولاً توضح "لأن جمهورها عادةً ليس كبير، إضافةً إلى المشاغل الحياتية، ودائماً المرأة الليبية لديها اهتمامات أخرى، وهذا ما نعانيه الآن في الندوات والأنشطة التوعوية، وهذا يرجع لاهتماماتها بجانب الحياة الاجتماعية أكثر، أو أن شريحة من النساء لديها احتياجات فتتوقع من مثل هذه الصالونات تقديم الدعم المادي لها".
وتقول الشاعرة خديجة بسيكري أثناء حديثها عن الصالون إنها تذكرت تجربة من أجمل التجارب التي عاشتها، وكان فيها مساحة للحرية للمرأة الليبية حيث أنها استطاعت أن تعبر عن إعجابها وتفاعلها مع القصيدة ومع النص، وعن إمكانية العودة تقول "سنسعى من خلال منظمة أمازونات أن تكون هناك جلسة ثقافية لها رونقها الخاص وجمالها".
قبل أن يفوت الأوان
تقول الشاعرة حنان محفوظ عن انطلاقتها "منذ أكثر من عامين وكانت فكرة الصالون الثقافي فكرة تجول وتصول في مخيلتي، وكانت تلحُّ عليّ من باب أن تكون انطلاقة لكيان ثقافي نسائي ليبي تبقى هي محاولة لإبراز مبدعات جدد وضخ دماءها الجديدة في المشهد الليبي، خصوصاً وأنا المعجبة جداً بصالون فاطمة حقيق وما تحققه من نجاحات عبر صالونها الثقافي المنطلق من مكتبة طرابلس العلمية العالمية، التي ترأس إدارتها وافتخر بكوني من روادها الأوائل والمداومين على الحضور، وهناك صديقات أخريات خارج ليبيا دعونني فيما سبق لصالونات أدبية تخصهن مثل الشاعرة اللبنانية تغريد فياض والذي يتمتع بصيت جميل في القاهرة وفي بيروت أيضاً، كما لصالون الدكتورة هدى العبيدي نشاطات مهمة".
وأوضحت أنه "في لقاء جمع بعض شاعرات من طرابلس وفي جو عائلي نسائي يضم مجموعة من الصديقات المقربات وزميلات عمل تمنين أن يحظين بحضور أمسية شعرية حية على الهواء وكان لهنّ ما تمنين، وأكد لي انبهارهن بما حدث أن قرار إطلاق الصالون خطوة صحيحة رغم صعوبة تحقيقها ومسؤولية إدارتها، والحفل الذي أقيم في صالون بيتنا المتواضع وضم ثلة من الصديقات وضع لبنة النشاط الأول الذي أطلقنا عليه ملتقى مكحلة".
الصالون يعتبر متنفس لهن
الصالونات الثقافية النسائية من بعيد يرتأى للناظر على إنها ثقافة نخبوية ونوع من الترف في وقت يعج بالعجلة والسعي وراء لقمة العيش والكد، خاصةً في ليبيا خلال هذه الفترة، لكن الشاعرة حنان محفوظ تقول عن هذه الفكرة "إذا تحدثنا عن النخب الثقافية فماذا نقصد بالنخبة أو بالأحرى من هم النخب، هل هم المتعلمون تعليماً عالياً؟ أم هم المبدعون والمثقفون، إذاً الصالونات الثقافية تشمل كل هؤلاء، واعتقد بأن كلمة نخبوية جاءت من تسميتها الصالون وهو ما يرمز لطبقة اجتماعية معينة في زمن ما لم يكن فيه الصالون بمعناه الفعلي موجوداً في كل بيت، ونظراً لأن المبدع والمثقف يريد أن يتجاهل أعباء الحياة من كد وتعب فالصالون يعتبر متنفس له في هذا الوقت بالذات".
ضخ دماء جديدة والتعريف بالمبدعات الجدد
وعن هدف الصالون تقول الشاعرة حنان محفوظ أنه "أولاً وأخيراً إثراء المشهد الثقافي الليبي كذلك ضخ دماء جديدة والتعريف بالمبدعات الجدد"، وحول ما إذا كان صالونها الثقافي سيقتصر على الشاعرات فقط أم يستقبل الكاتبات والأديبات بمختلف تخصصاتهن وهل نرى في الصالون مكان لمحبات الثقافة والأدب، تقول "الصالون مهيأ لاستقبال كل الإبداعات من شعر وقصة ورواية وفنون تشكيلية، ستكون هناك أمسيات شعرية، ومحاضرات ثقافية، وندوات وغيرها من النشاطات الأدبية، أما عن الحضور فسيكون لكل من يحب الثقافة والأدب، إذا تسنى لنا الأمر ستكون النشاطات أسبوعية ولكن وضعنا جدولاً موسميا أي فصلياً للنشاط بالنسبة للعام الأول".
وتتمنى عودة الصالونات الثقافية المغلقة مجدداً لينطلق في حلة أبهى وبطريقة أفضل، ولكن هذا كله سيكون على عاتق البرنامج الثقافي وما هي الأنشطة المطروحة والمشاركات من النساء، وحول ما إذا كان صالونها الثقافي يضم جلسات نسائية غنائية كالتي تشتهر بها تونس وسوريا، تقول "طبعاً هناك الكثير من البرامج في مخيلتي ومنها الأمسية الموسيقية، والغنائية كالتي ذكرتها في منتدى نسائي تونسي، كذلك غناء ما يعرف بوطويل في اعراسنا، وهناك الكثير من الأحلام التي أتمنى أن تتحقق في هذا الصالون، بالإضافة إلى نشاطات خاصة بالأطفال".
"للصالونات الثقافية أهمية كبيرة وشأن عظيم"
وتقول الشاعرة حنان محفوظ أن "للصالونات الثقافية أهمية كبيرة وشأن عظيم في النهضة الثقافية لأي بلد إذا تم دعمها من وزارة الثقافة، من خلال دعم وتبني نشاطاتها والاعتراف بما تقدم للثقافة مشهداً مهماً".
وعن ملتقى "مكحلة" الذي تم إشهاره خلال جلسات الصالون تقول أنه "ملتقى نسائي فقط نحتفل فيه بإنجازات لنساء الظل المناضلات في مجالاتهن، ربما غير معروفات في المجتمع ولكن معروفات في دائرة أسرهن أو مجتمعاتهم الصغرى كمدارس أو مستشفيات أو أي مكان عمل آخر ولكنهن متميزات، وحدث وأن كرمت في ملتقى مكحلة نساء أردت أن أقول لهن شكراً بطريقتي فجمعتهن مع حضور منهن من يعرفهن ومنهن من يلتقين بهن لأول مرة".
وتجيب عن سبب اختيار اسم المكحلة لملتقاها شعراً:
لماذا المكحلة؟
لأن من شغل عقلها
وسلب روحها عشقا
وجعلها حبه
هو مرود عينها
لماذا المكحلة؟
لما تحمله من جمال
لرمز جمال العين
وجمال العين في كحلها
لماذا المكحلة؟
لأن أغلى شيء على قلب المرأة زينتها وهي اساس الزينة...
وأخيراً لماذا المكحلة؟
لنص اقترفته آوان فرح روحي
ورقصُ قلبي
في أوج السعادة