إتقانها لأكثر من موهبة دفعها لافتتاح مشروعها الخاص

بالتحدي والإصرار تتحقق الأهداف، العبرة التي سارت عليها الفنانة التشكيلية فاطمة العبيد، وافتتحت مشروعها الخاص في صنع الأعمال اليدوية والرسم بكافة أنواعه وأشكاله.

سيبيلييا الإبراهيم

الرقة ـ لم يمنعها تقدمها في السن من إتقان أكثر من مهنة وموهبة في آن واحد، متحديةً كافة المعوقات لتكمل مسيرتها الفنية في الرسم والأعمال اليدوية المتنوعة، لإبراز دورها وتطوير مواهبها وتحقيق اكتفائها الذاتي.

تتقن العديد من النساء العمل في عدة مجالات ومهن في آن واحد، متحديات معوقات المجتمع في سبيل الاعتماد على ذواتهن وإبراز مواهبهن الدفينة والنهوض بواقع المرأة، رغم تطور الآلات الصناعية إلا أن لا زال هنالك نساء تتمسكن بالأعمال اليدوية التي تتميز عن غيرها بجمالها لأنها تصنع بأنامل ماهرة.

ومن هؤلاء النساء اللواتي تتقن العديد من المواهب وتعملن على تطويرها، الفنانة التشكيلية والتي تعمل في العديد من الأعمال اليدوية فاطمة العبيد، التي تمتلك أكثر من موهبة كالرسم على الورق والخشب والزجاج، أضافةً إلى الأعمال اليدوية كالخياطة والحياكة والتطريز والنقش، تقول "بسبب ظروف الحرب والأزمة التي شهدتها البلاد أغلب متذوقي الفن عزفوا عنه فترة من الزمن، فاضطررت أنا أيضاً كفنانة تشكيلية لاختيار منحى آخر وهو الأعمال اليدوية القريبة من الفن أيضاً".

وعن الأسباب التي دفعتها لافتتاح مشروعها الخاص وهو محل للرسم والأعمال اليدوية أوضحت "في البداية كان عملي ضمن المنزل بعدها قررت أن افتتح مرسم خاص، فوسعت عملي وابتكرت فكرة افتتاح مشروعي الصغير للأعمال اليدوية، كنت أشعر دائماً بأنه يقع على عاتق كل امرأة أن تكون إنسان فعال بمجتمعها وسبباً في النهوض به وتطويره، وبحكم أنني امتلك عدة مواهب قررت الاعتماد على الذات وتأسيس مشروعي لأعود بالمنفعة على ذاتي ومجتمعي واحقق الاستقلال الذاتي والاقتصادي".

وأضافت "عندما سافر زوجي حملت كافة المسؤولية على عاتقي لألعب دور الأم والأب في ظل الأوضاع الاقتصادية المتردية، وطورت من خبرتي في الأشغال اليدوية التي تتضمن إكسسوار ورسومات على الخشب وصناعة صناديق هدايا، وورود صناعية تستخدم كباقات للزينة، لأحقق اكتفائي الذاتي إلى جانب تنمية موهبتي وتأمين احتياجات المنزل، كيلا انتظر المساعدة من أحد".

وعن أكثر الطلبات الواردة إليها بينت "تأتي الأهمية الأكبر إلى الإكسسوار المختلف، إلى جانب الأزهار والورود الصناعية التي أقوم بصنعها لمحلات فساتين الأعراس، وتزداد الطلبات في فترة المناسبات وأعياد الميلاد، فهنالك فرق واضح إذ ما قارن بين الأعمال اليدوية والصناعية فهنالك جمالية وتميز للمصنوعات اليدوية التي تصنع بأنامل المرأة الماهرة، وبحكم أن أسعاري للمبيعات تكون رمزية فهنالك الكثير من الطلبات يومياً".

وحول موهبتها في الرسم بكافة أنواعه وأشكاله تطرقت إلى أن "موهبة الرسم ولدت معي منذ نعومة أظفاري ومعلمتي هي من اكتشفتها من خلال رسوماتي المميزة عن بقية الطلبة، وشجعتني والدتي لأنمي موهبتي وأطورها، فأتقن الرسم على الجداريات بألوان مائية، وزيتية، وأكرليك، وعلى ورق الكانسون، وبورتريه، والقماش الكانفاس، إضافة إلى الرسم على الخشب وجذوع الأشجار".

موهبة الرسم تحتاج إلى تطويرها وتنميتها دائماً وعن السبل التي طورت بها فاطمة العبيد طريقة رسمها أشارت إلى أن "كنت دائماً أحلم بإكمال تعليمي وأتخرج من معهد الفنون لكن لم تسنح لي الفرصة؛ بسبب الزواج في سن صغيرة ولكني لم أستسلم، وأكملت لتحقيق حلمي وممارسة هوايتي، فخضعت للعديد من الدورات في المعاهد بهدف تطوير وتنمية موهبتي أكاديمياً، واكتسبت خبرة واسعة من خلال تبادل الأفكار وتنوع المهارات والأساليب في الرسم، فدائماً أسعى إلى تطوير أعمالي وأشغالي إلى الأفضل في كل فرصة تتاح لي، فلم أجعل الزواج والمسؤولية الملقاة على عاتقي تكون سبب في ثنيي عن إكمال مسيرتي".

وعن مشاركتها في المعارض والفعاليات قالت "شاركت بالعديد من الفعاليات والمعارض وقد نالت لوحاتي ومشغولاتي أعجاب الحضور ولفتت الأنظار إليها، فقمت بافتتاح معرض خاص، إلى جانب المشاركة في المعرض كمبادرة تطوعية بـ 22 لوحة لأجل وضعها في صندوق المساعدة للأطفال مرضى السرطان".

وحول التحديات التي واجهتها من قبل المجتمع أوضحت "كانت نظرة المجتمع لعملي مليئة بالاستغراب وأنه كيف لمرأة أن تدير مشروعها الخاص، وخاصة بعد حقبة مرتزقة داعش المظلمة التي غابت بها كافة أشكال الفن، ولكن بعد تحرير هذه المدينة وإعطاء أهمية للفن وفتح المجال أمام المشاريع الخاصة بالنساء أتيحت لي الفرصة لافتتاح مشروعي وعدم الاكتراث لانتقادات المجتمع، بل على العكس قمت بافتتاح العديد من الدورات التدريبية للنساء والفتيات اللواتي تأثرن بتجربتي ومشروعي الفريد في مجال الرسم والأعمال اليدوية، هنالك العديد منهن قمن بافتتاح مشاريعهن الخاصة بعد التدريبات التي خضعن لها".

وعن الصعوبات التي تواجهها في تأمين المواد والأدوات الخاصة بالأعمال اليدوية التي تعيق عملها أوضحت "في بعض الأحيان من الصعب تواجد المواد اللازمة من الخرز والأدوات في صناعة معادن الذهب الروسي والفضة والشمع ومادة الريزن، لهذا نعتمد على استيراد المواد من الدول المجاورة، وهذا ما يؤخر إتمام عملنا في الوقت المحدد".

واختتمت حديثها بالقول "فخورة لأنني وضعت بصمة جميلة من خلال أعمالي التي أقوم بها، وخاصة عند رؤية فرحة الزبائن بالأشغال التي أعرضها وأبيعها لهم، وأشجع كافة النساء اللواتي تمتلكن مواهب فنية دفينة أن تبرزنها وتسعين لتنميتها وتطويرها، فالمرأة قادرة على الإبداع ووضع لمساتها الجميلة والنهوض بالمجتمع، وبإراداتها القوية وعزيمتها وإصرارها وإبداعها بإمكانها الانخراط في كافة المجالات ولا يصعب عليها أي شيء فهي مبدعة من الفطرة".