وزيرة المرأة السابقة: نخشى عدم تمرير "اتفاقية اسطنبول" في البرلمان من قبل الأصوات اليمينية

أحالت تونس مشروع الانضمام إلى اتفاقية مجلس أوروبا لمنع ومكافحة العنف ضد المرأة والعنف المنزلي ما يعرف بـ "اتفاقية اسطنبول"، إلى البرلمان للمصادقة عليها بعد استكمال إجراءات العضوية

زهور المشرقي
تونس ـ .
علّقت وزيرة المرأة التونسية السابقة نزيهة العبيدي، في تصريح لوكالتنا على الاتفاقية التي ساهمت في أولى خطواتها حين كانت وزيرة، وقدّمتها إلى "مجلس أوروبا" وهي منظمة غير حكومية أسست بعد الحرب العالمية الثانية، وتهتم أساساً بكل ما له علاقة بحقوق الإنسان، لافتةً إلى أن "اتفاقية اسطنبول" شبيهة بالاتفاقية الدولية لمناهضة العنف ضد المرأة، وتركّز على محاربة كل أشكال العنف وبخاصة العنف المنزلي داخل الأسرة وكذلك العنف النفسي، وشددت على المساواة وضرورة تغيير القوانين لفائدة المرأة.
وعن مضامين الاتفاقية، تقول "هي اتفاقية المجلس الأوروبي لمنع ومكافحة العنف ضد المرأة والعنف الأسري، لكنها أصبحت لاحقاً معروفة باسم "اتفاقية اسطنبول" تيمناً باسم المدينة التي شهدت التوقيع عليها في أيار/مايو عام 2011".
وأضافت أن الاتفاقية تطرقت إلى أهمية وأحقية التتبع العدلي والقانوني وألا ينتهي بإسقاط الدعوى من المرأة، وعملت على إبراز مفهوم النوع الاجتماعي الذي أثار الجدل.
وأوضحت أن تونس أول بلد عربي انضم إلى الاتفاقية وضمن أول 19دولة، معتبرة ذلك موقفاً مهماً في الدفاع عن حقوق النساء عبر قوانين دولية صارمة ودعم دولي مستمر.
وبينت نزيهة العبيدي أن الاتفاقية التي تم التوقيع عليها من قبل العديد من الدول الأوروبية فضلاً عن الاتحاد الأوروبي كتكتل دولي، تتضمّن التزامات قانونية، تشمل الاستثمار في التعليم وجمع البيانات حول الجرائم المتعلقة بالنوع أو الجنس وتقديم خدمات الدعم للضحايا.
وبالرغم من أن مشروع الانضمام إلى الاتفاقية قد أحيل إلى البرلمان إلا أن نزيهة العبيدي كشفت أنهم يخشون من عدم تمرير الاتفاقية في البرلمان من قبل الأصوات اليمينية الذين يرون أن الاتفاقية تروج لحقوق وتعاليم المثلية الجنسية بما يتناقض مع ما يسمى بقيم الأسرة التقليدية.
وأعربت عن فخرها بأنها كانت جنب إلى جنب مع أولى المطالبات بانضمام تونس إلى هذه المعاهدة الدولية تجسيداً للقناعة الراسخة بخدمة المرأة التونسية.
وذكّرت بأن تونس كانت قد سبقت فرنسا في الترفيع في سن الأهلية الجنسية من 13 سنة إلى 17 سنة، بما يضمن حق الطفل وخاصة الفتاة في التمتع بطفولتها وممارسة حقوقها كطفل قاصر دون الزج بها في علاقات جنسية لا تفهمها.
وأشارت نزيهة العبيدي إلى أن اتفاقية اسطنبول تحارب أيضاً زواج القاصرات وختان الفتيات، وتهدف إلى سن قوانين لمحاربة العنف السياسي ضد المرأة الذي يضمنه القانون رقم 58 لعام 2017 لمناهضة العنف ضد المرأة في تونس.
وحول مزايا الاتفاقية للمرأة التونسية، تقول "ستكون تونس منسجمة مع الاتفاقيات الدولية، وستمنحنا قوة المشاركة حضوراً دولياً ودبلوماسياً واقتصادياً، وستساهم في إشعاع تونس كدولة حامية لحقوق الانسان والمرأة بخاصة".
ونوهت إلى أن شروط الانخراط بالاتفاقية ليست سهلة حيث تتطلب وجود قوانين تحارب العنف في هذه الدولة أو تلك، ويجب أن يكون لها تاريخ وتعهدات بالعمل على ضمان وتطوير حقوق المرأة ودعمها، مشيرةً إلى أن  مجلس أوروبا ظل سنتين حتى وافق على انضمام تونس، وبعد هذه المرحلة المهمة تتم إحالة الاتفاقية إلى مجلس نواب الشعب التونسي للمصادقة، معبرةً عن خشيتها من معارضتها من بعض القوى اليمينية في البرلمان كما حدث في تركيا سابقاً حيث عارض برلمانها الاتفاقية وأسقطها باعتبارها تتحدث عن مقاربة النوع الاجتماعي  التي قد تؤدي إلى الاعتراف بالمثلية الجنسية.
وأوضحت أن تونس كانت أيضاً أول دولة من خارج دول مجلس أوروبا تنضمّ إلى اتفاقية مجلس أوروبا بشأن حماية الأطفال من الاستغلال والاعتداء الجنسي "لانزاروت"، التي دخلت حيّز التنفيذ في شباط/فبراير 2020 في تونس.
وبيّنت نزيهة العبيدي أن انضمام تونس إلى اتفاقية "لانزاروت" يعكس التزامها المبدئي تجاه المجتمع الدولي بالمصادقة على جميع الاتفاقيات الدولية والإقليمية المتعلّقة بحقوق الأطفال، معتبرةً أن انضمام تونس إلى هذه الاتفاقية من شأنه أن يساهم في تطوير التعاون الثنائي مع دول مجلس أوروبا، وتوفير الإمكانيات لمتابعة ودعم الأطفال ضحايا الاستغلال والاعتداء الجنسي، وتمكين المهنيين والمجتمع المدني من الخبرات والمعارف للتعامل الإيجابي مع القضايا بهذا الشأن.
وكانت وزيرة المرأة الحالية إيمان هويمل، قد أكدت خلال مشاركتها في الاجتماع الدولي الافتراضي حول "عشر سنوات من الالتزام باتفاقية اسطنبول: التقدم والتحديات في مكافحة العنف ضد المرأة"، الأربعاء 19 أيار/مايو الجاري، أنه تمت إحالة مشروع الانضمام إلى اتفاقية مجلس أوروبا لمنع ومكافحة العنف ضد المرأة والعنف المنزلي "اتفاقية إسطنبول"، إلى مجلس نواب الشعب للمصادقة عليها، معتبرةً أن ذلك إنجاز تاريخي للمرأة التونسية.
وقد أحالت تونس مشروع الانضمام إلى اتفاقية اسطنبول بعد أن تم تقديم الطلب الرسمي عليها عام 2019، وتنفيذ سلسلة من الأنشطة التوعوية المناصرة على المستويين الجهوي والوطني، باعتماد مقاربة تشاركية قصد الترويج لبنود الاتفاقية وتفسير مقاصدها.
وشددت إيمان هويمل على أنّ محتوى الاتفاقية لا يتعارض مع ما تضمّنه القانون الأساسي لمقاومة العنف ضد المرأة الذي أصدرته تونس سنة 2017، مضيفة أنّ التجربة التونسية في هذا المجال أثبتت التزاماً راسخاً ورغبةً حقيقية في القطع مع كل أشكال العنف والتمييز.
ودعت إلى ضرورة إشراك الرجال في العمل للقضاء على العنف ضد المرأة، ووضع برنامج ناجع لتأهيل الجناة، والتركيز على تنفيذ استراتيجيات الوقاية والتوعية والتحسيس باستخدام رسائل مبتكرة تستهدف جميع الفئات.
كما تطرقت إلى الحديث عن أهمية مشاركة الشباب والإعلام والمؤسسات التربوية والقطاع الخاص في البعد الوقائي والتوعوي وإحكام التنسيق بين مختلف الهياكل المتدخلة الحكومية منها وغير الحكومية.