الغناء باللغتين العربية والكردية فن وتراث عريق
الدمج بين اللغتين العربية والكردية في الحديث والغناء بات دليل واضح على التعايش والتآخي بين شعوب ومكونات إقليم شمال وشرق سوريا، ودحضاً لكافة المؤامرات الرامية لزعزعة أمن واستقرار المنطقة.
يسرى الأحمد
الرقة ـ تغني دلال الحمد باللغتين العربية والكردية لتتبنى قضايا إنسانية منها الحروب ونبذ التمييز العنصري والطبقي والقمع والظلم، وتعزيز قيم المحبة والتعايش والتسامح والسلام.
لم تكن الانتقادات وصغر سنها أسباباً كافية لمنعها من الغناء وليس ذلك فحسب بل الغناء بالعربي والكردي، دلال الحمد ذات الخمسة عشر عاماً من مقاطعة الرقة بإقليم شمال وشرق سوريا تغني بصوت ولون فني وتراثي يمثل مدينتها وقضايا إنسانية عدة منها نبذ الكراهية والتمييز والظلم، ودعم التسامح والقبول بالآخر والسلام.
فمنذ تأسيس نظام الإدارة الذاتية بإقليم شمال وشرق سوريا وتطبيقه في مدينة الرقة حصل الجانب الثقافي والفني فيها على الدعم والاهتمام، بعد أن تم تغيب العديد من الشخصيات الفنية لسنوات عن الساحة بعد سيطرة داعش على المدينة، كم تم التركيز على تعزيز مكانة ودور الفن النسوي والفئة الشابة للنهوض بالواقع الثقافي والفني للمنطقة.
وحظيت دلال الحمد بالكثير من الفرص لصقل وبلورة موهبتها، حيث تقول "منذ أن أكتشف والدي موهبتي بالغناء لم يتوقف عن تشجيعي ودعمي، خاصة أن هناك أفراد من عائلتي سبقوني إلى هذا المجال"، مضيفةً "فرغبتي بتطوير وصقل موهبتي دفعتني للانضمام لمركز الثقافة والفن وبعد أربع أعوام انضممت لمركز الهلال الذهبي وأصبحت عضوة بفرقة هيلين جودي".
وعن ظهورها لأول مرة على خشبة المسرح بينت "أتذكر تلك اللحظة التي اعتليت فيها خشبة المسرح لأول مرة، كان الخوف والقلق والتوتر سيد الموقف، خاصة بعد أن شعرت بنضرات الاستغراب بأعين الجمهور وملاحم الدهشة لديهم تقول من أين لها هذا الصوت القوي وهي بهذا العمر؟، وبعد أن بدأت وسمع الحضور صوتي تمكنت من نيل أعجابهم، فأصبح تشجيعهم ودعمهم لي هو الحافز الأكبر الذي دفعني لكسر حاجز الخوف وأنطلق بكل ثقة واستمر بالغناء".
وعن غناءها باللغتين تقول دلال الحمد "أغني باللغتين العربية والكردية، لأظهر مزيج وخليط بين مكونات المنطقة، فلدي العديد من الأغاني الفلكلورية والشعبية والتراثية والثورية، وأحبذ تأدية أغاني خاصة بالمرأة، استخدم الألحان والكلمات الصاخبة لأعبر عن إرادة المرأة الحرة وقوتها بالرغم من كل ما تعيشه من معاناة ومأساة وتحديها الواقع المرير، وصمودها وكفاحها ونضالها بوجه كافة أشكال العنف، لهذا شاركت بأكثر من أغنية خاصة بها وكانت أغنية "أنا حرة حرة عربية أنا حرة حرة كردية" والتي شاركتها في اليوم العالمي للمرأة".
وأضافت "شاركت في العديد من الفعاليات والنشاطات والمهرجانات المختلفة والمناسبات، وأديت أغاني متنوعة ومختلفة منها أغاني خاصة للقائد عبد الله أوجلان والشهداء، أردت في كل فعالية أن اشارك بصوتي واترك بصمة مميزة، ولي مشاركات مع فرق أخرى على مستوى إقليم شمال وشرق سوريا".
وحول الصعوبات التي واجهتها في مسيرتها قالت "في البداية كانت نضرة المجتمع تجاهي دونية كوني فتاة صغيرة العمر تظهر على المسرح وتغني أمام الناس، لذلك تعرضت للكثير من الانتقادات بحجة أن ما أفعله أمر معيب فبحكم العادات والتقاليد صوت المرأة أو الفتاة عورة، إلا أن أنني اتخذت من انتقاداتهم السلبية دافعاً لأتابع طموحاتي وتحقيقها".
وعن تنسيقها ما بين دراستها والغناء "كوني طالبة في الصف التاسع، أحاول التنسيق وتنظيم وقتي ما بين الدراسة والتدريب في المركز، وعند عودتي من المعهد أتدرب في المنزل، رغم كل الضغوطات والتحديات التي واجهتها لم اتوقف عن ممارسة هوايتي المفضلة".
ولفتت إلى دور الإدارة الذاتية في تنمية المواهب الفنية "يعتبر مشروع الأمة الديمقراطية مشروع فريد وجديد في المنطقة، كونه يعطي اهتمام للمجال الفني والثقافي بكافة أشكاله، ويدعم ويشجع ويعزز دور الثقافة النسوية وخاصة الفئة الشابة، ويسعى لتنمية المواهب الفنية للنهوض خاصة بواقع الفن النسوي في المدينة، الذي غيب كلياً إبان سيطرة داعش على المنطقة".
وعن دور المرأة ومساعيها الحثيثة في أثبات ذاتها في المجتمع أكدت أنه "بعد أن تمكنت المرأة من إثبات دورها في كافة المجالات، تسعى جاهدة لتطور نفسها ومواهبها الثقافية والفنية لتمثيل ذاتها وتضع بصمتها في المجتمع".
وترى دلال الحمد أن ممارسة موهبة الغناء تعزز الراحة النفسية "للغناء أهمية كبيرة وإيجابيات، من خلاله يمكن تفريغ الطاقة السلبية، فعندما أتعرضت لضغوطات بفعل الدراسة أقوم بغناء بعض المقطوعات، حتى بأوقات الفراغ في المعهد أقوم بالغناء لزملائي، وأسعى لتطوير نفسي وقدراتي الغنائية للأفضل لكي أمثل بصدى صوتي ثقافة وفن وتراث بلدي العريق".
وفي ختام حديثها حثت دلال الحمد صاحبات المواهب أنه "يجب على كل فتاة أو امرأة تملك صوت عذب، أن تظهر موهبتها الدفينة، وتتخطى الانتقادات السلبية وأن تكون ذات إرادة وعزيمة قوية وفعالة عبر مشاركتها في الفعاليات والنشاطات".