"غبار مملكة سبأ، والعودة إلى أرض الجنتين"... جهود للتعريف بحضارة اليمن
رغم الصراع والنسيان، تبرز نساء يمنيات كمنارات حضارية، يوظفن الفن والأدب لتعريف العالم بتراث اليمن العريق، في مسعى لإحياء الهوية اليمنية وصناعة السلام من قلب المهجر.
					رانيا عبد الله
اليمن ـ تُعد الحضارة اليمنية من أقدم الحضارات في التاريخ، إذ امتدت لآلاف السنين، وتميزت بممالك عريقة مثل سبأ، معين، حضرموت، حِمْيَر، وكانت اليمن مركزاً تجارياً هاماً بفضل موقعها الاستراتيجي وتجارة البخور واللبان، كما عُرف اليمنيون بتقدمهم في الزراعة، لا سيما في بناء السدود الكبيرة كسد مأرب، وبتطور فن النحت والعمارة منذ القدم.
الفن إحدى الوسائل
ورغم عراقة الحضارة اليمنية وتفرّد الأماكن السياحية فيها، فإن عقداً كاملاً من الصراع كان كفيلاً بجعل اليمن منسياً وهامشياً على الخارطة. غير أن جهود بعض الشباب والنساء في التعريف بالوجه المشرق لليمن بعيداً عن الصراع السياسي، تحاول اليوم الوصول إلى العالم للتعريف بآثار اليمن وحضارته القديمة.
شادية محمد حمود، واحدة من النساء اللواتي يسعين إلى التعريف بحضارة بلادهن في المهجر، إذ سعت من خلال أعمالها الفنية والأدبية إلى إبراز تراث بلدها وحضارته، فكانت منارة للتعريف باليمن وحضارته في مدينة ليفربول البريطانية. بدأت شادية حمود الرسم منذ نعومة أظفارها، وعندما كبرت وأصبحت أماً عادت إلى بلدها اليمن، وسخّرت موهبتها لإبراز حضارة وطنها.
من خلال الفن التشكيلي ركزت على الحضارة اليمنية التي ظلت غائبة عن المشهد طوال سنوات الحرب، وتقول "الفن التشكيلي وسيلة من وسائل الحفاظ على الآثار وتوثيقها في التاريخ، فالفنان الذي يرسم تاريخ بلده وحضارته في لوحاته يقدّم للعالم صورة مصغّرة عن تلك الآثار بطريقة احترافية وجذابة. إن الفن التشكيلي وسيلة فعالة للحفاظ على التراث والآثار للأجيال القادمة".
وتضيف شادية حمود بنبرة حزن على بلدها اليمن "أثناء الحرب دُمّرت بعض الأماكن التاريخية والمتاحف اليمنية، كما أتاحت الحرب الفرصة لتجار الآثار بنهب مجموعات كبيرة منها وبيعها في المزادات العالمية خارج اليمن".
وحول دور الإعلام في التعريف بحضارة اليمن قالت "كان للإعلام دور كبير في نقل صورة اليمن إلى العالم كأرض حرب وجوع ودمار، مع إغفال تام لحضارة البلد، مما ساهم في طمس الهوية وتاريخ اليمنيَّين".
أرض الجنتين
وفي روايتها "العودة إلى أرض الجنتين" التي حملت قصة فتاة من أرض الحضارة اليمنية، عملت شادية حمود على المزج بين التشويق والخيال لجذب القارئ الأجنبي، وتقول "أدخلت العنصر الخيالي في الرواية كعامل أساسي لإضفاء الطابع الأكاديمي والجمال الفني، وقد لاحظت أن هذا العنصر منح الرواية جاذبية أكبر، وهو ما لمسته من انطباعات القراء الذين أكدوا أنهم عاشوا أحداث الرواية وكأنهم يشاهدون فيلماً أمامهم".
جهود جبارة للنساء
وعن دور المرأة اليمنية في نقل صورة إيجابية عن بلدها، أكدت أن المرأة اليمنية كانت وما زالت رمزاً فاعلاً في إبراز الحضارة اليمنية، سواء من خلال التعريف بالمأكولات أو الشعر أو الكتابة أو الفنون بشكل عام، مضيفة "رغم ما تمر به البلاد من أزمات الحرب والفقر والجوع، فإن المرأة اليمنية أصرت على وضع بصمتها أمام العالم".
شادية حمود، كغيرها من النساء اليمنيات الطموحات، تسعى إلى تشكيل شبكة نسوية فنية من داخل بريطانيا وخارجها للتعريف بوجه اليمن الحضاري والإنساني، وهو الحلم ذاته الذي تتشاركه العديد من النساء الساعيات إلى صناعة السلام في بلد أنهكته الصراع.
اليمن بلد الحضارات
عبر الحضور في معرض "غبار مملكة سبأ الذهبي" عن إعجابهم بما شاهدوه وتعرفوا عليه. تقول أمل العاشق إحدى الحاضرات "كان المعرض أكثر من رائع، فاليمن معروفة بأنها بلد الحضارات، لكنني عندما حضرت المعرض تعرفت على أشياء أكثر عن اليمن بطريقة إبداعية ومبسطة. كانت كل لوحة تحكي قصة عن اليمن وتاريخها، وقد ساهم المعرض في تعريف الناس بحضارتها العريقة".
وحول دور النساء اليمنيات في إبراز الجانب الإيجابي من بلدهن، أوضحت "كثير من النساء اليمنيات يحاولن إظهار اليمن بأجمل صورة، وقد لمست ذلك من خلال تفاعلي مع نساء يمنيات في بريطانيا ودول أخرى. رغم الحروب والظروف الصعبة التي مرت بها بلادهن، فإنهن نقلن صورة إيجابية ومشرقة".
وفي ختام حديثها، قالت أمل العاشق إن "النساء اليمنيات، بل وكل النساء، رغم ظروف بلدانهن، يمثلن أوطانهن بأثر طيب، ويسعين إلى إيصال صوت بلادهن وتاريخهن وحضارتهن إلى العالم".