"الانطلاقة. الرسم" المعرض الأول لتاتيانا بحر في بيروت
بعد خمس عقود نظمت الروسية تاتيانا بحر معرض الرسم الأول لها في البيت الروسي في العاصمة اللبنانية بيروت، تحت عنوان "تاتيانا بحر الانطلاقة. الرسم"
كارولين بزي
بيروت ـ .
من هي تاتيانا بحر؟
تاتيانا بحر هي معلمة تاريخ من أصول روسية - لبنانية، تبلغ من العمر 55 عاماً، بدأت التحضير لمعرضها الفني الأول منذ ثلاث سنوات أي منذ انتشار وباء كورونا، ولكن في رصيدها كتب ومقالات عن تاريخ الروس في لبنان.
عن كيفية اكتشافها لموهبتها، تقول تاتيانا بحر لوكالتنا "لطالما كنت أرسم ولكن كنت أعتقد أنني أستطيع رسم التصاميم فقط وبالأسود والأبيض، حتى أن أحد كتبي يتضمن تلك الرسوم التوضيحية التي رسمتها. عندما ألفت كتبي، كنت حينها أمام خيارين إما أن أبحث عن فنان يصمم رسومات لكتبي أو أرسم بنفسي، وبالفعل اتخذت قرار أن أرسم بنفسي".
وتتابع "فكرة المعرض تطورت بطريقة تدريجية، ففي البداية يرسم الشخص لنفسه بعض اللوحات ثم يقرر أن يتوسع بذلك أكثر فأكثر... وتبين لي أن الإحساس ينمو وتتعزز المهارات مثل أي علم آخر أو فن آخر مع الممارسة، مثلاً أن يعتاد الإنسان على ركوب الدراجة، فهو في البداية سيقع ولكن بعد أن يمارس هذه الرياضة أكثر من مرة سيعتاد على ركوب الدراجة ويصبح محترفاً".
وتضيف "ثم بدأ الحجر الصحي وكنت أبقى وحيدة في المنزل، حينذاك بدأت أرسم يومياً، وتابعت بعض الورش التدريبية عبر الإنترنت، وعندما عادت الحياة إلى طبيعتها نوعاً ما قمت بالسفر إلى سان بطرسبورغ وتعرفت إلى عدد من الفنانين المحترفين هناك، وقد شكل لي ذلك سعادة كبيرة... في المحصلة، قمت برسم العديد من اللوحات وعندما أصبح عدد اللوحات لدي كبيراً وبدأت الرسومات بالتجمع في أماكن مختلفة من المنزل، رحت أهديها لبعض أصدقائي، ثم بدأت بالتفكير فيما الذي عليّ فعله بهذه اللوحات... وكان المعرض هو الخيار".
بين الفن والتاريخ
عن الصعوبات التي واجهتها، تقول "كنت أتخطى الصعوبات التي أواجهها، مثلاً إذا واجهت مشكلة في استكمال لوحة ما، كنت أتركها وأذهب لرسم لوحة أخرى ولكنني كنت أعود مجدداً لاستكمال اللوحة نهائياً"، لافتةً إلى أن لوحة المهرج مثلاً قامت برسمها أكثر من مرة ولكن عندما ظهرت فكرة المهرج لديها اعتمدت هذه الصيغة وأنجزت اللوحة.
على الرغم من أن التاريخ بعيد عن عالم الفن والألوان، إلا أن تاتيانا بحر لم تخرج من عباءة التاريخ، بل مزجت بين الفن والتاريخ وتأثرت بالرسامة أولغا ليمانسكي، وتعرّفنا تاتيانا على أولغا وتقول "أنا في لبنان لست المرأة الروسية الأولى أو الأخيرة التي بدأت ترسم بسن متقدم، الرسامة الأشهر هي أولغا ليمانسكي. ولدت أولغا في روسيا ثم هاجرت مع الجيش القيصري إلى إسطنبول ثم دمشق وصولاً إلى بيروت، حيث عملت بدايةً سكرتيرة في السجل العقاري، ثم سكرتيرة في السفارة الفرنسية في بيروت".
وتتابع "عندما بلغت الخامسة الخمسين من عمرها بدأت ترسم، استعانت بدايةً بأقلام التلوين الخاصة بأحفادها ثم لاحقاً بدأت تنظم معارض انطلقت من بيتها، والآن تُحفظ أعمالها في الكثير من المتاحف العالمية، وفي ذكرى ميلادها المئة نظمت الجامعة الأميركية في بيروت معرضاً على شرفها، وبالتالي هو أمر عادي أن يبدأ أي إنسان اكتشاف موهبة ما في سن متقدمة، ويعمل في مجال الفن أو الرسم".
"الظروف الصعبة ساعدت النساء على اكتشاف مواهبهن"
على هامش المعرض، قالت مديرة النشاطات الثقافية في البيت الروسي في بيروت سفيتلانا صفا لوكالتنا "تعتبر تاتيانا بحر نفسها رسامة صغيرة، علماً أنها في الخامسة والخمسين من عمرها، استطاعت بالمثابرة من خلال نشاط مكثف أن تنظم معرضها الأول".
وتعبّر سفيتلانا صفا عن سعادتها بهذا المعرض وتقول "نحن سعداء بتنظيم هذا المعرض في ظل الظروف الصعبة التي نعيش فيها في لبنان، إذ استطاعت عدد من النساء أن يكتشفن أنفسهن، مثلاً تاتيانا معلمة تاريخ ولكنها استطاعت أن تجد نفسها في مجال الرسم والفنون ونحن فخورون بها".
وتتابع "تاتيانا كتبت العديد من الكتب عن الروس الذين عاشوا في لبنان منذ مئة عام، وبالنسبة لنا هذا الموضوع مهم جداً لنا"، وتلفت إلى أن تاتيانا قررت أن تنظم المعرض بمناسبة "يوم تاتيانا" الذي يحتفل به طلاب الجامعات في روسيا في 25 كانون الثاني/يناير من كل عام.
وتشير إلى أن البيت الروسي في بيروت نظم عدداً من النشاطات خلال الشهر الأخير من السنة الماضية ومع انطلاق العام الحالي، وتقول "نظمنا سبع حفلات للأطفال، نحن سعداء لأننا استطعنا أن نقوم بهذه النشاطات ونمد الناس بطاقة إيجابية في ظل الأوضاع الصعبة في لبنان".
ولا تنكر سفيتلانا صفا بأن المركز الثقافي الروسي أو البيت الروسي تأثر بالأزمات وتراجعت نشاطاته خلال السنتين الماضيتين، وتقول "مع بداية انتشار وباء كورونا تراجع عدد نشاطاتنا، ولكن في الآونة الأخيرة استعدنا نشاطنا وقررنا أن نعود بقوة من أجل مساعدة الناس، كما أننا افتتحنا صالة جديدة في المركز وهي مخصصة لجيل الشباب أو للجمعيات وبالتالي تستطيع أي جمعية لبنانية أن تأتي وتنظم نشاطات أو مؤتمرات في هذه الصالة ومن دون أي تكاليف".