تركيا تسعى لنهب ثروات ليبيا وتأمين احتياجاتها من الطاقة
تسعى تركيا للسيطرة على الثروات التي تتمتع بها ليبيا من خلال إبرام اتفاقيات تمنحها الحق بالتدخل في شؤون البلاد والاستيلاء على ثرواتها.
هندية العشيبي
بنغازي ـ أثارت مذكرة التفاهم التي أبرمتها تركيا مطلع تشرين الأول/أكتوبر الجاري مع رئيس حكومة الوحدة الوطنية بشأن التنقيب عن الغاز والنفط، ردود فعل محلية ودولية رافضة باعتبارها مخالفة للقوانين والمعاهدات الدولية.
أعلن رئيس مجلس النواب الليبي المستشار عقيلة صالح في بيان رسمي، رفضه لمذكرة التفاهم التي أبرمتها تركيا، مؤكداً عدم مشروعية أي اتفاق أو معاهدة دولية تبرمها حكومة الوحدة الوطنية منتهية الولاية.
بينما أعلنت مصر واليونان عن رفضهما لهذه المذكرة، ومعارضتهما أي نشاط في المناطق المتنازع عليها في الشرق الأوسط، فيما أعرب الاتحاد الأوروبي عن رفضه لمذكرة التفاهم، والتي جاءت مستندة إلى الاتفاق الذي وقعته تركيا مع حكومة الوفاق السابقة قبل ثلاثة أعوام، معتبراً أنها تشكل انتهاكاً لقانون الأمم المتحدة الدولي للبحار، والحقوق السيادية لعدة دول.
وحول هذه الاتفاقية، قالت الباحثة السياسية ورئيسة مركز "وشم" لدراسات المرأة في ليبيا عبير أمنينة، حيث رأت أن الدولة التركية تسعى للسيطرة على ثروات ليبيا من خلال استغلال الحكومات الهشة المتعاقبة في إبرام اتفاقيات تمنحها حقوقاً غير قانونية.
وبينت أن الاتفاقية دخلت حيز التنفيذ بسبب ضعف مجلس النواب الليبي محلياً ودولياً، وهشاشة حكومة الوحدة الوطنية بطرابلس في مواجهة الدولة التركية، مضيفةً أن مجلس النواب الليبي أعلن رفضه لهذه الاتفاقية في وقت سابق لمخالفتها القوانين المحلية والدولية، ولإبرامها من قبل جسم غير شرعي والمتمثل في حكومة الوحدة الوطنية والتي سحبت منها الثقة قبل عدة أشهر من قبل البرلمان الليبي، مؤكدةً أن هذه الاتفاقية باطلة بمعنى أنها قانونياً غير نافذة.
وأوضحت عبير أمنينة أن هذه الاتفاقية منحت تركيا الحق في البحث والتنقيب عن النفط والغاز داخل المياه الإقليمية الليبية، والتي تحتوي على أكبر مخزونات الطاقة في العالم، منوهةً إلى أن "الاتفاقية تمنح تركيا خطوة استراتيجية هامة بالسيطرة على النفط في المنطقة، والحكومة الليبية هي أسيرة للدولة التركية لأنها هشة وضعيفة".
سياسياً وبحسب خبراء فقد تعمل هذه الاتفاقية على زيادة التوتر بين تركيا واليونان من ناحية، خاصةً بعد أزمة جزر بحر إيجة، وبين تركيا ومصر من ناحية أخرى.
أما من الناحية الاقتصادية؛ فتركيا تعمل على ضمان أكبر قدر ممكن من النفط والغاز تحسباً لأي تطورات لاحقة، لأن أغلب القراءات تشير إلى أن تركيا تعاني نقصاً في الطاقة، وبالتالي ستحاول أنقرة الحصول على حصة في حقول النفط والغاز، مستغلة تواجدها السياسي والعسكري على الأراضي الليبية.
وحول تأثير هذه الاتفاقية على الوضع السياسي والاقتصادي في البلاد والدول المجاورة قالت عبير أمنينة إن هذه الاتفاقية تؤثر بشكل مباشر على الاقتصاد المحلي والعربي والدولي، فمع تنامي الأزمات الدولية حول نقص الطاقة، سيؤثر إبرام مثل هذه الاتفاقيات على بعض الدول وسيشكل تهديداً لدول أخرى، لأنها ستمنح تركيا بعد استراتيجي وقوة اقتصادية ضاربة على المنطقة، رغم رفض اليونان لمثل هذه الاتفاقيات.
وأوضحت أن الحرب الأوكرانية الروسية التي اندلعت في الرابع والعشرين من شباط/فبراير الماضي، أفرزت العديد من التحديات في مواجهة عدة دول أوروبية، خاصةً فيما يتعلق بتوفير الغاز والطاقة، حيث أصبح هذا الملف محركاً لكثير من الاتفاقيات والتحالفات حالياً بين عدة دول.
من جانبها اعتبرت الناشطة السياسية أسماء فضل الله أن اتفاق تركيا مع حكومة الوحدة الوطنية منهية الولاية قانونياً، يعتبر مخالفاً للقانون الدولي وقانون البحار.
ورأت أن "ليبيا دولة ناقصة للسيادة، خاصةً مع وجود قواعد أجنبية عسكرية على أراضيها، في غرب البلاد تحديداً"، معتبرةً أن "أي اتفاق تبرمه حكومة الوحدة الوطنية خلال هذه الفترة يعتبر إذعاناً وليس اتفاقاً".
وأشارت إلى أن حكومة عبد الحميد دبيبة لا تستطيع توقيع اتفاقات دولية تضمن كامل الحقوق للشعب، باعتبار أن تركيا طرف يعمل على زعزعة استقرار ليبيا لنهب ثرواتها، خاصةً عقب إرسالها المرتزقة والمقاتلين الأجانب لمواجهة الجيش الليبي عسكرياً، خلال حربه على الإرهاب في المنطقة الغربية السنوات الماضية، وهذا ما أكدته التقارير والوثائق المحلية والدولية التي رصدت إرسال تركيا للآلاف من المقاتلين الأجانب لدعم المليشيات المسلحة والجماعات الإرهابية في البلاد.
وتسعى تركيا من خلال الاتفاقيات إلى تأمين احتياجاتها من النفط والغاز خلال الفترة المقبلة، لاسيما في ظل أزمة الطاقة العالمية والأسعار المرتفعة، وبالتالي يمكن أن توفر هذه المذكرة الإمدادات التي تحتاجها أنقرة من الطاقة، من خلال استغلال موارد ليبيا من الطاقة.