'رواية الأمهات الكرديات في عملية التقاضي كادت أن تزول على مر السنين'
قالت شيفا قلوزي إن الغرض الرئيسي من اختيار أمهات السلام كمجموعة أمهات يتم البحث فيها هو إعادة سرد رواية الأمهات الكرديات في عملية التقاضي، والتي كادت أن تُحذف من التاريخ على مر السنين ولم يتم معالجتها بشكل مناسب.
شهلا محمدي
مركز الأخبار ـ في سبيل التذكير بقصص أمهات السلام وكذلك أمهات التصالح اللواتي تناضلن منذ سنوات طويلة من أجل معرفة مصير أبنائهن، قدمت صحفيتان شقيقتان بحثاً خلال مؤتمر الدراسات الإيرانية لتسليط الضوء على رحلة الأمهات المكلومات.
في الأيام الأخيرة من مؤتمر الدراسات الإيرانية، الذي نظمته الأكاديمية الإيرانية قدم العديد من الباحثين من جنسيات مختلفة في إيران أعمالهم إلى هذا المؤتمر. ماريا قلوزي وشيفا قلوزي، شقيقتان صحفيتان وصانعتا أفلام وباحثتان، كانتا من بين النساء اللاتي أجرين مع عدد من الزملاء بحثاً بعنوان "التقاضي كمقاومة: أمهات الممثلين المحتجين" (دراسة حالة: أمهات كردستان الملتمسات وحركتهن الاحتجاجية تم تقديم أعمال الاحتجاج من عام 1979 إلى عام 1981) في مؤتمر الدراسات الإيرانية، أكاديمية إيران.
وتعود الباحثتان في جزء من بحثهما، إلى أحداث الشهر الثالث من عام 1978 في مدينة سنه شرق كردستان، رداً على اعتقال القائد عبد الله أوجلان، وتم الاستشهاد بالتاريخ السياسي للسجناء الذين تم إعدامهم، وكذلك بيان بعض الحقائق التاريخية المتعلقة بحركة أمهات المصالحة في كردستان، من قبل زملائهم كمثال بسبب "الانحياز الحزبي" وطالبوا بإزالة الأقسام المذكورة، لنفس السبب، وتم تقديم فصل واحد فقط من الورقة إلى المؤتمر ونشرت ماريا وشيفا قولوزي الفصل الثاني من ورقتهما في مجلة كومار ثنائية اللغة.
قيمت الباحثة والصحفية ومخرجة الأفلام شيفا قلوزي في لقاء معها، الغرض من اختيار وكتابة مقال أمهات المصالحة في كردستان، قائلةً إن الأمومة شكل من أشكال المقاومة والنضال من أجل حقوق الإنسان، متطرقة إلى الرقابة على نضالات نساء الشعوب المضطهدة من قبل بعض الناشطين في الخارج.
وأوضحت أن الغرض الأساسي من اختيار أمهات السلام كمجموعة أمهات يتم الاستماع لهنهو سرد قصة الأمهات الكرديات في عملية التقاضي، والتي كادت أن تُحذف من التاريخ على مر السنين، "لقد تم حذفها فعلاً من التاريخ إذ لم يتم تناول هذه القضية بما فيه الكفاية كما يتم التحقيق في خلفية تكوين وأنشطة أمهات السلام كمجموعة أمهات، خلال السنوات التي تشكلت فيها هذه المجموعة من الأمهات".
وفي تعريف كامل لأمهات السلام أوضحت "أمهات السلام مجموعة معروفة في مجتمع شرق كردستان، وكانت العديد من أنشطتهن علنية خلال هذه الفترة، كما تم مناقشتها بالتفصيل في هذا البحث، وكن نشطات في التجمعات والحركات الاجتماعية لكن كيف اجتمعت أمهات السلام وكيف قررن التصرف كمجموعة في الساحة العامة، لم يتم مناقشتها بعد. ومن أين جاء اسمها وماذا يعني وما هو هدفهن".
وأشارت إلى أن الأحزاب الكردية غير معترف بها في جغرافية إيران وهذا أثر على زيادة مستوى العنف الحكومي ضد الشعب والناشطين الكرد "في مرحلة ما بدأت أمهات المصالحة العمل على غرار أمهات السلام في شمال كردستان. رغبتهن هي رغبة تقدمية، الرغبة في حل القضية الكردية بطريقة ديمقراطية وحقوقية ومدنية فالمشكلة التي تواجهها كردستان في جغرافية إيران، أي سيادة الجمهورية الإسلامية، وكذلك في المعارضة الناطقة بالفارسية، هي أن الأحزاب الكردية غير معترف بها؛ لا يعني ذلك أنهم لا يقبلون كحزب، لكنهم يتحدثون أيضاً عن أنشطة أولئك الذين يعملون في شكل أحزاب كردية بنفس الأدبيات التي تعرفها الجمهورية الإسلامية".
وأضافت "خلال هذه السنوات على الرغم من تقدم حقوق الإنسان وكثرة الحديث عنها، إلا أننا نرى أن أولئك الذين هم من الأحزاب الكردية يتم اعتقالهم داخل إيران، وإذا كان هناك أخبار عنهم فإن الأخبار تكون محدودة للغاية وتتناول الحالات التي يظلم فيها حق ذلك الشخص. على سبيل المثال، يمكن أن نتحدث عن زينب جلاليان، التي نادراً ما يتم الحديث عنها في وسائل الإعلام عدا عن السنوات الثلاث الأخيرة التي شهدت مناقشة لقضيتها في وسائل الإعلام".
ولفتت إلى أنه "لا يتم التعامل مع السجناء السياسيين الكرد، خاصة في وسائل الإعلام الناطقة باللغة الفارسية، وخاصة أولئك الذين لديهم خلفية أحزاب كردية، ويواجهون الرقابة والمقاطعة. أو على سبيل المثال، فيما يتعلق بإعدام ذوي الخلفية الحزبية، فإن السلطات الإيرانية تنفذ هذه الأحكام بسهولة أكبر وبصمت، وتعتبر أنهم يستحقون ذلك أي أنه عندما يرتبط الشخص بحزب كردي، فإنه يعطي الموافقة على هذا الحكم أو أن هذا المستوى من التقارير أو أنشطة حقوق الإنسان لشخص كان داخل إيران يختلف عن شخص كان من الأحزاب الكردية. خلال فترة حكم بهلوي، استمرت دائماً هذه السياسات اللاإنسانية ولا تزال مستمرة. الأحزاب الكردية ومن ينضم إليها جُعلوا موضوعاً في أذهان الناس أن من حقهم أن يختبروا هذا القمع المزدوج".
"لدينا معاناة مشتركة وهذه المعاناة تقربنا من بعضنا البعض"
واعتبرت شيفا قلوزي نشاط وأداء أمهات السلام في جغرافية إيران خطوة ناجحة "تمكنت أمهات السلام من النجاح من خلال الحديث عن أبنائهن وما سيحدث لهم في هذه العملية. وعلى الرغم من أن العلاقة بين المركز والأطراف كانت محدودة للغاية بسبب هذه السياسات، ووصلت دعوى الأمهات الكرديات إلى كامل جغرافية إيران في وقت متأخر جداً ومع قيود أكثر بكثير، إلا أن هذه الاتصالات لا تزال معزولة ومحدودة. نرى حالياً أن العديد من الأمهات يسافرن إلى طهران أو تأتي الأمهات من طهران ويسافرن إلى كردستان ويتحدثن مع الأمهات اللاتي أعدم أبنائهن أو السجناء السياسيون ويشاركونهن معاناتهن. على سبيل المثال، الأم مثل جوهرة الحب تقول إن لدينا معاناة مشتركة وهذه المعاناة المشتركة تقربنا من بعضنا البعض. أو الرواية التي نناقشها في هذا المقال، من زيارة شعلة باكروفان والدة ريحانة جباري الأسيرة التي تم إعدامها، والتي روت للعائلات التي تم إعدام أبنائها من خلال تجربتها في رحلتها إلى كردستان، كيف أن مشاركة هذه المعاناة والتواجد مع هذه العائلات مهم لهذه العائلات المكلومة ويمكن أن يكونوا معاً".
وفيما يتعلق بتحديات البحث في هذا المقال، أوضحت "نحن ننشأ في مجتمع نواجه فيه دائماً سلسلة من العقبات. كان أحد التحديات التي واجهناها، عندما حاولت امرأتان كرديتان بمنظور أنثوي، لأول مرة، الكتابة عن مجموعة من النساء والأمهات، وخاصة أنه بدلاً من اعتبار القضية قضية حقوقية، فإن الذين حضروا هذا البحث نظروا إليها كقضية سياسية".
وأضافت "من التحديات الأخرى التي واجهناها هو أنه نظراً لأن والدتنا كانت ولا تزال عضواً في أمهات السلام في كردستان، فقد كنا على اتصال مع أمهات أخريات، التقينا بهن عن كثب، حول معاناتهن وكيف قاومن المشاكل التي واجهنها، كانت روايات الأمهات اللواتي تم إعدام أحبائهن أو تعرضن للعنف الحكومي، مريرة للغاية تعبر عن فترة من المعاناة والمشقة التي تعرضن لها. كان من الصعب جداً عليهن مشاركة هذه التجارب وسردها، وبالنسبة لنا نحن الذين كنا نستمع ونعيد الكتابة. بالنسبة لي، كعضو في إحدى عائلات أمهات السلام، كان شرفاً لي أن أتذكر مقاومة هؤلاء الأمهات، وأنا سعيدة لأنني وماريا كنا جزءاً من هذا البحث حتى نتمكن لأول مرة من إعادة كتابة أصوات أمهات السلام وأحاديثهن ورواياتهن وأهدافهن".
وتحدثت شيفا قلوزي عن ردود الفعل بعد نشر هذا المقال "منذ يوم نشر هذا المقال وأنا وماريا تواصلنا نيابة عن عدد كبير ممن كانوا في السجن سابقاً أو من أهالي السجناء الذين تم إعدامهم لقد أرسلوا رسالة تفيد بمدى إعجابهم. قال الكثيرون إنهم قرأوا هذا المقال والدموع تملأ عيونهم وأعربوا عن تعاطفهم الكبير مع العائلات التي روت قصصها في هذا المقال، كما أن الحديث في الفضاء الافتراضي ووسائل الإعلام عن أمهات السلام ليس قصة كاملة".
وفي ختام حديثها أوضحت أنه "من الأمور المهمة فيما يتعلق بأمهات السلام، أنها تحول الأم من مادة أمومية، كأم تجلس في المنزل في الدولة التقليدية وتتعامل مع شؤون طفلها، إلى مادة سياسية فاعلة. العديد من أمهات السلام ربات بيوت ومعظمهن لم يحصلن على قدر كبير من التعليم، لكن بنفس المستوى من نشاطهن السياسي، تمكن من أن يكونن فعالات قدر الإمكان في مواجهة الحكومة الدكتاتورية الموجودة في إيران".
لقراءة النسخة الكاملة لهذا الجزء من البحث المنشور يمكن الرجوع إلى الرابط التالي: