الإخراج السينمائي وسيلة لطرح قضايا النساء
ريما محمود مخرجة فلسطينية قررت دق جدار الخزان والحديث عن قضايا حساسة تعاني منها النساء والفتيات في قطاع غزة.
رفيف اسليم
غزة ـ بدأت المخرجة ريما محمود منذ ما يقارب 10 أعوام تتحدث عن قضايا النساء سواء عبر الأفلام أو المقالات الصحفية و الأدب، غير أبهة بأشكال المحاربة التي من الممكن التعرض لها، لتتناول عدة موضوعات أربكت الرأي العام والجهات المتنفذة.
تقول ريما محمود التي قادتها الصدفة إلى طريق امتهان الإخراج السينمائي أنه "بعد تخرجي من الجامعة خلال أولى فترات الانقسام الفلسطيني تحزبت غالبية المؤسسات الإعلامية ولم أكن أرغب بالانتماء أو العمل لأي منها، لكن حين عرض علي أحد الأصدقاء الالتحاق بدبلوم الإخراج راق لي الأمر وبدأت على الفور".
وأوضحت "ربما تحطم حلمي بالوقوف أمام الكاميرا وتقديم برامج مختلفة عبر الشاشة لمناقشة قضايا تعتبر حساسة في مجتمعي وغير مسموح الحديث عنها، لكني أدركت أن من تقف خلف الكاميرا لها دور كبير في تغيير وجهة نظر الجمهور ورؤيته للموضوعات المختلفة، لذلك قدمت كل الرسائل التي أريد إيصالها من مكاني".
فكانت أولى القضايا التي تحدثت عنها ريما محمود، هو سفاح القربى، الفلم تعرض من خلال ممثلة تؤدي الدور فقط، بل كان وثائقي تتحدث الضحية وهي مكشوفة الوجه أمام الكاميرا، الأمر الذي أثار جنون الجهات الرقابية المسؤولة مطالبين ليس بعدم عرض الفيلم فحسب، بل بحذفه بشكل كامل.
وأضافت أنه "من السهل عليهم أن يأمروا بحذف الفيلم وهدم جهود أشهر وأيام متواصلة لم أرى خلالها النوم وأنا أحلم وأخطط لكل مشهد وتفصيله كيف ستتم تغطيتها، لذلك عاودت المحاولة مرة أخرى وأعدت تصويره لحذف مشاهد منه وتغطية وجه الفتاة الراوي الأساسي للقصة، لكنه منع من العرض للمرة الثانية وبشكل نهائي".
لم يدخل اليأس لقلب ريما محمود فعملت لفترة من الزمن حسب حديثها كمخرجة برامج اجتماعية لكنها لم تجد نفسها، فعادت بفكرة جديدة وهي بقعة حمراء لتتحدث خلال الفيلم عن غشاء البكارة المطاطي لدى بعض الفتيات وكيف يمكن للجهل بهذا الأمر إنهاء حياة العديد من البريئات دون اقترافهن أي ذنب تحت مسمى جرائم الشرف.
وقالت أنه من الطبيعي أن يشن هجوم مكثف تجاه مخرجة العمل خاصة أنها غير متزوجة، فأصبحت مشكلة المجتمع معها كيف لفتاة غير مرتبطة الحديث عن تلك الخطوط الحمراء وكأن الأزمة بمن يتحدث وليست بنتائج تلك القضية الوخيمة التي تزهق أرواح نساء إثرها.
وأوضحت أن انتقادات المجتمع والجهات المسؤولة شكل حافزاً لها كي تكمل طريقها، ففي كل مرة تطرح قضية تجلس منتظرة تلك العاصفة التي ستغير موازين حياتها لعدة أشهر، لافتةً إلى أن إيمانها بقضايا النساء والحاجة للحديث عن الخطوط الحمراء في حياتهن أمر يستحق المخاطرة.
ففي فيلم "بقايا روح" خاطبت ريما محمود الآباء وعرضت لهم النتيجة الكاملة المترتبة على الشك بالفتاة وعدم إعطائها الثقة، لتغدو المحصلة النهائية عن ذلك السلوك هو تعرض الشابة للعنف أو الموت لسبب بسيط يمكن حله من خلال الحوار وتعليمها كيف تضبط علاقاتها مع من حولها، مشيرةً إلى أنها أيضاً عرضت نوع آخر من العنف كابدته مريضات السرطان عبر فيلمها القصير "20 يوم".
وأشارت إلى أنها في فيلم "أرواح عالقة" قدمت مشهد الخمس دقائق التي يطلب من الفلسطيني بها ترك منزله قبل أن يسقط ركاماً متهاوياً على رأسه، بينما في فيلمي "فنجان قهوة" و"المادة 18" سلطت الضوء على قضايا قتل النساء وفي فيلم "حلم بلا عودة" ستقدم مشهد لحياة الصحفي في مناطق النزاعات والحروب المنكوبة المنتظر عرضه خلال الشهر القادم.
ولفتت إلى أن أعمالها قد عرضت في بلاد مختلفة منها، مصر والأردن وعمان والمغرب والبحرين والعراق والنرويج والصين حاصلة على تكريمات وجوائز مختلفة لأفلامها التي تفضل أن تترك نهايتها مفتوحة كي يضع المشاهد حل مناسب بعيداً عن رؤيتها هي كمخرجة للفيلم.
فيما لاحظت ريما محمود أن هناك تقبل خلال الفترة الحالية لعرض العديد من قضايا النساء، وذلك ناتج عن الجهود التي بذلتها مؤسسات المجتمع المدني والنسوية في نشر الوعي من خلال الورش واللقاءات خاصة في المناطق المهمشة، الأمر الذي ساعد العديد من النساء للحديث عن مشكلاتهن الحساسة والتعامل معها كواقع مجتمعي.
ولفتت إلى أنها ترفض تقديم غزة بنموذج المدنية الفاضلة كونها فقط تعتبر معقل المقاومة، معلقة المشكلات على شماعة الاحتلال كما يفعل كثيرون وكأن المجتمع الفلسطيني لا يعاني الفساد والعنف، موضحةً أن بناء مجتمعات سوية يلزمها مواجهة الخلل.
وعن الصعوبات التي واجهتها تقول أن الحصار يعد أولى المشكلات التي تؤرقها، فيمنعها من حضور العديد من المهرجانات التي تعرض أفلامها خلالها، لافتةً إلى أنها تحلم بعرض فيلم في مهرجان كان لذلك خططت لكتابة فكرة عن النساء اللواتي تعشن في بلاد الحروب المنكوبة سواء فلسطين أو سوريا أو ليبيا والعراق وغيرها منتجة عمل دولي تنافس عبره في تلك المحافل.
وأوضحت المخرجة ريما محمود أن أسرتها هي الداعم الأول لها، فقد شجعها والدها على الدوام ألا تعبأ بالتعليقات السلبية التي تسمعها وأن تكمل الطريق الذي بدأته حتى توصل رسالتها، لافتة إلى أنها
بدأت منذ ما يقارب 10 أعوام في قضايا تعتبر خطوط حمراء لكن الجميع اليوم يتحدث عنها سواء عبر الأفلام أو التحقيقات والمقالات الصحفية والأدب أيضاً.