المكتبات النسوية... حاضنة المفكرات والأدب النسوي

تأسست المكتبات النسوية لزيادة وعي المرأة بقضاياها، وكانت صرخة للنساء اللواتي رفضن الصورة النمطية التي صورهن بها المجتمع والدور التقليدي الذي أعطي لهن، موقنات بأن هناك خلل يلف حياة المرأة.

مركز الأخبار ـ
لطالما كانت الكتابة والقراءة أدوات استعملتها المرأة على مر العصور وخاصة اللواتي تعرضن للتهميش وعدم توفر مساحة كافية للتركيز على الفكر النسوي والكتب التي تتطرق للسير الذاتية الخاصة بالنساء، وتؤمن المعرفة والقراءة وأبحاث عنهن.
نشأة المكتبات النسوية
قديماً كان يهيمن الرجال البيض في الولايات المتحدة على تجارة الكتب قبل انتشار ما يسمى بالمكتبات، وفي ذلك الوقت لم يكن الاهتمام بقضايا المرأة موجوداً لكي يتم تخصيص مساحة لهن في الأدب أو المكتبات. 
وبعد إنشاء المكتبات وعلى الرغم من احتواءها على مجموعة محدودة من الكتب النسوية، إلا أنها كانت تعالج وتركز على قضايا ومواضيع تتعلق بالرجال كجزء لا يتجزأ منها.
ويتميز الأدب النسوي بنص إبداعي مرتبط بطرح قضية المرأة والدفاع عن حقوقها دون أن يكون الكاتب امرأة بالضرورة، ويعرف بارتباطه بصراع المرأة الطويل عبر التاريخ للمساواة بالرجل.  
وظهرت المكتبات النسوية كأقدم المساحات المخصصة لشراء واقتناء الكتب، والهدف منها بناء مجتمع نسوي منظم، وبدأت خلال ستينيات القرن الماضي حيث شكلت النساء شبكة من مئة مكتبة نسائية في الولايات المتحدة وخارجها كجزء من الحركة النسوية المتنامية في منتصف القرن العشرين.
ومن قبل مجالس النساء في هيكل غير هرمي بدأ العمل بالعديد من المكتبات النسائية بشكل جماعي وكان هذا النموذج تجارياً مضاداً للرأسمالية تماشياً مع إيمان النسويات بالموجة الثانية، بأن تغيير النظام كان ضرورياً من أجل إحداث تغيير في حياة النساء.
دور دراسات المرأة
نتيجة لنمو الوعي النسوي وبدأ دراسات المرأة التي تهدف إلى تقييم مشاكل المجتمع وكافة نواحي الحياة من وجهة نظر المرأة جاء إنشاء المكتبات النسوية التي أصبحت فيما بعد حاضنة للمفكرات النسويات من خلال الأعمال الأدبية، وتوفير مساحات للمناقشة المفتوحة على القضايا المتعلقة بالمرأة.
وفتحت تلك المكتبات أبوابها للمجتمع، وقدمت كتب لم يكن باستطاعة العديد من الأشخاص الوصول اليها قبل ذلك، ونشرت العديد من الدراسات المرتبطة بالنوع الاجتماعي والمرأة كقسم في الجامعات في كافة أنحاء العالم.
وما زالت النسوية البيضاء هي المسيطرة وهو وصف أطلق على النظريات النسوية التي تركز على كفاح النساء البيض، على الرغم من أن العديد من المكتبات اعتمدت في إنشاء مجلس من المالكين المتنوعين لتمثيل عدة تجارب تعرضت لها النساء.   
وكان الغرض من إنشاء تلك المكتبات توفير أعمال تديرها المرأة، وتتركز حول خبراتهن الخاصة وتسخيرها لخدمة الأخريات، بالإضافة إلى مكافحة الخوف ونبذ التمييز ضدها، ومن تلك المكتبات "مكتبة المرأة Book Woman" في أوستن عاصمة ولاية تكساس الأمريكية، ومكتبة تورينتو النسائية في كندا، ومكتبة حكايات الزوجة القديمة في سان فرانسيسكو".
الشرق الأوسط
لا تزال تجارب الشرق الأوسط خجولة تجاه قضايا المرأة بشكل عام والمكتبات النسوية بشكل خاص، ومن المكتبات النسوية في دول الشرق الأوسط، المكتبة النسوية في العاصمة اللبنانية بيروت، والتي تأسست في عام 2015 كأول مكتبة تختص بكتابات النساء وإلقاء الضوء على قضاياهن وواقعهن، وهي إحدى المشاريع الأساسية التي قامت بها "ورشة المعارف" التي تبحث عن قصص النساء وجمعها وخلق مشاركة للموارد النسوية من خلال العمل معهن، وتضم المكتبة إصدارات متنوعة من الكتب كالروايات والشعر وسيراً ذاتية ودراسات نسوية في الشرق الأوسط.
كما وتميزت المكتبة النسوية التابعة لمكتبة العتبة العباسية في العراق بدورها المهم في دعم الحركة العلمية النسوية الإسلامية عن طريق أنشطتها الثقافية النسوية، وهي من أوائل المكتبات النسوية الرئيسية في العراق تم افتتاحها في عام 2006 بإدارة كادر نسوي، وتم تخصيص المكتبة للنساء للاستفادة من خدماتها أسوة بالرجال.
وبالنسبة إلى المكتبات النسوية في المنطقة العربية فهي تسعى إلى ترسيخ حقل دراسات المرأة في المنطقة، وتشجيع الكتابة المخصصة في موضوع النساء وتعزيز الثقافة العربية بقضايا المرأة من زواياها المختلفة، وهو ما من شأنه التمهيد لإحداث تغيير ثقافي واجتماعي عميق لصالح مكانة المرأة وواقعها وأدوارها في المجتمع العربي. 
أهمية المكتبات النسوية
إن مضامين الكتب النسوية والموضوعات تغطي نسبة كبيرة من القضايا التي تخص المرأة بأبعادها السياسية والاجتماعية والاقتصادية والإنسانية والصحية. 
كما وتشجع الباحثين والكتاب على اختيار قضايا المرأة موضوعاً لدراساتهم المختلفة، وتساهم في توفير كتب ومراجع مختلفة عن المرأة بشكل عام.
وتساهم المكتبات النسوية في إيصال صوت المرأة بشكل عام إلى كافة المجتمعات لدعم قضاياها، وتسلط الضوء على المرأة ودورها في بناء المجتمع وتطويره، كما أنها تتناول قضايا الشباب المختلفة في المجتمع من منظور نسوي وحقوقي، وتدعم الفن النسوي وتنشر قصص متنوعة لكسر الصور النمطية عن المرأة والرجل.
وجاء إنشاء المكتبات النسوية إلى جانب ما ذكرناه سابقاً في جزء منها لمكافحة الخوف من رهاب المثلية ونبذ التمييز الاجتماعي ضد السحاقيات، ولإظهار أنه هناك أماكن آمنة للمثليات والنساء المزدوجات الجنس داخل المجتمعات.