'تقلد النساء مراكز صنع القرار ضرورة ملحة لتحقيق التنمية المستدامة'
على الرغم من الجهود التي تبذل في إطار تحقيق المساواة بين الجنسين على الساحة السياسية المغربية، إلا أن النساء لم تصلن لأهدافهن بعد وعلى رأسها تحقيق المناصفة.
رجاء خيرات
المغرب ـ أكدت النائبة البرلمانية حياة أومنجوج على أنه بات من الضروري تواجد النساء داخل مراكز صنع القرار وتحقيق أهداف التنمية المستدامة، والرفع من نسبة تمثيليتهن في الهيئات السياسية من خلال التشريعات والقوانين التي تستجيب لمبدأ المناصفة بين الجنسين.
ترى الناشطة السياسية والنائبة البرلمانية حياة أومنجوج أن المشاركة السياسية للمرأة المغربية مع ضمان تمثيلية منصفة لها داخل الهيئات المنتخبة ووصولها لمراكز صنع القرار ومناصب القيادة داخل الأحزاب السياسية، أمرٌ خطا فيه المغرب خطوات كبيرة من خلال التأطير الدستوري لمبدأ المساواة والمناصفة في الفصل التاسع عشر من دستور 2011.
وأضافت "إن هذا الفصل ينص على أن الرجل والمرأة يتمتعان على قدم المساواة بالحقوق المدنية والسياسية والاجتماعية والثقافية والبيئية، ويشير نفس الفصل إلى أن الدولة تسعى إلى تحقيق مبدأ المساواة بين الرجال والنساء"، موضحةً أن دستور 2011 جاء بمضامين جديدة تطرح مبدأ حقوق الإنسان بشكل عام وحقوق النساء بشكل خاص، حيث ينص بابه الأول على تمتع الرجال والنساء بالمساواة في الترشح والتصويت خلال الانتخابات وكذلك الحقوق المدنية والسياسية والتشجيع على تكافؤ الفرص بين الجنسين لولوج الوظائف الانتخابية من خلال الفصل 30.
وأشارت إلى أنه حتى بالرجوع إلى الاتفاقيات التي صادق عليها المغرب فهناك تأكيد على المساواة بين الجنسين في جميع الحقوق بما فيها الحقوق السياسية، وهو ما تنص عليه أهداف التنمية المستدامة لعام 2030، والتي اتخذت من المساواة هدفها الخامس، حيث أنه لا يمكن تحقيقها بين الجنسين دون ضمان السياسات العمومية والتشريعات لمبدأ تعزيز وتشجيع النساء على تقلد مناصب صنع القرار وتحمل المسؤولية.
ولفتت إلى أنه "على الرغم من الجهود التي تبذل في هذا الإطار وكذلك الترسانة القانونية والتشريعية وأيضاً التزامات المغرب، إلا أنه لم نصل بعد لأهدافنا وعلى رأسها تحقيق المناصفة، بسبب التمثيلية النسائية التي لم تصل بعد للثلث، سواءً تعلق الأمر بالبرلمان أو الجماعات الترابية، بالرغم من اعتماد آليات التمييز الإيجابي (الكوتا) والتي يرجع لها الفضل في تواجد النساء داخل البرلمان، لكنها كآلية انتقالية فقط لتعزيز التواجد في الهيئات المنتخبة".
وأرجعت هذا التعثر لوجود إكراهات وصعوبات تعيق المشاركة الفعالة للنساء خاصة بالنسبة للوائح الفردية أو حتى اللوائح المحلية، وهي مرتبطة بهيمنة العقلية الذكورية والأعراف والتقاليد التي تحصر النساء في الأدوار التقليدية وتكرس الصور النمطية لهن، دون إغفال دور الأحزاب السياسية في إقصاء النخب السياسية النسائية بسبب البحث أحيانا عن أصحاب "المال" لضمان الفوز بالمقعد الانتخابي، بالإضافة إلى عوامل أخرى مرتبطة بالعمل السياسي وما يتطلبه من تكريس للوقت والجهد فضلاً عن غياب الممارسة الديمقراطية داخل الأحزاب السياسية، وإلى عوامل أخرى التي تساهم في تخلف النخب النسائية للولوج والانخراط بشكل كبير في الأحزاب والنقابات والهيئات السياسية.
وأكدت على أن ضعف وصول النساء إلى مراكز صنع القرار يعتبر مؤشراً من مؤشرات التنمية "للأسف لا تزال نسبة النساء في مراكز صنع القرار قليلة، فتمثيلية النساء لم تصل بعد للثلث كما لم تبلغ المناصف"، لافتةً إلى أن تعزيز المشاركة السياسية للنساء يحتاج إلى إرادة سياسية حقيقية تلزم الأحزاب السياسية، من خلال تطبيق مبدأ المناصفة وإتاحة الفرص للنساء لكي يتواجدن في مناصب صنع القرار في الهيئات المنتخبة، وهذا التواجد ينبغي أن يكون فعلياً ليمكنهن من الانخراط الكلي والمشاركة في وضع قوانين انتخابية وألا يقتصر على الاستجابة لمجموعة من الالتزامات لإعطاء صورة جيدة عن المغرب، إذ بدون ذلك يصعب تحقيق أهداف التنمية المستدامة.
وأوضحت أن غياب وضعف تمثيلية النساء في الهيئات السياسية يجهض العملية الديمقراطية، لكونهن نصف المجتمع، خاصة وأن المغرب يتواجد حالياً في مسار إصلاحي سياسي حقيقي، مشيرةً إلى أن كل الفاعلين المدنيين والسياسيين والنقابيين مدعوين لوضع خطة استراتيجية عامة متعددة الأبعاد بما فيها البعد الثقافي الذي يرتكز على نشر الوعي بحقوق النساء ومناهضة العقلية الذكورية، من خلال العمل على إصلاح التعليم والإعلام وذلك للحد من الصور النمطية للنساء والعادات السائدة داخل المجتمع.
وشددت على أهمية البعد السوسيو الاقتصادي، حيث يعد التمكين الاقتصادي للنساء والنهوض بأوضاعهن الاجتماعية هو حقهن الأهم لتحقيق باقي الحقوق، ثم كذلك البعد السياسي الذي تتحمل فيه الأحزاب السياسية المسؤولية بشكل حاسم في دعم المشاركة السياسية لهن وانخراطهن في العمل السياسي، مع ضرورة إيمان هذه الأحزاب بأحقية النساء في التواجد في الساحة السياسية وليس فقط تلبية لاعتبارات دولية من أجل تلميع صورة الحزب.
وبينت أن ذلك من شأنه أن يجعل النساء فعالات ومناضلات ومنخرطات بكل قوة داخل صفوف الأحزاب، بعيداً عن منعهن من ولايات أخرى في اللوائح الجهوية، حيث تفرض بعض الأحزاب على النساء اللواتي فزن من خلال اللوائح الجهوية أن يترشحن في لوائح فردية إن رغبن في ولاية ثانية، دون الانتباه إلى ضياع كفاءات نسائية استفدن من تكوين سياسي وتمارسن في دروب السياسة واكتسبن خبرة وتجربة مهمة في هذا الشأن.
ودعت للاستفادة من هذه الكفاءات وإن لم يكن داخل البرلمان، فينبغي إعطاؤهن فرص تقلد مناصب قيادية داخل الأحزاب وإشراكهن في صنع القرار السياسي والعمل على الحد من المحاباة ومنطق القرابة داخل العمل السياسي.
وخلصت إلى أن تواجد النساء داخل مراكز صنع القرار بات ضرورة ملحة لتحقيق التنمية المستدامة، وينبغي تعزيزها بآليات جديدة تضمن تواجدهن من خلال لائحة للتناوب بين النساء والرجال بالنسبة للوائح الترشيحات والرفع من نسبة تمثيلية النساء في الهيئات السياسية من خلال التشريعات والقوانين التي تستجيب لمبدأ المناصفة بين الجنسين.