فتاة فلسطينية تسلط الضوء على قضايا النساء من خلال لوحاتها
تجد ياسمين الداية الورق مساحة واسعة تستطيع من خلالها تسليط الضوء على الصعوبات التي تواجهها المرأة في حياتها.
رفيف اسليم
غزة ـ لطالما رأت ياسمين الداية في الرسم وسيلتها الأمثل للتعبير عن ذاتها وطرح القضايا التي لا يلتفت لها أحد، خاصةً قضايا النساء والأطفال ومعاناتهم في ظل تواجدهم بمجتمعات قد تهدر حقوقهم المختلفة في الحياة.
ياسمين الداية تحدثت خلال إحدى لوحاتها عن مرض البهاق الذي يصيب الفتيات والنساء مسبباً لهن آلام جسدية متمثلة بالحروق على الجلد لحين استقرار لون البقعة للأبيض الفاتح، وآلام نفسية متمثلة بالتنمر ممن حولهم وممارسة بعض الأشخاص لسلوكيات مؤذية بحقهن كالامتناع عن السلام وتجنب الوجود بذات المكان.
وتقول ياسمين الداية أن فكرة اللوحة عبارة عن اسكتش على الورق نفذته بشكل مبدئي لأنها شعرت بالجانب الجمالي لذلك المرض كونها فنانة تتحسس باطن الأمور وليس ظاهرها، وما أن نشرت الصورة عبر حسابها على مواقع التواصل الاجتماعي حتى لاقت العديد من التعليقات المشجعة لنشر ثقافة تقبل المرض خاصةً أنه غير معدٍ مع ضرورة مساندة المريضة، نظراً لأهمية الحالة النفسية خلال فترة العلاج.
وأوضحت أن غلاء المواد الخام وعدم توافرها بجودة مناسبة هو ما جعلها ترسم استكش ورقي تمهيداً لنقل الفكرة إلى اللوحة، وهذا ما فعلته عندما رسمت صورة لطفلة لديها أجنحة، حيث أرادت بذلك إيصال رسالة من خلال تلك اللوحة عن أهمية إعطاء الفتاة حريتها وعدم تقييدها بمجموعة من الأوامر التي قد تؤثر على بناء شخصيتها.
وأشارت إلى أن للفقر أيضاً تأثيره على المرأة وهذا ما دفعها لرسم امرأة بملامح مكفهرة بدأ جلياً عليها كيف تغير المعاناة والألم طريق النساء في سبيل نيل لقمة العيش وتربية الأبناء، موضحةً أنها اختارت أن ترسمها على لوح خشبي ذو ملمس خشن وهذا ما جعلها تنفذها على عدة مراحل باستخدام تقنيات متعددة لتحصل بالنهاية على المخرج الذي تريده من تناسق العناصر المتناغمة.
ونظرت لتلك اللوحة التي حبست فيها الفتاة خلف السياج، وقالت "هذه أسيرة قد حكم عليها أن تضيع سنوات عمرها خلف القضبان دون أن تقترف ذنب سوى حب الوطن والدفاع عنه، وتلك المرأة الموشحة بالثوب الفلسطيني حاملة التراث والأصالة وعبق البلاد، وحارسته التي اتخذت على عاتقها منذ زمن حمايته ونقله".
وأوضحت أن الواقع الفلسطيني يساعد على تدفق الأفكار الصالحة لأن تصبح لوحات نابضة بالجمال، لذلك تحاول المزج بين القضايا الإنسانية وتلك الوطنية لتحقق التنوع في أعمالها، مشيرةً إلى أنها تأمل في الأيام القادمة المشاركة في استضافات فنية خارج فلسطين لتحصل على خبرات أكثر في كيفية تحويل الأفكار على الورق.
وحول كيفية تجسيد الأفكار على الأوراق توضح "أقسم اللوحة لعدة أجزاء في كل مرة أحاول رسم أحدها وما أن تجتمع وأرى أنها أصبحت جاهزة ومتكاملة العناصر أنقلها للورق، كما أنني أواظب على مشاهدة العديد من الفيديوهات التعليمية التي تبرز كيفية رسم الخطوط ودمج الألوان وإبراز ملامح الوجه بطريقة احترافية خاصة البورتريه".
ولياسمين الداية مواهب متعددة كما أوضحت فهي تتقن الرسم والنحت والمكياج السينمائي وإعداد الأعمال التركيبية كونها تحب المغامرة وتهوى تجربة مختلف الفنون لتصبح فنانة متكاملة قادرة على تطويع المواد الخام لخدمته، لافتةً إلى أنها قد تفرغت في الوقت الحالي لرسم البورتريه والتركيز حول كيفية إظهار تفاصيله وكأنها حقيقة.
ولم تكن قد اتخذت قرار دارسة الفنون الجميلة لكن تنامي موهبتها في المرحلة الثانوية جعلتها تيقن أن ذلك هو طريقها ويجب أن تسلكه، لتقع في مشكلة مع أبيها الذي رفض بشكل قاطع دراستها للفن وطالب أن تتخذه هواية وتدرس الترجمة، مشيرةً إلى أن والدتها دعمتها لتتخرج من كلية الفنون بأحد الجامعات الفلسطينية.
وأكدت ياسمين الداية على أن العائلة غالباً ما تضع فتياتها في قوالب نمطية معينة، خوفاً عليهن من صعوبات الحياة وهذا ما يحدث مع الكثير منهن، لافتةً إلى أن أباها اليوم يقف أمام لوحاتها بفخر كونها تستطيع اختصار ذلك الكم من الجمال على الورق أمامه كما أنها وريثة عائلة تمتلك مواهب فنية متعددة لم تذهب سدى.