أسماء فتحي

القاهرة ـ سيظل الحراك والسعي من أجل استعادة الحقوق واحد من أقوى أدوات الرفض لما يحدث من انتهاكات، خاصة تلك التي تنال من حقوق المرأة وكرامتها حول العالم، والمرأة الإيرانية كمثيلاتها تطالب بأبسط الحقوق الإنسانية في ظل نظام أعلى قيمه بالأساس تقويضها والحجر على كامل حقوقها والتدخل شبه الكامل في شؤونها.

ما تقوم به النساء الإيرانيات من محاولات رافضة لتلك الممارسات والانتهاكات اعتبرته الكثيرات من المهتمات بقضايا المرأة بطولة وأمر يستوجب التقدير، لكونهن تناهضن سلطة كاملة تسخر إمكانياتها لقهرهن وإسكات أصواتهن متدخلة في أبسط حقوقهن ومنها تلك الخاصة بالمظهر الخارجي والعلاقات الإنسانية.

وبحسب المهتمات بالشأن الخارجي من النساء الداعمات لنيل المرأة لكامل حقوقها الإنسانية على نفس درجة الرجال في المجتمعات المختلفة، فإن الداخل الايراني بحاجة لمواصلة الحراك الجماعي من أجل زيادة هوامش الحرية العامة والخاصة، وأيضا تدخل حقيقي من المجتمع الدولي من أجل الانتصار لحقوق أفراد لا يمكنهم بأدواتهم البسيطة وقف ما يمارس عليهم من عنف يصل لحد إنهاء حياتهم من نظام الدولة الحاكم.

 

الواقع الإيراني سيء ومقاومته بطولة

وحول ذلك قالت المدربة على عدد من القضايا في وزارتي الشباب والرياضة والتخطيط نور جلال، إن العالم يجب أن يتكاتف من أجل تحقيق أجندة 2030، ولكن الوضع في إيران مختلف بسبب ارتفاع معدل القمع الذي لم ينال من حقوق النساء فحسب، ولكنه انتهك مختلف مساحات الحريات وهو الأمر الذي بات واقع المواطن فيه سيء للغاية.

وأوضحت أن أداء الشرطة مع النساء منتهك لمختلف مبادئ حقوق الإنسان فهم يتعمدون قمع أي حراك ولديهم تهم معلبة يتم الحكم فيها بشكل غير مفهوم وغير عادل لكون العقوبة أكبر مما تستحقه الجريمة المرتكبة في تصنيف ما يحدث من ممارسة الحقوق والحريات بـ "الجريمة"، ولا يمكن أيضاً تصنيفه بنظام قضائي متزن لكونه متشدد ويلقي الأحكام بشكل غير عادل وخاصة إن كان الأمر يتعلق بسلوك النساء وملابسهن وأفكارهن وعلاقاتهن الإنسانية.

وأكدت أن النساء تعاني من العنف الأسري بشكل أعقد، وأية محاولة للخلاص منه تعد من الجرائم التي لا تغتفر هناك ما يجعل إعادة النظر في التشريعات التعسفية هناك ضرورة ملحة لحماية حياة الأفراد، وهو ما يستوجب تدخل حقوقي قوى وواضح لدعم الإيرانيين في الحصول على حقوقهم.

أما عن الموقف من التظاهر فالعالم أجمع رأى ما فعلوه خلال الثورة التي تلت مقتل جينا أميني، وكيف استخدموا الطلقات النارية لتفريق أية محاولات تجمع بين المواطنين المعترضين على حالة القمع التي تمارسها السلطة هناك، فضلاً عن الغاز المسيل للدموع وغيرها من الإجراءات التي لا تتوافق مع مبادئ حقوق الإنسان، وخاصة تلك التي تتعلق بالحرية الشخصية والتعبير عن الرأي وغيرها.

وقالت إن أي حراك يتم في ظل أدوات القمع الممارسة هناك هو في حد ذاته بطولي ولا يمكن إغفال جرأة وقوة وشجاعة القائمين عليه لكونهم يعرضون حياتهم للخطر بشكل معلن ويعلون من نيل الحرية في مشهد يحرك وجدان جميع المعنيين بالشأن الخارجي وقضايا النساء وغضبه.

 

الحراك الميداني وتأثيره

من المؤكد أن أي حراك للأفراد وإن خفتت ملامح قوته هو في حد ذاته مؤثر ولا يمكن تجاهله خاصة إن كان الأمر متراكم كما هو الحال في المسألة الإيرانية وعلاقتها بالحريات.

وترى نور جلال، أن الأمر سيحتاج لوقت وجهد على مستوى الحراك لكون الحكومة هناك متعسفة كلياً في سماع الطرف الآخر، مشددة على ضرورة وجود قوة أكبر خارج الدولة لدعم أفرادها الرافضين ما تمارسه السلطة الإيرانية من انتهاكات لمبادئ حقوق الإنسان، وتفتح لهم مجال آمن للتعبير عن واقعهم مع ضمان حمايتهم من أية ممارسات قد تهدد حياتهم في الداخل.

وأكدت أن المجتمع الدولي عليه عبء أكبر مع هذا النوع من القمع الذي يحرم المواطنين من أبسط حقوقهم، وعليه أيضاً مسؤولية كبيرة في التعامل مع هذا المشهد.

وأوضحت أن الجميع بات يستخدم الوسيلة الأسهل في التعامل مع القضية وهي تلك المتمثلة في "الكلام" دون العمل على اتخاذ أية خطوات فعلية على أرض الواقع تجاه تلك المسألة.

 

الدعم النسوي العابر للحدود

النساء داعمات والأمر هنا ليس مجرد شعار ولكنهن بالفعل تشعرن بحجم ما يقع على كاهل مثيلاتهن في مختلف أنحاء العالم من ضغوط خاصة تلك التي تنتقص من حقوقهن الإنسانية وتعلي من الأنظمة الذكورية والسلطة الأبوية المهيمنة.

واعتبرت نور جلال أن النساء قادرات على دعم بعضهن بشكل عابر للحدود فهن من تشعرن بما تمر به المرأة الإيرانية من ضغوط، وما تكبل قوتها من ممارسات تنتهك شخصيتها وهو أمر ملموس ومعروف والكثيرات حول العالم انتفضن صارخات في وجه السلطات من أجل تلك القضية للضغط من أجل تقديم يد العون والمساعدة على الخلاص.

وأوضحت أن النسويات استخدموا صفحاتهن الشخصية لتكون منبراً معبراً عن أزمة المرأة الإيرانية بعد الثورة، ورفعن صوتهن منددات بما يحدث لنساء إيران من قهر وتعنيف، كما أن عدد منهن اتجه لنقل خبرته المحلية في التعامل مع قضايا الحريات العامة ببلدانهن لمساعدة الايرانيات بشكل مختلف من خلال تبادل الخبرات، وراحت أخريات تشارك كل ما ينشر بشأن الواقع الإيراني لترى جميع الحكومات حجم التخاذل في التعامل مع انتهاك حقوق الإنسان بالداخل الإيراني.

وطالبت النسويات المصريات وغيرهن حول العالم بالعمل المستمر للضغط من أجل دعم الإيرانيات معتبرة أن لتبادل الخبرات تأثير كبير في مثل هذه المسألة خاصة أن المصريات على سبيل المثال خاضوا نضال تاريخي في سعيهن لكسر هذا الحاجز القامع لحرياتهن في الماضي وتمكن من خوض معركتهن الخاصة كاسرين مختلف الحواجز والتحديات لانتزاع حريتهن من السلطة الأبوية الحاكمة.

 

نحو مستقبل أفضل

مازالت هناك قطرات من الأمل تتلألأ في سماء إيران والحراك المتكرر والصرخات المتعالية والنساء القادرات على التعبير عن احتياجاتهن كلما كان المناخ مواتياً جميعها إرهاصات توحي بأن هناك مستقبل مختلف ينتظر الجميع.

وقالت نور جلال إن على الإيرانيات مواصلة المطالبة بحقوقهن وعدم الانصياع لما يمارس من قهر عليهن مؤكدة أن عليهن الصبر لأن الأمر سيحتاج وقت وجهد وتراكم.

وأوضحت أنه عليهن توجيه خطاب للخارج يشف أكثر عن واقع معاناتهن واحتياجاتهن لوضع الجميع أمام مسؤولياته تجاه الملف الحقوقي، مؤكدة على أهمية التكاتف فيما بينهن لصعوبة كسر التجمع الحقيقي خاصة إن كان لشابات يعرفن بصلابتهن وقدرتهن على التماسك والتلاحم لانتزاع حقوقهن.

وأكدت أن التواصل مع الحقوقيين حول العالم أمر لابد منه لحثهم أكثر على التنديد بما يحدث في الداخل الإيراني وفضح المعاناة والانتهاكات التي تتم، خاصة أن قطاع كبير من الأفراد حول العالم يفتقر بالفعل للمعلومات التي تساعد مواجهة هذا النظام القمعي الحاجر على الحقوق والحريات.