'لتوسيع الخيال والكتابة على جميع الكُتاب قراءة كتابات بعضهم البعض'
قالت الكاتبة والقاصة ناريمان عفدكي أن من أهم ما يسعى إليه الكُتاب والكاتبات في شمال وشرق سوريا هو إيصال نتاجهم الأدبي إلى خارج حدود المنطقة
ليلى محمد
قامشلو ـ قالت الكاتبة والقاصة ناريمان عفدكي أن من أهم ما يسعى إليه الكُتاب والكاتبات في شمال وشرق سوريا هو إيصال نتاجهم الأدبي إلى خارج حدود المنطقة، للمساهمة في إيصال أدب المنطقة إلى العالم.
الكتابة هي فن التعبير عن الأفكار والمشاعر ووجهات النظر، باستخدام اللغة كوسيط لنقلها وتقديمها للأخرين، على شكل موضوع مكتوب، وتتنوع أشكال الكتابة وأهدافها، ولكل شكل منها شروط وقواعد تميزها عن غيرها، إلا أنها تشترك جميعها في ضرورة امتلاك مهارات كتابية قوية، تمكن صاحبها من إتمام مهمة الكتابة على أتم وجه.
تقول الكاتبة والقاصة ناريمان عفدكي من مدينة سري كانية/رأس العين المحتلة في شمال وشرق سوريا، أنها بدأت الكتابة عندما كانت طفلة، ولكن خوفها كان يسيطر عليها لدرجة أنها لم تظهر موهبتها لأحد، "بحكم تنقلي بين الأدبين العربي الذي درسته في سوريا، والأدب الكردي الذي درسته في شمال كردستان بمدينة آمد، أصبحت قدرتي الأدبية قوية أكثر، ومتمكنة في المفاهيم واللغات وأسلوب الكتابة، لذا قررت أن أظهر الموهبة التي كانت مدفونة بداخلي منذ صغري، والتي كنت أخاف أن أظهرها"، موضحةً "مشواري الدراسي ساعدني في الكتابة من جهة، وصعب الأمر علي من جهة أخرى، فالدراسة ساعدتني على معرفة المدارس الأدبية، والآداب وتاريخها بشكل عام، لكنها أشعرتني بأن الطريق صعب حتى أبدأ مشواري الأدبي".
وأضافت "عندما كنت اقرأ أقول لنفسي هل يا ترى سيأتي اليوم الذي أرى فيه كتابي بين تلك الكتب، ويأتي أحد يقرأه أمامي، وأرى اسمي مطبوع عليه، وهل يا ترى سأتمكن من خطو هذه الخطوة؟، هذه المخاوف جميعها كانت ترافقني دائماً وحتى يومنا هذا بعد طباعة أكثر من كتاب لي".
تقول إنه لا يمكننا اختيار الموهبة فهي تولد معنا، أما عمن شجعها لممارسة موهبتها فبينت أن "كل منا لديه موهبة خاصة، وعليه أن يعمل على تنميتها، وموهبتي كانت الكتابة، وما ساعدني على التمتع بهذه الموهبة هو أنني كنت كتومة، وقليلة الكلام منذ صغري، حيث لم أكن أطرح أفكاري ومشاعري أمام أي شخص، فكنت أعمل على إنشاء حياة وجو خاص بي فقط، وكانت عائلتي تقول لي أحياناً ما بكِ هل تتكلمين مع نفسكِ؟ في الواقع لم أكن أتكلم مع نفسي، إنما كنت أؤلف شخصية من خيالي وأتحدث معها، لذا كان لدي دائماً عالمي وخيالي الخاص".
وتابعت "الموهبة لوحدها لا تكفي فعلى الإنسان أن ينمي موهبته ويعمل ويتعب عليها بشكل جيد، ما ساعدتني عليه الكتابة هو أنني استطعت أن أطرح عالمي الخاص وأفكاري والمشاعر التي بداخلي للقارئ، الكتابة أخرجتني من القوقعة التي كنت بداخلها، فمع مرور الوقت واستقبال واستحباب القارئ لما أكتبه تمكنت من التخلص من صفة الشخص الكتوم، وشاركت ما بداخلي مع المجتمع والقراء بشكل خاص".
تقول عن الدعم الذي يحتاجه صاحب الموهبة "أول وأهم شيء هو أن يدعم الإنسان نفسه، وألا ينتظر الدعم والتشجيع من أحد، فإذا لم يدعم الشخص نفسه وخاصة المرأة لأنها تمتلك هواجس الخوف أكثر من الرجل، لن تتمكن من النجاح، فأنا من قدمت الدعم لنفسي أولاً، وبعدها تلقيت الدعم والتشجيع على مواصلة طريقي من عائلتي وأصدقائي وبعض الاشخاص الذين تمنوا أن يروني في المقدمة".
وأشارت ناريمان عفدكي إلى أنه "بدأت أول كتاباتي عندما كنت في المرحلة الإعدادية، لكنني لم أعرف إن كنت قد كتبت قصة أو خاطرة، أو مقطع نثري، ما كنت أعرفه هو أنني اتخذت فكرة الكتابة في ذلك الوقت من موضوع حدث أمامي حول الفرق بين ضياع الفتيات والفتيان، وكيفية بحث العائلة عنهم، ففي مجتمعنا عندما كانت الفتاة تضيع أو تغيب لساعات كانت العائلة جميعها تستنفر وتخرج للبحث عنها، أما الأولاد فلم تكن العائلة تبالي كثيراً، وتعتبر أن لهم الحق في الغياب ولا خطر عليهم".
وعن ماهية الكتب والقصص التي كتبتها تقول "أنا مع فكرة التروي بالخطوات، كان لدي الكثير من المجموعات القصصية ولكنني لم أكن أريد نشرها باسمي فقط، فأردت أولاً معرفة تقبل القراء لكتاباتي، لذلك بدأت أولاً بنشر عدد من المقالات بمجلات أدبية وثقافية في مدينة آمد شمال كردستان، ومن بعدها قمت بنشر عدة قصص في مجلات محلية في المنطقة، ورأيت صدىً كبير لتلك القصص، فاتخذت قرار خطو خطوة أكبر، وشاركت في كتاب مشترك لستة نساء، كان يحوي مجموعة قصصية قدمت فيها ثلاثة قصص، وحقق أيضاً صدىً كبير، وبعدها طرحنا مجموعتين تحملان اسم غيوم الصيف، والأحلام المؤلمة التي كانت عبارة عن مذكرات شهيدة تدعى ديروك".
وتابعت "بعد مرور سنتين أو ثلاثة طرحت كتابي الخاص الذي حمل عنوان 'بر بروج' ومعناه باللغة العربية زهرة عباد الشمس، كان يتضمن الكتاب مجموعة قصصية لجرحى الحرب والاشخاص ذوي الإعاقة نتيجة الحرب".
وفيما يتعلق بالصعوبات التي واجهت ناريمان عفدكي في بداية مسيرتها وحتى اليوم، وكيفية تغلبها وتخطيها لتلك الصعوبات والمعوقات قالت "في بداية مسيرتي كنت أواجه الخوف من نقد عائلتي لكتاباتي، ويأتي ذلك بحكم أن عائلتي مطلعة على الأدب، ولكنني اليوم أتقبل واستفاد من هذا النقد، واليوم أواجه صعوبات في الطباعة"، موضحةً "صحيح أنه افتتحت في المنطقة الكثير من دور النشر إلا أنها تبقى ضمن حدود شمال وشرق سوريا فقط، وهناك الكثير من المحاولات ليتم العمل على إنشاء عقود مع دور نشر من خارج المنطقة، لأن أغلب الأقلام في المنطقة وخاصةً الأقلام النسوية لم تستطع إيصال رسالتها إلى خارج المنطقة".
وأضافت "ما زالت لدي مخاوف من الكتابة، وطرح بعض الأفكار، ولدي بعض الخطوط الحمراء والحدود التي أريد القفز عليها"، مشيرةً إلى أن "جميع القصص والكتابات التي أؤلفها أطرحها عن طريق كتب مشتركة وعن طريق مواقع التواصل الاجتماعي والمجلات والمقالات، لذا اسعى لطرح عمل خاص بي يكون عبارة عن مجموعة قصصية".
واختتمت ناريمان عفدكي حديثها موجهة رسالة لكافة الكتاب والشعراء والمثقفين قالت فيها "على الذين ما زالوا في البدايات الابتعاد عن المخاوف التي تحيطهم، وأتمنى أن يتم التركيز على القراءة فإذا لم نعرف ما يكتبه كل واحد منا لن نستطيع أن نوسع خيالنا ومعارفنا".