تونسيات: تونس أمام مرحلة صعبة ولا بدّ من إنصاف المرأة
لا تزال الأزمة التونسية تلقي بظلالها على الشارع التونسي، فبين أغلبية مؤيّدة وأقلية معارضة تُنتظر الاجراءات اللاحقة التي سيتخذها الرئيس لإنهاء الأزمة التي طالت 10سنوات
زهور المشرقي
تونس - ، والتي أوصلت البلاد إلى هذه الحالة من الانهيار الاقتصادي والاحتقان الاجتماعي وتصدر تونس دول العالم في الوفيات والإصابات بكورونا.
حفلت وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي منذ يوم الأحد 25تموز/يوليو الماضي بتزاحم التعليقات والآراء معبّرة عن تذمّرها من الأوضاع التي تعيشها البلاد ومرحّبة في مجملها بتفعيل الرئيس التونسي الفصل 80 من الدستور باعتباره إنقاذاً للبلاد.
ولمواكبة هذه التطورات تحدّثت وكالتنا مع تونسيات، ورصدت آرائهن بخصوص ما عاشته تونس مؤخراً، وقد أجمعت النساء على إن بلدهن تستحق الأفضل وإنه لا بد من العمل على تغيير المنظومة الحاكمة والمضي قدماً في تطبيق الإصلاحات المطلوبة لضمان الحياة الكريمة للتونسيات اللواتي تضررن من كل الأزمات التي مرّت بها البلاد.
تعتبر فريال سالم، وهي موظفة تونسية ثلاثينية، أن ما قام به الرئيس التونسي قيس سعيد تزامناً مع عيد الجمهورية في الخامس والعشرين من تموز/يوليو، هو ضربة قاصمة لما أسمته "فرع تنظيم الإخوان المسلمين" بتونس وهو استجابة لرغبة الشعب التونسي الذي خرج وتظاهر لإسقاط هذه المنظومة الفاسدة كما تقول، مشددة على أن الانفجار الذي عاشته تونس كان نتاجاً لوضع اجتماعي وصحي واقتصادي صعب لا يمكن تحمّله أكثر.
وأوضحت فريال سالم، أن "الوضع الاقتصادي تردى بشكل كبير وسجلت نسبة النمو انحداراً حاداً بلغ 0.5 بالمائة، وارتفعت الأسعار بشكل جنوني، الأمر الذي أوصل البلاد إلى وضع كارثي وراكم الاحتقان الاجتماعي منذ أن قفزت جماعة الإسلام السياسي إلى السلطة، تحت دعاية خادعة وباستخدام المال السياسي الفاسد، لتشهد السنوات العشر الماضية ارتفاعاً مخيفاً في نسبة البطالة التي فاقت 17 بالمائة".
وأضافت بأنه "تضاعفت نسب الجريمة والعنف في المجتمع التونسي وتفشى الإرهاب بفعل الخطاب التحريضي المتطرف خدمة لأجندة التنظيم العالمي للإخوان، وأصبحت تونس مصدرة للإرهابيين مثلما حصل من تسفير لآلاف الشباب لمقاتلة الشعب السوري".
وأشارت إلى أن الخلافات والصراعات السياسية هي نتيجة مصالح خارجة عن مصلحة الشعب، موضحة ما آلت إليه الأوضاع خاصة بعد انتخابات 2019 من تطاحن وصراع على السلطة والمناصب والمغانم على حساب المصالح العامة المعطّلة.
كما جاءت جائحة كورونا لتكشف حجم القصور لدى النخبة الحاكمة في وضع استراتيجية وبلورة رؤية علمية لمجابهة كل الاحتمالات.
هذه العوامل وغيرها دفعت بالشعب التونسي إلى خوض انتفاضات عديدة قوبلت بالقمع، ولكن للصبر حدود كما يقال، وظل الغليان مستمراً إلى أن تجمعت الإرادات وتحركت الجموع وخاصة الشباب الذي استغل مواقع التواصل الاجتماعي وبعض أجهزة الإعلام في الخامس والعشرين من تموز/يوليو، مطالبين بإنهاء المنظومة التي جلبت الخراب لتونس، وحل البرلمان الذي شهد طوال السنتين الماضيتين مشاحنات وصراعات وأعمال عنف بين النواب وانحداراً في التعامل الأخلاقي.
وأمام تفجر الغضب الشعبي في كل المدن التونسية، قام الرئيس التونسي قيس سعيد بهذه الخطوة.
ووصفت فريال سالم قرار قيس سعيّد بالحكيم، لافتة إلى أن التدابير نبعت من قلب المطالب الشعبية، برغم تعطّل إصدار مثل هذه القرارات الصارمة مدة عام حيث أعطى فرصة محاولة الإصلاح لكل من في الحكم لكنهم واصلوا الصراع والتلاعب بمصالح الدولة التونسية وشعبها.
وختمت حديثها بالقول "نحن كتونسيات مع محاسبة كل خونة الوطن ونتضامن مع المؤسسات لضمان ذلك الهدف وندعو إلى تواصل لحمة الشعب التونسي ونبذ العنف والمشاحنات والفوضى التي من شأنها أن تعرقل مخطّطات الرئيس"، مؤكدةً بأن "تونس غدا أفضل".
وبدورها، ترى طيبة عبد الفتاح، وهي طالبة تونسية في أواسط العشرينات من عمرها، أن ما حدث في تونس ليس انقلاباً بكل المقاييس، بل هو هبة شعبية لتصحيح مسار البلاد، وغضب عارم ضدّ طبقة سياسية متعفّنة عملت طيلة سنوات على خدمة مصالحها السياسية والمصلحية الضيّقة بعيداً عن هموم الشعب ومشاكله. بحسب وصفها.
وأكدت طيبة عبد الفتاح أن الوقت انتهى أمام هذه الطبقة الفاسدة، قائلةً "لا مستقبل لإرهابهم وممارساتهم وتسلطهم في أرض عربية إفريقية، تونس التي لم تستكن يوماً لظالم".
وتابعت "يزعمون أن ما حدث انقلاب على الشرعية، وفي الحقيقة هو انقلاب على الفساد والاستغلال والتوغل".
ومن جهتها، قالت جيهان التليلي، إحدى المشاركات في مظاهرات 25تمز/يوليو، إن "الهدف كان ولا يزال يتمثّل في إسقاط المنظومة الفاسدة بكل مسؤوليها، والتخلّص من حكم الإخوان وحلفائهم الذين تسببوا في تراكم الأزمات ونهبوا الثروات".
وأضافت أن هذه المنظومة التي وصفتها بالفاسدة "لا تمثل ولا تتناسب وطموحات الشباب التونسي الذي ثار ضد منظومة الراحل زين العابدين بن علي، والذي تحدى عصا البوليس في تلك الفترة".
وبخصوص البديل، ترى جيهان التليلي ضرورة إجراء انتخابات مبكّرة والعمل على توعية الشعب التونسي حتى لا تحدث نفس الأزمة التي تعيشها البلاد اليوم، "انطلاقاً من أن أي شرعية أو مشروعية للحكم هي نابعة أصلاً من الشعب، والحال أن الشعب التونسي قال كلمته في المنظومة التي أعقبت انتخابات أكتوبر 2019، وهي منظومة ثبت فشلها".
وتقول الستينية حليمة "إن الشعب التونسي عاش القهر والتفقير والإرهاب منذ أحداث 2011، التي زينوها لنا بأنها ربيع فإذا بالأيام تثبت أنها شتاء عاصف مدمر، ولم يعد هناك متّسع للوقت للصمت، فقد بات الشعب غير قادر على توفير قوته اليومي بسبب الغلاء الفاحش للأسعار وانتشار البطالة الذي زادته جائحة كورونا تعقيداً. لقد أوصلوا البلاد إلى حافة الانهيار ففاض كأس صبر الشعب بعد 10سنوات من الخراب"، داعية إلى تنظيم انتخابات مبكّرة حتى يضمن التونسي حقه في حياة أفضل ومعيشة تحفظ كرامته التي نُكل بها في السنوات السابقة.
وحليمة هي مثال للمرأة التونسية الكادحة التي لم تكن مهتمة بالسياسة قبل أحداث 2011 إلا أن أوجاعها وأوجاع شعبها جعلتها تنخرط في مسيرات الغضب في كانون الثاني/يناير من ذلك العام، وعاودت الانخراط في الاحتجاجات الشعبية يوم 25 تموز/يوليو2021.
وتضيف "شاركت خلال 2011 في كل الاعتصامات جنباً إلى جنب مع شباب تونس وشاباتها، وفي يوم الأحد 25يوليو تحديت أي هاجس لوباء كورونا وانطلقت وسط الجموع مساندة لشباب تعب وسئم حال بلاده ودمرته هذه الحكومات المتعاقبة التي تبحث عن السلطة والتموقع والكراسي فقط".
أما سامية، وهي أربعينية وموظفة بإحدى شركات القطاع الخاص، فقد كان لها رأي مخالف، إذ تعتبر أن ما حدث في تونس كان يمكن تفاديه بالحوار، حيث إن من هم في الحكم اليوم منتخبون أفرزهم الصندوق.
ودعت إلى "تحكيم المصلحة العليا للبلاد ومراعاة الوضع الذي تمرّ به تونس"، مشيرةً إلى أن أكبر متضرّر من الأوضاع الصعبة التي تمر بها البلاد هي المرأة التونسية، حيث إنها فقدت عملها خلال جائحة كورونا ولم تجد الدعم من الدولة التونسية.
ولفتت إلى أن الرئيس التونسي اليوم مطالب بإنصاف المرأة التي تعاني الأمرين من منزلها، وصولاً إلى عملها بسبب السياسات الاقصائية المعتمدة منذ عقود.