المسرح... مرآة تعكس معاناة الشعوب وقضاياه

يعد المسرح واحداً من المجالات الفنية التي تتمتع بأهمية كبيرة، فهو يساهم في تشكيل ذهنية المجتمعات، ويعتبر المرآة التي تعكس معاناة الشعوب وقضاياه.

دلال رمضان

الحسكة ـ تسعى الفتيات والشابات في إقليم شمال وشرق سوريا لتطوير مجال الفن في المنطقة، ونقل معاناة مجتمعهن من خلال العروض المسرحية المختلفة، وتشاركن في المهرجانات التي تقام بمناسبة اليوم العالمي للمسرح.

يحتفل العالم أجمع في السابع والعشرين من آذار/مارس من كل عام بيوم المسرح العالمي، حيث تقام جملة من الاحتفاليات والفعاليات الخاصة بهذا اليوم، وخصص هذا اليوم في عام 1961 بقرار من المعهد الدولي للمسرح، وقد اعتمد من قبل الهيئة الدولية للمسرح عام 1962، وهو العام الذي تم خلاله إطلاق موسم مسرح "الأمم" في العاصمة الفرنسية باريس.

ومن أبرز أهداف اليوم العالمي للمسرح نشر المعرفة حول قيمة النموذج الفني، والتمتع بالفن ذاته وتمكين مجتمعات الرقص والمسرح من الترويج لأعمالهم على نطاق واسع من أجل كسب الدعم.

وتعد روج آفا واحدة من المناطق التي تشتهر بتأدية العروض المسرحية، فتاريخ المسرح في روج آفا يعود إلى الثمانينات، حيث كانت تتم تأدية العروض خلال الاحتفال بعيد نوروز، ومع انطلاق الثورة في المنطقة في التاسع عشر من تموز/يوليو عام 2012، التي حققت انتصارات وانفتاحات في مجالات مختلفة ومنها المسرح.

ومنذ عام 2015 نظمت العديد من المهرجانات المسرحية وأبرزها مهرجان الشهيد "يكتا هركول" الذي ينطلق في كل عام على خشبة مسرح محمد شيخو للثقافة والفن بمدينة قامشلو، وتأتي أهمية المسرح كونه يتناول طرح مختلف القضايا المجتمعية ويسلط الضوء على معاناة الشعب.

وبمناسبة اليوم العالمي للمسرح كان لوكالتنا لقاءات مع عضوات في الفرق المسرحية التابعة لمدينة الحسكة بإقليم شمال وشرق سوريا، للتطرق إلى أهمية هذا اليوم بالنسبة لهن والصعوبات التي تواجهنها خلال عملهن.

تقول الممثلة المسرحية والعضوة في فرقة تابعة لحركة الهلال الذهبي ريم حسن "أعمل في المجال المسرحي منذ ثلاث أعوام، أحب العمل في هذا المجال، فمنذ صغري كنت أطمح أن أصبح ممثلة وأشارك في المسرحيات وأقف أمام الجمهور بكل ثقة وقوة دون خوف وتردد"، مشيرةً إلى أن المسرح ذو أهمية كبيرة بالنسبة لها "إنه يعبر عن كل ما بداخلنا وبطريقة مباشرة، فعلى خشبة المسرح بإمكاننا طرح أفكار متعددة وإيصال رسائل هادفة وذات مغزى"، لافتةً إلى أنهم يهتمون لرأي الجمهور وتفاعلهم مع العروض المسرحية.

وأوضحت أن المسرح مرآة تعكس واقع المجتمع ومآسيه عبر التاريخ "في كل عام يشارك الممثلين المسرحيين في إقليم شمال وشرق سوريا في الاحتفال باليوم العالمي للمسرح من خلال إقامة العديد من الفعاليات ومنها مهرجان الشهيد يكتا هركول للمسرح، بالإضافة إلى تقديم عروض مسرحية مميزة وذو رسائل قيمة".

وعن الصعوبات التي تواجههن كعضوات في الفرق المسرحية تقول "المجتمع وبشكل عام يرفض فكرة مشاركة النساء في المسرح والفنون الأخرى كالغناء والرقص وذلك نتيجة العادات والتقاليد البالية والذهنية الذكورية والتي مازالت موجودة في مجتمعاتنا، فلا نستطيع السيطرة والتخلص منها بسهولة، ومن جهة أخرى يرفض بعض الأهالي مشاركة بناتهن في هذا المجال ظناً منهم بأنه لا مستقبل لهذه المهنة وأنه من المعيب أن تقف المرأة على خشبة المسرح أمام حشد من الجمهور".

وأكدت على أنهم سيواصلون عملهم دون الاهتمام بما يقال وستشاركن في جميع الفعاليات والمهرجانات الخاصة بالمسرح والاحتفالات التي تتم من خلالها تقديم العروض المسرحية، وستسعين للنهوض بالمجتمع والتخلص من العادات والتقاليد البالية.

وفي ختام حديثها دعت ريم حسن الأهالي إلى دعم مواهب بناتهن والوقوف إلى جانبهن لتطوير هذا المجال "اتمنى من جميع النساء اللواتي لديهن طموح وموهبة أن يطورن من أنفسهن، وأن تعملن من أجل تعريف العالم بثقافة وتراث الشعب الكردي وجميع الشعوب المتواجدة في إقليم شمال وشرق سوريا، لأن المجتمعات تعرف من خلال ثقافتها وتراثها".

من جانبها أوضحت الممثلة المسرحية وعضوة في حركة الهلال الذهبي إيفا عبدي أنها تعمل في المجال المسرحي منذ عامين "اخترت العمل في هذا المجال لشدة حبي له وامتلاكي موهبة التمثيل".

ولكن امتلاك الموهبة لا يعني أن الممثلة/ة لن يواجه أي صعوبات كما تقول إيفا عبدي "في بداية عملي في المسرح والوقوف على الخشبة واجهت العديد من المشاكل وأولها الشعور بالخجل والتردد، بالإضافة إلى نظرة المجتمع للفتاة التي تعمل في هذا المجال، وهو ما استطعنا تجاوزه بعض الشيء بعد اندلاع الثورة في مناطق إقليم شمال وشرق سوريا، فقد أتيحت لنا فرصة ثمينة لتنمية مواهبنا ونواجه كل ما يعيق طريق حريتنا وتطوير فكرنا".

وتمنت زيادة الاهتمام بمجال المسرح وألا تقتصر العروض على المناسبات والمهرجانات فقط، فكلما قلت العروض المسرحية فقد المسرح جمهوره "على المسرح أن يقدم عروضاً تهم المجتمع، وأن تكون هناك دورات تدريبية وتعليمية وأكاديميات لتطوير وتنمية مواهب الممثلين المسرحيين".