تنديد واسع بالاعتداء على عبير موسي تحت قبة البرلمان التونسي
أثارت حادثة الاعتداء على النائب في البرلمان عبير موسي تحت قبة البرلمان في 30 حزيران/يونيو الماضي، من قبل زميلين لها من ائتلاف الكرامة ردود فعل مستنكرة
زهور المشرقي
تونس ـ .
تلك الحادثة استنكرتها الجمعيات النسوية التونسية، حيث قالت رئيسة جمعية "بيتي"، سناء عاشور، في حديث لوكالتنا، إنه برغم القوانين المناهضة لكل أشكال العنف ضد النساء في تونس إلا أنها بقيت قاصرة بسبب سطوة العقليات الذكورية التي وجب العمل على التصدّي لها بكل قوة، تلك العقلية المتحجّرة التي ترى في المرأة عورة وغير قادرة على فرض أرائها ومواقفها والدفاع عن نفسها وبالتالي يكون أسلوب العنف طريقهم للاستفزاز والتخويف.
وأكدت الناشطة النسوية أنّ الخطاب الرجعي الذي ظهر عام 2011، يهدّد المكاسب التي حققتها المرأة عبر عقود من النضال، مبيّنة أن ذلك الخطاب غيّب كل التطلعات لمستقبل أفضل حيث تمّ حصر كل المكاسب في مجلة الأحوال الشخصية التي بُعثت عام 1956 وباتت مع مرور الزمن والتحولات في المجتمع سقف التطلعات والطموحات النسوية، غير مراعية لواقع النساء في تونس اليوم، في وقت تتطور فيه المجتمعات وتعمل الأجيال النسوية الجديدة على تغيير طرق النضال وتوسيع مساحة الحريات واكتساب حقوق أكبر.
وندّدت سناء عاشور بحوادث العنف التّي استهدفت النساء، باعثة برسالة إلى السلطات التونسية قالت فيها "أوقفوا العنف ضدّ النساء، أوقفوا القتل ضد نساء تونس".
من جهتها ندّدت وزير المرأة السابقة نزيهة العبيدي، في حديث مع وكالتنا بالحادثة، معبّرة عن خيبة أملها من تزايد نسب العنف ضد النساء وخاصة في المقرات التي من المفترض أن تكون حامية للمرأة وحافظة لكرامتها.
وقالت إنّ العنف أصبح شرعياً تحت قبة البرلمان، وكل المقاييس انقلبت، فقانون مكافحة العنف رقم 58 الصادر عام 2017، والذي أعتبر بمثابة الثورة النسوية، وصودق عليه بالإجماع بات بلا قيمة.
وأردفت "اليوم عُنّفت عبير موسي وغداً جميعنا كنساء ناشطات سياسيا ومدنيات، بالأمس فقئت عين أم أمام أبنائها وقُتلت أخرى أمام ابنها على يد زوجها الطبيب، ومن أسابيع قُتلت رفقة الشارني برصاص زوجها الأمني حامي أمننا، وقُتلت أخرى بساطور زوجها في الشمال الغربي التونسي، والقائمة تطول، فلنوقف النزيف عاجلاً... نحن نُباد أمام أعين حُكامنا وفي مقرّات سيادتنا".
وتعتبر الوزيرة السابقة للمرأة أن التقصير في تنفيذ القانون شجّع على ارتفاع النسب بطريقة قياسية هذا العام "لا يمرّ يوم دون أن نسمع عن امرأة تُقتل وأخريات يُعنفن في الشارع والمنزل والمقرات العمومية"، وطالبت بالتحرّك الفوري لإيقاف خطوات إبادة النساء في تونس.
بدورها عبّرت رئاسة الحكومة عن إدانتها للاعتداء الذي تعرضت له النائبة عبير موسي، معتبرةً هذا السلوك تعدياً على المرأة وعلى مكتسباتها التي تحققت بفضل نضالاتها.
وأدانت وزارة المرأة والأسرة وكبار السن، في بيان لها بشدّة، العنفَ الحاصل داخل قبّة مجلس نواب الشعب، مهيبة بممثلي الشعب التصدي لمثل هذه الممارسات التي ما فتئت تتفاقم يوماً بعد يوم.
واستنكرت الوزارة بشّدة "ما اقترفه النائب الصحبي صمارة من عنف سافر تجاه زميلته النائبة عبير موسي وذلك تحت قبة مجلس نواب الشعب وأمام أنظار وزيرة المرأة ومرافقيها في أثناء جلسة التصويت على قانون العمل المنزلي".
كما أعربت الوزارة عن الأمل في أن يتخذ مكتب البرلمان الإجراءات والتدابير الضرورية لمنع كل السلوكيات العنيفة التي لا تحترم الكرامة الإنسانية، وتهدف لإهانة المرأة والحط من قدرها.
وأدانت منظمة "البوصلة" حادثة الاعتداء واعتبرته مواصلة "لسلسلة العنف السياسي الممارس على النائبات والتمييز ضد النساء تحت قبة البرلمان".
ووصفت المنظمة مشهد العنف هذا بـ "الخطير" وأدانت بشدة "الارتفاع الخطير لمنسوب العنف بمختلف أشكاله داخل المجلس النيابي"، مطالبةً الطبقة السياسية وجميع الفاعلين السياسيين بضرورة "الوعي بخطورة المرحلة وتحمل مسؤولياتهم في هذه الفترة الحساسة التي تشهد فيها البلاد أزمة سياسية واقتصادية واجتماعية وصحية".
وتكرّرت حالات الاعتداء بالعنف في البرلمان، سواء لفظيا أو جسدياً، بين عدد من النواب من مختلف الكتل.
وتعتزم وزارة المرأة والأسرة وكبار السن إطلاق حوار مجتمعي وطني لوقف العنف المتفاقم والمسلط ضد المرأة، وللحد من الجرائم المرتكبة على أساس النوع الاجتماعي، وفق ما أعلنته الخميس 1 تموز/يوليو وزيرة المرأة والأسرة وكبار السن إيمان الزهواني هويمل.
وقالت الوزيرة إن هذا الحوار سيضم فضلاً عن ممثلي الحكومة كافة الأحزاب السياسية ومنظمات وطنية ومكونات المجتمع المدني.
ومن المزمع أن يخلص الحوار إلى توصيات وقرارات عملية تصاغ ضمن ميثاق وطني جامع بمناسبة الاحتفاء بالعيد الوطني للمرأة الموافق 13 آب/أغسطس المقبل، ويهدف إلى القضاء على ظاهرة العنف المسلط على النساء والجرائم المرتكبة ضدهنَّ.
أما الجمعية التونسية للنساء الديمقراطيات، فقد دعت في بيانها الصادر أمس الخميس جميع الناخبين والناخبات إلى سحب ثقتهم من النواب المتورطين في أعمال العنف ضد النساء، وذلك على خلفية الاعتداء بالعنف المادي على رئيسة كتلة الحزب الدستوري الحر عبير موسي.
وأدانت الجمعية اتباع أسلوب الصمت المتعمد من قبل نواب وأحزاب أمام العنف المسلط على النساء داخل البرلمان وخارجه.
وأكدت على ضرورة أن تتخذ رئاسة مجلس نواب الشعب كل الإجراءات المستعجلة والضرورية لضمان أمن النائبات والنواب وعدم تكرار هذه الحوادث.
كما طالبت برفع الحصانة عن النائب المعتدي بالعنف على زميلته وأن يتم تطبيق القانون رقم 58 عن طريق إشعار النيابة العمومية وإعلامها بأن عنفاً مادياً بارزاً وواضحاً يتكرر في البرلمان، ودعوتها إلى التحرك من أجل ايقاف هذا النزيف
ودعت أيضاً إلى تحالف كل مكونات المجتمع المدني بمنظماته الوطنية وجمعياته الحقوقية وخاصة الجمعيات النسوية من أجل المشاركة في حملة واسعة للتصدي لهذه الجرائم وتفعيل القانون مع اتخاذ الإجراءات والتدابير العمومية لمقاومة سياسة الإفلات من العقاب.
وأكدت على الأهمية التعجيل في وضع الآليات الفعلية لمواجهة حوادث القتل المتعددة والاعتداءات بالعنف ضدّ النساء خاصة أمام تصاعد وتيرتها في المدة الأخيرة.
ولاحظت تراخي وتقصير الجهاز القضائي وخاصة النيابة العمومية في توفير الحماية اللازمة للنساء ضحايا العنف.
ودعت إلى تفعيل الباب الأول من قانون 58 فيما يتعلق بالخطة الإعلامية والتربوية.