كومين فيلم روج آفا يجسد أحداث كوباني من خلال أفلامه

جسدت شركة كومين فيلم روج آفا في مقاطعة كوباني بشمال وشرق سوريا، من خلال أفلامها السينمائية الأحداث التي مرت بها كوباني، والمشاهد المؤلمة التي أبرزتها وخلدتها الحرب من خلال المكياج السينمائي

عذراء السعدو
كوباني ـ .
للسينما أهمية في ترسيخ واقع المجتمع ونقله، ولا سيما ضمن مدينة كوباني، التي شهدت العديد من الأحداث والوقائع التي كان أغلبها صادماً ومؤلماً، ولتؤدي السينما هذا الدور لابد من الإبداع في إتقان التعابير التي لا تتم إلا من خلال رسم الأحداث. 
تسعى شركة كومين فيلم روج آفا فرع مقاطعة كوباني بشمال وشرق سوريا الذي تأسس في عام 2017، لإظهار تاريخ كوباني العريق للعالم، ونقل الوقائع الحقيقية التي شهدتها المقاطعة نتيجة الحروب التي مرت بها، لترسيخ دور العمل السينمائي وتطويره ليكون مرآة المجتمع، وساهم كومين فيلم بعدة نشاطات سينمائية، تضمنت أفلام قصيرة وطويلة خارج المقاطعة وداخلها.
وحول كيفية عمل كومين فيلم روج آفا في مقاطعة كوباني، والهدف من تأسيسه، التقت وكالتنا مع الرئاسة المشتركة لكومين فيلم ديلارا علدمر، والتي تحدثت عن دور الأعضاء والعضوات ضمن شركة كومين فيلم روج آفا وردود فعل المجتمع للعمل السينمائي، والمشاريع السينمائية التي تطرق لها كومين فيلم، بالإضافة لدورها في صنع المكياج السينمائي والتطور الذي حققته عبر هذا المجال.
أوضحت ديلارا علدمر أن كومين فيلم روج آفا أشرف على عرض أول فيلم بعنوان "من أجل الحرية"، والذي جسد الحرب التركية في شمال كردستان في مدينة آمد.
وقالت "يعمل جميع الأعضاء والعضوات على ترسيخ دور العمل بشكل يجذب المجتمع ويخاطب واقعه، فمدينة كوباني عانت ظروف الحرب ولها قصص وأحداث مختلفة، والسينما هي مرآة المجتمع الحقيقية، وعن طريقها سيستطيع العالم أن يرى تاريخ كوباني والصراعات التي مرت بها".
وتضيف كومين فيلم ضم في البداية حوالي 30 عضو وعضوة، وعن عمله حالياً تقول "يعمل فيه حالياً أربع أعضاء وعضوات، وهناك أعضاء يتم استدعائهم للمساعدة في العمل إذا احتاج الأمر لذلك، وجميع العاملين في الكومين خضعوا للتدريب في أكاديمية الشهيد يكتا في إقليم الجزيرة، للارتقاء في مستوى الخبرة العملية".
وعن عمل الكومين والأفلام التي تم عرضها أشارت "عرضنا أفلام قصيرة في القرى والأحياء والبلدات، وفي فصل الصيف نعرض أفلام مختلفة، لكن هذا العام بسبب انتشار وباء كورونا عرضنا الأفلام في القرى فقط، والتي تنوعت في مضمونها وجسدت أجزاء كردستان الأربعة، وأفلام خاصة بكومين فيلم وهي "لبن وسكر، ثلاث ورود من YPJ، بعد الحرب، الأمل، مكتبة، نحن جيران".
وتضيف ينظم أعضاء كومين فيلم الذين تتراوح أعمارهم بين 17 و 18 عاماً أنفسهم خلال العمل، ويتبادلون أدوار العمل، "لا يوجد عضو ثابت في نفس المكان، هناك من يكتب والآخر يساهم بإعداد المونتاج، وهناك من يقوم بالتصوير".
رغم الإمكانيات الضعيفة إلا أنهم مستمرون بالعمل ومصرون على النجاح "تجاوزنا الصعوبات، واستطعنا أن نحدث تقدماً ملفتاً في عملنا، بالرغم من قلة التكنيك، إذ أننا لا نملك إلا كاميرتين فقط". مضيفةً "بالتعاون والمساعدة نتدارك النقص ونحرز تقدماً يوماً بعد يوم فكل عضو من الفريق يعرف ما يترتب عليه، ويحمل مسؤوليته الكاملة للوصول إلى نتيجة إيجابية، والعمل السينمائي يحتاج للصبر والخيال، وهو فن شامل وغني ويتطلب التدقيق في كافة التفاصيل".
وعن عملها في السينما وكيفية إتقانها لهذا المجال تقول "لم أتمكن من الالتحاق بأي أكاديمية أو دراسة فن المكياج السينمائي، إلا أنه من خلال خبراتي العملية استطعت أن أصقل موهبتي وأطورها"، وتحاول ديلارا علدمر من خلال الرسوم والأشكال التي تصنعها مخاطبة المشاهدين وملامسة أحاسيسهم.
وحول انضمامها للعمل ضمن كومين فيلم روج آفا تقول "ثورة روج آفا التي اندلعت في تموز/يوليو 2012 أعطت الفرصة لكافة النساء لمعرفة مواهبهنَّ وإثباتها"، مشيرةً إلى أن النساء عانين سابقاً من العادات والتقاليد التي تفرض عليهنَّ أسلوباً محدد للحياة. "أنا واحدة من النساء اللواتي استطعنَّ أن يغيرنَّ حياتهنَّ ويمضينَّ نحو طريق الحرية".  
وعن اكتشافها لموهبة فن المكياج السينمائي، بالرغم من قلة المواد، فهي تعتمد على مادتي الطحين والفازلين فقط، توضح "اكتشفت موهبتي في فن المكياج السينمائي عندما كنت برفقة أخي في إقليم كردستان بغرض العلاج، كنت أشاهد كيف يتم تغيير الضماد كل يوم وكيف يتوسع ويتغير الجرح يوماً بعد يوم"، وتؤكد "ذلك الحدث دفعني لممارسة فن المكياج السينمائي، وبدأت بالعمل، فرغبتي كانت أن أصنع في خيالي جرح لكن بدون ألم".
بدايتها كما تقول كانت في عام 2016، والتي واجهت خلال صعوبات كثيرة "لم يكن هناك أي داعم، عائلتي رفضت قيامي بهذا العمل، وكذلك المجتمع، لكني لم أتراجع بل واظبت بكل إرادة وعزيمة لأتقن عملي وأقنع عائلتي وكل من حولي بعملي" وتضيف "بعد ممارستي لفن المكياج السينمائي استطعت اجتياز مخاوفي لدى رؤيتي للجروح، وأصبح لدي معرفة تامة بأن المكياج والتأثيرات الأخرى التي نراها ليست صورة حقيقية".
تجهيزات وتحضيرات الأفلام الخاصة بأحداث كوباني، لها أثر عميق في النفوس، تقول "كوباني كانت شاهدة على أحداث القتل والمجازر في زمن مرتزقة داعش، لكن مهما حاولت إظهار الوحشية التي مورست فيها من خلال عملي لن أستطيع إظهار الحقائق التي جرت".
يحتفل بعيد الهالوين في الغرب ولدى بعض المسيحيين، فيتم خلاله ارتداء قناع لتخويف الناس، لكن في مناطق شمال وشرق سوريا لا يحتفل بهذا العيد، لكن الأحداث التي تشهدها هذه المناطق باتت تجسد أحداث هذا العيد، تقول "نحنا لسنا بحاجة لأقنعة، فأحداثنا باتت حقيقية"، أنتجت ديلارا لوحة فينة لهذا العيد لكن بعنوان مختلف "بربرو" تتكون من عدة أشخاص تعرضوا للمجازر والحروب في عفرين، شنكال، كوباني، حلبجة، ديرسم، سري كانيه/رأس العين، قامشلو، وقصص ذوي الشهداء، وعرضت هذه اللوحة في ساحة آرين ميركان في مدينة كوباني في 31تشرين الأول/أكتوبر 2020.
وعن المشاريع المستقبلية تقول ديلارا علدمر "عمل السينما مستمر بشكل دائم، ودائماً يكون هناك تحضيرات لفيلم أو قصة ولدينا عدة مشاريع في المستقبل".
بدأت ديلارا علدمر منذ فترة بكتابة سيناريو عن مجزرة كوباني التي وقعت أحداثها عام 2015 وقتل خلالها مرتزقة داعش أكثر من 600شخص، والذي حمل عنوان "صمت الموت أقوى من صمتنا" وهو يتطرق إلى معاناة الأهالي أثناء هجوم مرتزقة داعش على مقاطعة كوباني في أيلول/سبتمبر 2014.
تقول ديلارا علدمر في نهاية حديثها "كتابة قصة أو سيناريو تاريخي أمر صعب للغاية، فهذا الأمر يحتاج لبحث مكثف واستفسارات من أشخاص كانوا شهود على أحداث المجزرة حتى نوثق جميع المعلومات، لذلك كتابة القصة تتطلب وقت طويل حتى تنتهي".