'التصوير حرفة وفن اكتشفته بالتجربة والتدريب'

بشغفها وحبها الكبير للحرفة التي أتقنتها، أصرت خديجة مركمال على كسر التنميط والهيمنة الذكورية في مجال صناعة المحتوى السمعي والبصري وتعليمها للنساء والفتيات من أجل إيصال صوتهن وتوعية النساء.

نجوى راهم

الجزائر ـ تعمل خديجة مركمال على تدريب وتمكين النساء في مجال صناعة المحتوى السمعي والبصري من أجل إيصال صوتهن بطريقة محترفة ونقلها لشريحة أوسع من الجمهور، واختارت الغوص في غمار هذه التجربة بعد العراقيل التي واجهتها من طالبة إلى مصورة محترفة وصانعة محتوى.

خاضت خديجة مركمال أول تجربة لها في التصوير الفوتوغرافي عام 2014 بالتعاون مع الرابطة الوطنية لحقوق الإنسان، وعرفت الجزائر توافد كبير للاجئين الصحراويين بمدينة البليدة في ذلك العام، فقامت بالتقاط العديد من الصور والبورتريهات لمهاجرين في مختلف الوضعيات، وبوضع مادة قانونية حول ميثاق حقوق الإنسان التي تعنى بعدم المساس بحقوق اللاجئين والمهاجرين لتوصيل معاناتهم والمشاكل والظروف الصعبة التي يعيشونها.

وبعد عشر سنوات قررت الدخول في مجال تدريب وتمكين النساء في إنتاج المحتوى السمعي والبصري بسبب الظروف الصعبة التي اعترضتها منذ بدايتها وأوضحت أن "غياب التدريب وصعوبة الوصول إلى ورشات التعليم في مجال التصوير والمونتاج كان عائقاً"، مضيفةً أنها لم تقم بلمس الكاميرا أثناء تلقيها التدريب الأكاديمي بالجامعة، لكنها سرعان ما تغلبت عليها بالتجربة والمشاركة في تطبيقه مع هواة ومحترفي التصوير الفوتوغرافي والمونتاج والصوت والصورة.

وأشارت إلى أن الجامعات من اختصاصها تدريب الباحثين في مجال البحث العلمي في أساسيات الاتصال، لكن لا يمكن أن تعمل على تدريب المحترفين في مجال إنتاج المحتوى السمعي والبصري.

 

تدريب النساء في صناعة المحتوى مهم وأساسي

وحول تدريبها للنساء والفتيات في إنتاج المحتوى السمعي والبصري والتمكن من أساسيات التقاط الصورة والصوت والمونتاج تقول أنها "بدأت العمل مع مجموعة من النساء بالتعاون مع الجريدة النسوية الجزائرية في إطار مشروع تقوية مهارات النساء والفتيات، لأنه من الضروري تدريب وتمكين النساء من أجل توسيع دائرة معرفتهن وإيصال صوتهن والتعبير عن مكنوناتهن، وإنتاج محتوى نسوي هادف باكتساب طرق وآليات جديدة ونشرها ومشاركتها على منصات التواصل الاجتماعي لتوعية النساء في مختلف المجالات.

وأوضحت أن تجربة تدريب وتمكين النساء في مجال التصوير والصوت والمونتاج كانت تحدي لها، لأسباب كثيرة منها طول فترة التدريب، مقارنة بتدريبات سابقة كانت مقتصرة على يوم أو بضع ساعات "ما يميز فترة التدريب هو انضمامها للفئات من مختلف التخصصات والأعمار في إنتاج وصناعة المحتوى"، مضيفةً أنها كانت تجربة مهمة وملهمة لمشاركتها خبرتها النظرية والتطبيقية مع نساء ملتزمات ومهتمات بالمضمون والمعرفة والرغبة في التدريب.

ولفتت إلى أنها تعمل في مجال التصوير منذ فترة لكن اهتمامها وشغفها بالوثائقي جعلها تهتم أكثر بالصوت "أن الصورة أحيانا لا تعبر عن الموضوع أو الرسالة المراد معالجتها لكن الحركات، الصوت، هو التصوير الحي للصورة والتعبير عنها بطريقة أفضل، لهذا قررت منذ أكثر من خمس سنوات العمل على تقوية قدراتي في مجال التصوير الوثائقي".

 

نقص كبير في عدد العاملات في المجال التقني

وتفاجأت خديجة مركمال مؤخراً من قبل أصحاب المشاريع الانتاجية في صناعة المحتوى بكثرة الطلب للعمل معها والتعاون في مشاريع مختلفة "لاحظت نقص في عدد العاملات في المجال التقني كالتقاط الصوت والصورة"، مضيفةً أنها في أغلب الأحيان تعمل في مشروعين في الوقت نفسه مما يشكل ضغطاً وإرهاقاً عليها وأحياناً تقوم برفض بعض الأعمال لأنها لا تتناسب مع برنامجها العملي.

وأكدت أن سبب عدم وجود عاملات في المجال التقني مقترن بالصورة النمطية للمرأة في مجال صناعة المحتوى، لغياب الكفاءة والجودة، مشيرةً إلى أنها أصرت على كسر التنميط والهيمنة الذكورية في الميدان خاصةً أن معظم الأماكن التي يتم فيها التصوير أو التسجيل هي أماكن مخصصة للنساء غير مسموح للرجال بالدخول لها.

وترى أن الظروف الطبيعية لأي مهنة أو حرفة في الواقع توفر وجود مخرجات وتقنيات، لأن هذا المجال بحاجة لنساء متمكنات، خاصةً أنهن تعملن بإتقان واحترافية وتتحملن مسؤوليتهن كاملة في العمل الذي تقمن به.

وبدأت العمل على هذا المشروع بالتعاون مع السفارة الهولندية تحضيراً لليوم العالمي للتعايش بسلام في أيار/مايو الماضي، حيث عرضت 15 بورتريه متنوع بين نساء ورجال من مختلف الأعمار، وقامت باستكشاف الأحياء المحيطة بالكنيسة من رميلة إلى زغارة جمعت خلالها شهادات سكان المنطقة التي رسمت صورة حية عن مراحل تاريخية مهمة من شأنها تلخيص العلاقة بروح العيش المشترك.

واختارت خديجة مركمال تصوير وجوه نساء تحكي قصص تربطها بكنيسة "السيدة الإفريقية" التي تعتبر صرح ديني ومعلم حضاري له علاقة وطيدة بسكان المنطقة، مضيفةً أنها حاولت عرض قصص البورتريهات في بودكاست مدته عشر دقائق، لأن الصورة مع الصوت لها تأثير أكبر على استقطاب الجمهور.