فنانة تشكيلية تجسد المراحل التي مرت بها المرأة التونسية من خلال لوحاتها
قد تحول ظروف الحياة والتزاماتها العديدة خاصة الأمومة دون تحقيق المرأة لطموحاتها، لكن لا يمكنها أن توقف حلماً يسكنها منذ طفولتها لتهرع إلى تحقيقه بعد تحررها من قيود المسؤوليات.
نزيهة بوسعيدي
تونس ـ أكدت الرسامة نادية الصديق أن إصرارها على تحقيق حلمها في أن تكون رسامة تشارك في المعارض مكنها من تعلم الرسم وإتقانه على الرغم من الظروف الصعبة التي مرت بها.
تقول الرسامة نادية الصديق إنها انقطعت عن الدراسة في المرحلة الثانوية وتزوجت في سن مبكرة، وكرست حياتها لتربية أطفالها وتعليمهم، ولكن الشعور بأنها لم تحقق طموحها كان يرادوها دائماً، فبدأت بالبحث عن ذاتها حتى وجدت نفسها في الرسم الذي عشقته منذ طفولتها "الموهبة لا تكفي لأكون رسامة فكنت أستغرق أحياناً في رسم لوح واحدة قرابة ثماني ساعات الأمر الذي أدى إلى إصابتي ببعض الأمراض والمتاعب ولكن رغم ذلك واصلت عملي حتى تمكنت من إتقانه".
وأوضحت أنها اختارت ركناً في المنزل وحولته إلى ورشة صغيرة تهرب إليها لترسم وتعبر عما في داخلها "كل لوحة كنت أرسمها كانت تتحول إلى طفل من أطفالي يصعب عليّ فراقها على الرغم من أنني كنت أبيعها لأتمكن من تأمين المصاريف ومواصلة الرسم".
وأكدت أنها بدأت تشعر بالانتماء للفن التشكيلي بعد مشاركتها في بعض المعارض المشتركة حيث تلقت النقد الإيجابي البناء من قبل العديد من الزملاء والإعلاميين/ات، مشددة على أنها قادرة على تحقيق حلمها بأن تكون رسامة ناجحة ومعروفة وبالتالي تحقيق وجودها في المجتمع.
وقالت إنها ركزت في لوحاتها على المرأة التونسية والمدينة العتيقة "رسمت المرأة مع بدايات الاستقلال بلباسها التقليدي الريفي وهي تحمل طفلها على ظهرها، ورسمت المرأة التونسية اليوم في قمة تحررها وتطورها، لأعبر عن نفسي عندما مررت بمرحلة المرأة العادية التي تربي أطفالها فقط لأتحول فيما بعد إلى المرأة المتحررة من جميع القيود لتحقق ذاتها وحلمها".
ووجهت رسالة من خلال لوحاتها إلى النساء اللاتي تبحثن عن ذواتهن لتنطلقن في البحث وتحقيق حلمهن مهما تأخر عليهن الوقت وظهر ذلك في الأبواب المفتوحة التي رسمتها وفي التمسك بما هو أصلي وتقليدي فنياً "المشاركة في المعارض ليست سهلة فعندما يكون لديك معرض خاص بك تعتبر من أصعب الخطوات التي تقوم بها في حياتك".
وأكدت أن "ارتفاع تكاليف الرسم وأسعار بعض القاعات أدى إلى تراجع إقبال الأهالي على شراء اللوحات إضافة لسوء التقدير أحياناً لقيمة العمل الفني وما يحتاجه من جهد ومصاريف رغم أن المعرض يجعلك تكتسب خبرة وعلاقات قد تغير نظرتك للعالم، فالمصاريف والتكاليف لا تعني شيئاً أمام إثباتي لذاتي وبأنني أستطيع تحقيق حلمي لأن الفن رسالة لا تقدّر بثمن".
وشددت على ضرورة تشجيع الفنان/ـة التشكيلي على الرسم من خلال تقديم الدعم له في مختلف الفضاءات وعرض أعماله/ها بمعارض مقابل أسعار رمزية تشجع على المشاركة لأن بعض الخاصة منها تضع أحياناً أسعاراً خيالية.
وفي ختام حديثها أكدت نادية الصديق، أن هناك العديد من النساء اللواتي تتعرضن للعنف وتواجهن الظلم في كل الاتجاهات بسبب العقلية الذكورية المتغلغلة في المجتمع ولكن الظلم والقهر الذي تواجهه المرأة يجب أن يتحول إلى نقطة قوة لبناء ذاتها لا إلى سبب لدمارها "على الرغم من أنني واجهت العديد من الصعوبات وتأخرت كثيراً في تحقيق حلمي لكنني فخورة بنفسي بأنني تجاوزت كل العراقيل".