فنانة تشكيلية تنتصر لقضايا النساء والثقافة المغربية عبر لوحاتها
تسعى الفنانة التشكيلية سارة لكحل من خلال لوحاتها إلى التعريف بالثقافة المغربية بصيغة المؤنث، برسم بورتريهات نسائية تبرز قوتهن ومكانتهن في المجتمع.
رجاء خيرات
المغرب ـ بلمسة لا تخلو من جمالية تحاكي الفنانة التشكيلية سارة لكحل واقع النساء في لوحاتها التي تجسد المرأة المغربية بكل أطيافها وتجلياتها الشعبية التقليدية والعصرية.
تجسد الفنانة التشكيلية سارة لكحل من خلال أعمالها الفنية التشكيلية صورة المرأة المغربية بزيها التقليدي الذي يرمز للأصالة وكذلك المرأة العصرية المتمردة على الواقع والتواقة للتحرر والاستقلالية، كما تطل المرأة في لوحاتها للتعبير عن هويتها الثقافية وجذورها التاريخية.
وحول الاختيارات الفنية لسارة لكحل، قالت "اختياري للمرأة كموضوع للوحاتي نابع من كوني أعتبر أن المرأة هي رمز للجمال بكل أشكاله أولاً ثم للتحديات التي تواجهها في المجتمع، لذلك اخترت أن أجسد هذه المرأة من خلال لوحاتي بمختلف الأزياء المغربية التي ترمز للتعدد الثقافي في كل مناطق المغرب من أمازيغي وصحراوي وأندلسي وغيره".
وترى سارة لكحل أن المرأة هي مرآة المجتمع لأنها تعكس هويته الثقافية والحضارية، كما تلخص رحلة كفاحها وسعيها من أجل التحرر، لذلك اختارت أن تجسد كل هذه التصورات في لوحات تبصمها النساء بنجاحاتهن وانكساراتهن وكفاحهن.
وحول الدور الذي يمكن أن يلعبه الفن التشكيلي في النهوض بأوضاع النساء والتوعية بقضاياهن، أشارت إلى أن الفن التشكيلي يعد لغة كونية وبالتالي يمكن أن يتجاوز حدود ولادته ويلامس وجدان كل العقول والقلوب كيفما كانت جنسيتها وحمولتها الثقافية، وبالتالي فاللوحة لا تحتاج لكلام يفسر معانيها، إذ من خلالها يمكن طرح القضية النسوية، عن طريق تصوير تجارب نسائية تحاكي واقعهن وما يعشنه من ظلم واضطهاد، وذلك في شكل بصري يعبر عن العمق الإنساني.
وأوضحت أن الفن يساهم في بناء الوعي والقضاء على الصور النمطية حول النساء، كما أن القضية النسوية ليست منفصلة بل هي جزء من القضية الإنسانية ككل، لذلك فالفن التشكيلي يمكن أن يغير العقليات ويكسر التابوهات حول مجموعة من القضايا وعلى رأسها القضية النسوية.
وتظهر سارة لكحل من خلال لوحاتها الدور الذي تلعبه النساء في التعريف بالثقافة والهوية المغربية، وقالت "أحاول في لوحاتي أن أجسد المرأة بالزي التقليدي والذي يرمز إلى الأصالة والثقافة المغربية مع إضفاء لمسة عصرية"، مؤكدة أن التشبث بالثقافة لا يمنع من التحرر ومواكبة العصر.
تؤمن سارة لكحل بحرية المرأة وتدافع بشراسة عن حقوق الإنسان والحريات والمساواة، وذلك من خلال كتاباتها ولوحاتها "لدي وعي على هذه القضايا التي تسكنني منذ الصغر، واخترت منذ مرحلة مبكرة من عمري أن أعبر عنها بلوحاتي من منظور شخصي وحقيقي يحاكي واقع النساء وما يعشنه من كفاح من أجل الحرية ونيل حقوقهن كاملة".
وحول دور الفن في ترسيخ قيم المساواة، اعتبرت أن الفن قوة ناعمة يمكن أن تساهم في التغيير نحو الأفضل سواء بالنسبة للأفراد أو المجتمع، والفنان هو إنسان مرهف الإحساس يعبر عن القضايا التي تشغله، وكلما نضج وعيه وتعمق بهذه القضايا سوف يكرس فنه في التأثير على أفراد مجتمعه لتغيير العقليات السادية والتوعية بالقضايا الإنسانية وعلى رأسها قضية المرأة.
شاركت سارة لكحل في عدة معارض، كان آخرها معرض تشكيلي شخصي نظم في الرباط يحمل عنوان "بلمستهن"، كما تأثرت بالعديد من المدارس الفنية خلال مسيرتها، وحول ذلك قالت "انطلاقاً من طبيعتي الشخصية وبحكم أنني إنسانة واقعية جداً ولأنني أركز أكثر على التفاصيل، وجدت نفسي أتوجه إلى المدرسة الواقعية في فن التشكيل، لذلك فإن لوحاتي تحاكي واقع النساء بكل ما يحمله هذا الواقع من تناقضات واختلافات، كما أن قيم الصدق والأمانة والوفاء أحاول دائما أن أبرزها في لوحاتي التشكيلية".
تأثرت بالرسامة المغربية الراحلة رائدة هذا الفن الشعيبية طلال، لافتة إلى أن عفويتها وبساطتها شكلت قوتها في الفن التشكيلي الذي بصمت فيه مسيرة عالمية متميزة، كما أن الفن الفطري يمثل نوعاً من الحرية، لكون الفنان يعبر عما يعتمد في داخله دون الخضوع للقواعد الأكاديمية الكلاسيكية.