فاطمة الشلحة تستعرض شغفها بالتراث والرقص على إيقاع "الميزان الهواري"
فاطمة الشلحة امرأة في عقدها السابع لازالت تقدم رقصتها التي اشتهرت بها على إيقاع "الميزان الهواري"، نسبة لمنطقة هوارة، والتي تسمى بـ "رقصة الأفعى".
رجاء خيرات
مراكش ـ تدير فاطنة الكحولي أو فاطمة الشلحة كما يعرفها المغاربة، فرقة فلكلورية تشتهر بـ "الميزان الهواري" وتقدم عروضاً فنية تعتمد على إيقاعات متنوعة تستمد من التراث المغربي الأصيل.
على هامش الدورة الـ 51 للمهرجان الوطني للفنون الشعبية الذي نظم بمدينة مراكش، التقت وكالتنا بفاطمة الشلحة، للحديث عن عشقها للميزان الهواري وشغفها بهذا التراث الذي يميز منطقة هوارة بجنوب المغرب، وكذلك إدارتها لفرقة "أحو اش هوارة".
وعن الميزان الهواري الذي تقدمه فاطمة الشلحة رفقة فرقتها المكونة من 16 عضواً تقول "سمي بـ "الميزان" لأن الحركات التي يقوم بها الراقص برجليه ينبغي أن تكون مطابقة تماماً للنقر على الدف"، أما عن رقصة الأفعى فتوضح "هذه الرقصة تعلمتها على يد شخص كان يقول كانت هناك أفعى تخرج صيفاً من البساتين وتثير الرعب في نفوس الأطفال، ويوماً جاء شخص يمتهن ترويض الأفاعي يعزف بمزماره وبدأ يلاعبها إلى أن صاحبها ولم تعد تشكل أي خطر عليه، ليشتهرا معاً برقصة الأفعى".
الهوية الثقافية
تعد فاطمة الشلحة المرأة الوحيدة من بين أعضاء الفرقة وكلهم رجال، وترجع هي نفسها هذا الأمر إلى كونها أكثرهم خبرة وحكمة في تدبير شؤون الفرقة "من خلال إدارتي للفرقة أعطي أعضائها خبرتي وتجربتي في هذا المجال، أعلمهم كيف يحترمون عملهم ويحترمون الآخرين، كما أحرص على أن يكونوا دائماً ملتزمين، منضبطين لمواعيد التدريبات والعروض".
وتعتبر أن التراث المغربي هو بمثابة "بطاقة تعريف" للمغرب، وقد بدأت الاهتمام بالتراث عموماً و بـ "الميزان الهواري" خصوصاً منذ مرحلة مبكرة من عمرها، حيث فقدت والدتها وهي لا تزال صغيرة في السن.
تعتبر فاطمة الشلحة ما قامت به بمثابة شجرة زرعتها في مرحلة من حياتها لتستظل بظلها بعد أن سدت في وجهها كل المنافذ، خاصة أمام ندرة المهرجانات والفعاليات الثقافية، كما أن الوضع أصبح أكثر صعوبة مع ظروف الجائحة التي أوقفت كل اللقاءات الفنية والثقافية.
إعادة الاعتبار للتراث
ترى فاطمة الشلحة أن الأوضاع الصعبة التي يعيشها ممتهني هذا الفن التراثي الأصيل يجب على المسؤولين أن يلتفتوا لها، لأن هذا الفن يمثل الهوية الثقافية للبلد، وعليهم منحهم "بطاقة الفنان" وتوفير التغطية الصحية لهم وتحسين أوضاعهم الصعبة، وإن كان أغلبهم يعتمدون على النشاط الفلاحي أو التجاري لكسب لقمة العيش، حيث يبقى نشاطهم الفني غير كاف لتغطية حاجيات أسرهم الثقيلة.
وتعتبر أن الاهتمام بالتراث وبالفنانين الذين يكونون فرق "أحواش" و"أحيدوس" وغيرها من الفرق الفلكلورية من شأنه أن يعيد الاعتبار لهذه الثقافة ويسموا بها، خاصة في صفوف الشباب الذين لا يجدون أي حماس أو تشجيع لتعلم هذا الفن والرقص الشعبي، بالنظر لما يعاني منه أسلافهم، وهو ما تؤكد على أنه "يهدد هذا التراث بالاندثار".
سائقة "تاكسي"
اضطرت فاطمة الشلحة في الأوقات الصعبة للعمل كسائقة لسيارة الأجرة، ثم بعد ذلك كانت تستعد للالتحاق بشركة للفوسفات بمدينة خريبكة (وسط المغرب)، قبل أن يجرفها تيار الفن وتكرس حياتها خدمة للتراث وللميزان الهواري الذي تشتهر به المنطقة التي تتحدر منها فاطمة أي "هوارة".
وعن هذه التجربة تقول "كنت أول امرأة تقود سيارة أجرة تعمل في خطوط تربط بين المدن (سيارة أجرة من الحجم الكبير). لفترة طويلة امتهنت قيادة "التاكسي" وكنت أنقل الناس إلى أغادير وإنزكان (جنوب) وتارودانت وأولاد برحيل (بالجوار). لم يكن سهلاً في تلك الفترة أن تعمل امرأة في سيارة أجرة خاصة في الجنوب، حيث الناس محافظين ولا يقبلون بأن تعمل النساء في مهن تعتبر حكراً على الرجال.
وأضافت "بالرغم من ذلك كنت أحظى بالاحترام، واستطعت أن أغير نظرتهم لي. في البداية تعرضت للكثير من السخرية والتنمر، لكنني كنت مضطرة إلى أن أصم أذني عن كل ما يمكنه أن يعكر مزاجي، ومع مرور الوقت أصبح السائقون والمسافرون على حد سواء يتقبلون رؤيتي خلف المقود".
وأشارت فاطمة الشلحة إلى أن إدارة الفرقة تتطلب مهارات عالية وخبرة في مجال تدبير الخلافات بين الأعضاء وتنظيم التدريبات، وتحمل مسؤولية التحضير للحفلات والمهرجانات، من خلال توجيه الدعوة للأعضاء والسفر لاصطحابهم، حيث أن أغلبهم يوجدون في مناطق بعيدة عن "هوارة" وكذا الاهتمام باللباس الذي سيقدمون به العرض.