الفن في زمن الحرب... فنانة فلسطينية تعبر بلوحاتها الفنية عن معاناة شعبها
تحاول الفنانة الفلسطينية ريهام شقورة من خلال لوحاتها الفنية إيصال الصورة الحقيقية للمعاناة والواقع المرير الذي يعيشه الأهالي في قطاع غزة، وتعكس بأعمالها الدمار والأمل في آن واحد.
نغم كراجة
غزة ـ في خضم الحرب المستمرة على قطاع غزة، والتي حصدت أرواح آلاف المدنيين وخلّفت وراءها دماراً هائلاً، تبرز قدرة الفن في التعبير عن المعاناة وإيصال صوت الشعب الفلسطيني للعالم، وبينما تحاول عائلات غزة اللاجئة في الملاجئ الفرار من غارات الطيران والقصف المدفعي، تحاول ريهام شقورة أن تجسد قصة شعبها من خلال لوحاتها.
وسط الدمار والخراب الذي حل بقطاع غزة، تبرز لوحات الفنانة الفلسطينية ريهام شقورة كشواهد على ما يتعرض له الشعب الفلسطيني من عنف وإبادة جماعية، فبين ريشة حادة وألوان صارخة، ترسم الدمار الذي حلّ بالبيوت والطرقات المهدمة والمباني المتهالكة، تظهر الخوف واليأس في عيون الأطفال الذين فقدوا ألعابهم ومدارسهم ومنازلهم، وتجسد المشاعر المتناقضة التي تعيشها عائلات غزة بين الأمل بالصمود والتحدي والخوف من المجهول.
وقالت "لا أركز فقط على الدمار والخراب، بل أظهر أيضاً روح الصمود والإرادة التي يتمتع بها الفلسطينيون، فمن خلال لوحاتها الفنية، تبرز قوة الإنسان الفلسطيني وقدرته على التكيف مع الظروف الصعبة، وبين الحطام والخوف، تظهر اللوحات مشاعر الترابط والتعاون بين الأفراد التي تمكن من التغلب على الطاقة السلبية وتجديد الأمل في مستقبل أفضل".
وأشارت إلى أن الفن هو أداة قوية تمكن من إظهار حقيقة ما نعيشه "إن العالم يمكنه أن يرى ما يحدث في غزة من خلال لوحاتنا، فالفن يمكنه أن يتحدث لغات عديدة ولا يمكن للصور أن تغفل ما يحدث هنا"، مؤكدة أن "الحرب تلحق ضرراً كبيراً بروحنا، ولكن الفن يمكنه أن يعيد إحياءها"، فمن خلال لوحاتها الفنية، تحاول أن توصل رسالة إلى العالم عما يعاني منه الشعب الفلسطيني في ظل حرب مستمرة "الفن لغة عالمية تمكن من التعبير عما يعجز الكلام عن وصفه".
وأضافت "يمكن للرائي أن يشعر بألم الطفل الذي فقد منزله وبألم الأم التي فقدت طفلها، وبوجع الشباب الذي فقد أحلامه ومستقبله في غمضة عين، ولكن أيضاً أبرز صمود الشعب الفلسطيني وقدرته على التكيف مع هذه الأوضاع الراهنة التي لا يتحملها أحد في العالم".
واستطاعت ريهام شقورة تجسيد الواقع المأساوي الذي يعيشه الطفل الفلسطيني من خوف وتشريد وجوع وضياع، وفي لوحة أخرى بينت أن المرأة جزء لا يتجزأ من القضية الفلسطينية، وذلك برسمها امرأة ترتدي الثوب الفلاحي المطرز بألوان علم فلسطين تحلم بالعودة إلى أرضها.
وعلى الرغم من الضغوطات النفسية الحادة التي تواجهها الفنانة ريهام شقورة إلا أن عزمها على إظهار واقع قطاع غزة لم يثنها، مؤكدة على أن "فني هو سلاحي في هذه الحرب"، مشيرة إلى أن "الفن يمكنه أن يغير العالم، وهذه اللوحات ليست مجرد ورق وألوان إنما صوتاً عالياً للصمت".
وبينت أنها تستفاد من وقتها بعد الانتهاء من الروتين اليومي الذي يبدأ من جمع الحطب ومساعدة أسرتها في توفير أدنى المقومات المعيشية، إذ تعتبر الرسم فرصة للتفريغ النفسي والهروب من الواقع المؤلم الذي تعيشه "من المؤسف أن ربيع شبابنا ضاع في الحروب دون أن ننجز ونحقق أهدافنا وطموحاتنا، لا أدري كيف يمكننا الفرار من هذا الجحيم".
وأضافت "رغم قساوة الحرب والألم، رسوماتها تدعو العالم للنظر إلى غزة بعيون أكثر إنسانية وفهم أعمق لمعاناة شعبها، فهي تبين قدرة الإنسان على تحويل الألم إلى إبداع، والدمار إلى فن يعكس الأمل، علينا جميعا أن نستمع إلى الرسالة التي تنقلها الفنون بكل أشكالها، وأن ندعم الشعب الفلسطيني في كفاحه من أجل الحرية والكرامة"، مؤكدة أن الشعب الفلسطيني يصنع المعجزات ولا ينتظرها.
وأوضحت "الفن قد يكون مجرد أداة التعبير للبعض، ولكنه بالنسبة للشعب الفلسطيني وسيلة للبقاء والتحدي، وللتأكيد على أن روحهم لا تقهر وأنهم سيظلون متمسكين بأملهم وإرادتهم في العيش بسلام وتقرير مصيرهم"، لافتة إلى أن دعم الفنانين/ات والمبدعين/ات في غزة هو دعم للصمود والمقاومة، وأيضاً تذكير للعالم بأهمية التضامن الإنساني في مواجهة الظلم والعدوان.