هنادي عبد... أول كاتبة خيال علمي في قطاع غزة

أنهت الكاتبة هنادي عبد البالغة من العمر (31) عاماً روايتها الأولى تحت عنوان "ساعة زمن" لتكون أول روائية في قطاع غزة تكتب في مجال أدب الخيال العلمي، متنقلة بذلك من مخاطبة الجمهور المحلي إلى الجمهور العربي والعالمي

رفيف اسليم
غزة - ، ومتغلبة على الصورة النمطية للكتاب بغزة الذين يميلون دوماً للمواضيع الواقعية المستمدة من مشكلات التهجير والنكبة الفلسطينية والحصار والحروب و"الاحتلال الإسرائيلي".
 
"ساعة زمن"..
تدور أحداث الرواية حول طفلة فقدت أمها في سن الثلاث سنوات ليتولى الأب تربيتها إلى أن تصبح مراهقة ومع بلوغها سن الرابعة عشر تصبح الفتاة أكثر حاجة لولدتها فتفكر بطريقة تمكنها من الالتقاء بها لتروي لها ما تشعر به الفتيات في تلك المرحلة العمرية، وتطلب منها أيضاً النصيحة، تلك التفاصيل والحديث لهنادي عبد ليست القصة الكاملة فالرواية تحتوي على عدة فصول مشوقة تضم الحبكة الدرامية التي تشد القارئ لإكمال قراءة العمل.
وتكمل هنادي عبد أن بطلة الرواية كانت لديها صديق عالم يدعى إيهاب ويلقب بأينشتاين الصغير استطاع اختراع آلة تنتج ثقب زمني طوله عشرة أمتار للسفر عبر الزمن قديماً، لكن لم يتجرأ أحد من أهل المدينة على تجربة ذلك، ومبينة أن تلك الفتاة توجهت لإيهاب طالبة منه أن تخوض تلك التجربة متحملة جميع عواقبها في سيبل الوصل بين الزمنين ورؤية والدتها ولو لمرة على الأقل في حياتها.
وتشير هنادي عبد أن بطلة قصتها خاضت تجربة السفر عبر الزمن لكنها واجهت بالبداية صعوبة في ايجاد والدتها لكنها التقت بفتاة ساعدتها للوصول إلى والدتها وبالفعل استطاعت أن تجلس معها لعدة ساعات متواصلة قبل أن تعود للحاضر، مكملةً أن هناك شاب التقت به خلال انتقالها عبر الزمن لكن الغريب بالأمر أنها شاهدت الشاب ذاته عندما عادت للحاضر مرة أخرى وهنا يكمن السر لمن يريد أن يعرف باقي تفاصيل روايتها وسبب تسميتها أيضاً.
 
بالعودة للكاتبة...
وبالعودة للبدايات تقول هنادي عبد أن موهبتها بالكتابة تعود لوالدها المتوفي منذ عدة سنوات فهو يمتلك مكتبة ضخمة تضم أمهات الكتب المختصة بالعلوم والثقافة والأدب والسياسية والطب والموسوعات العلمية أيضاً والعديد من القصص القصيرة التي كان يشتريها خصيصاً لها كي تتناسب مع قدراتها العمرية وإدراكها، لافتةً أنها تعلمت في تلك المكتبة وهي في سن (12) عاماً ثم تابعت بإشراف والدها قراءة العديد من الكتب.
وتضيف هنادي عبد أن جلساتها مع والدها كان لها دور كبير في توسيع أفاق فكرها وقد كانت معلماتها في المدرسة يلاحظون ذلك فكانت دوماً ما تشارك في العديد من المسابقات على مستوى قطاع غزة بالقراءة وتحصل على المركز الأول، مشيرةً أن والدها لم يكن يعلم أنها بدأت الكتابة الأدبية وهي في الرابع عشر من عمرها لأنها كانت تنوي أن تحضرها كمفاجئة له، لكن كان الموت أسرع منها ومات والدها قبل أن تخبره، لذلك تهدي هذا العمل الأدبي لروحه.
وتبين هنادي عبد أنه كان لوالدها رواية بعنوان "بيت العروس" تجسد قصة الناشطة النسوية الأمريكية راشيل كوري التي تصدت بجسدها لدبابة "الاحتلال الإسرائيلي" حتى تمنعها من هدم بيوت الفلسطينيين في مدينة رفح لكن "الجندي الإسرائيلي" دهس جسدها بدم بارد لتصبح راشيل فيما بعد بمثابة رمز للشعب الفلسطيني الذي يحيي ذكرى وفاتها المصادفة السادس عشر من آذار/مارس، ملفتة أنها تعتز بذلك العمل كما كان والدها يقدسه في حياته.
وتكمل هنادي عبد أنها اتجهت للكتابة بشكل منتظم في عام (2008) بعد أن تخرجت من كلية الإعلام بأحد الجامعات الفلسطينية ولم تجد فرصة عمل بالمطلق لتستغل موهبتها بالكتابة، فبدأت بزيارة الصالونات والنوادي الثقافية والأدبية في قطاع غزة التابعة لوزارة الثقافة الفلسطينية للتعرف على الأدباء وأعمالهم، مشيرةً أنها عرضت قصصها المكتوبة على النقاد الفلسطينيين منهم وقد أشادوا أن لديها موهبة عظيمة لكنها لم ترغب بنشر أي منهم وفضلت الانتظار.
وأكدت هنادي عبد أنها استمرت في محاولات الكتابة طوال تلك السنوات واتخذت من آراء النقاد منهم الكاتب يسري الغول مرجعية لتنتج عملها الأدبي الأول، مضيفةً أن فكر رواية ساعة زمن قد راودتها في حلمها أثناء النوم ولأن لديها أساس متين في الكتابة لم تضع الوقت وشرعت بكتابة المسودة وتقسيم فصول الرواية التي استمرت في كتابتها مدة عام كامل أي منذ عام (2020) حتى عام (2021) لتنتج الرواية بالتزامن مع فترة جائحة كورونا.
 
تفاصيل نشر الرواية
تنهي هنادي عبد تقليب أوراق روايتها وهي توضح أنها ذهبت لتعرض على دور النشر في قطاع غزة نشرها، بعد أن أطلع عليها كبار نقاد الأدب بالقطاع وأثنوا عليها لكنها تفاجئت بالشروط الصارمة والمجحفة في ذات الوقت، فغالبية دور النشر طلبوا منها تسليم الأوراق والتنازل عن حقوق الملكية دون أي مقابل مادي مع عدم السماح لها بمجرد الحديث عن موضوع الرواية للإعلام أو نشر اقتباسات منها عبر صفحاتها على مواقع التواصل الاجتماعي.
تلك الصدمة استمر تأثيرها على هنادي عبد عدة أيام فقط، مبينةً أنها توجهت إلى وزارة الثقافة الفلسطينية وطلبت مقابلة الوزير عاطف أبو سيف الذي استقبلها وطلب منها إرسال الرواية عبر إيميل الوزارة لتقيمها، مكملةً أنها بعد عدة أيام تلقت اتصال هاتفي يخبرها أن الوزارة ستنشر روايتها وأنهم فخورين بتلك الأعمال الشابة التي سيكون لها صدى فيما بعد على المستوين المحلي والعربي.
وتشير الكاتبة هنادي عبد أنها بالوقت الحالي لا ترغب بجني المال من روايتها بل تطالب دعمها لتصل روايتها للقراء على المستوى المحلي والعربي وتحظى كذلك بتقييم نقاد عرب خاصة بعد أن أصبحت اليوم مسؤولة ومشرفة بالنوادي الأدبية في غزة، مختتمة أنها تطمح أن تصبح يوماً ما مثل كتاب الأدب الانجليزي أمثال دان براون وأجاثا كريستي وأن تباع كتبها في مواقع البيع العالمية كموقع أمازون.