نادية بوزندفة: على النساء أن تؤمن بقدراتهن للوصول لمراكز صنع القرار
شددت نادية بوزندوفة على ضرورة تمكين النساء اقتصادياً، والذي بدونه لن تتمكن النساء من بلوغ المناصفة التي ينص عليها دستور 2011.
رجاء خيرات
المغرب ـ على الرغم من التدابير التي اتخذها المغرب لتعزيز حضور المرأة المنتخبة في مختلف المجالس الترابية والبرلمان إلا أن حضورها في مراكز القرار لا زال محكوماً بعدة اعتبارات ثقافية واجتماعية، مما جعل إقرار مبدأ المناصفة الذي ينص عليه دستور المملكة لعام 2011 بعيد المنال.
عن العوامل الذاتية والموضوعية التي تحول دون وصول النساء لمراكز القرار السياسي، أوضحت النائبة البرلمانية بجهة مراكش وأمينة لجنة التعليم والثقافة والاتصال نادية بوزندوفة أن تعود لأسباب اجتماعية، واقتصادية وسياسية، لافتةً إلى أنه حان الوقت لكي تنخرط النساء بشكل فعلي في الحياة السياسية كفاعلات وصاحبات قرار، بدل الاكتفاء بتأثير المشهد السياسي وإكمال عدد المرشحين باللوائح الانتخابية.
وقالت "رغم التدابير التي اتخذها المغرب من أجل مشاركة المرأة في المجالس المنتخبة بمستوياتها المختلفة، سواء الإقليمية أو الجماعية أو مجالس الجهة أو البرلمان، إلا أن وصول النساء لمراكز القرار يظل محدوداً، نظراً لعدة اعتبارات منها ما هو ذاتي يعود للنساء أنفسهن، مما يجعل منهن مجرد مؤثثات للمشهد السياسي، ومنها ما هو اجتماعي ثقافي بالدرجة الأولى"
وأكدت على أن الحضور السياسي للنساء في مختلف المجالس المنتخبة يبقى غير مقنع وضعيف جداً على الرغم من التجربة الانتخابية التي خاضتها النساء في مختلف المحطات التشريعية، ومساهمتها في رسم الخريطة السياسية خاصة وأن النساء تساهمن بشكل كبير في دعم المرشحين المقربين عن طريق التصويت والمشاركة في الحملات الانتخابية، إلا أنه على الرغم من كل هذه المعطيات يبقى حضور المرأة في المشهد السياسي المغربي باهتاً.
واعتبرت أنه بعد مرور أكثر من عشر سنوات على دستور 2011 والذي كانت من أهم مكتسباته إقرار مبدأ المناصفة، حان الوقت لتجاوز الوضع السابق، حيث لم يكن عدد النائبات داخل البرلمان يتجاوز نائبتين فقط عام 1993، وبعد أكثر من عشرين عام فقد ارتفع العدد لما يزيد عن 90 نائبة برلمانية، أغلبهن وصلن للبرلمان عن طريق التصويت بـ "الكوتا"، في حين يبقى عدد الفائزات عن طريق اللوائح المحلية عدداً هزيلاً لم يبلغ 4 أو 5 نائبات.
ولفتت إلا أنه رغم التنصيص الدستوري على مبدأ المناصفة، إلا أن التطور الحاصل في نسبة تمثيلية النساء داخل المجالس يبقى ضعيفاً ولا يرقى لما تطمح له الهيئات الحقوقية النسوية بالمغرب.
وأرجعت ذلك بالأساس إلى عدم ثقة الأحزاب السياسية في ترشيح وجوه نسائية على المستوى المحلي، حيث النظام الانتخابي المحلي يخضع لعدة اعتبارات منها ما هو قبلي، الأمر الذي يعيق خوض النساء للاستحقاقات التشريعية على مستوى الدوائر، لكن التعديلات التي شهدها النظام الانتخابي والذي حول لائحة الشباب إلى لوائح نسائية، منح إمكانية إضافة ثلاثين امرأة أخرى، حيث لم يكن عدد النائبات يتجاوز 60 امرأة، ليفوق العدد اليوم 90، إلا أنه رغم كل ذلك، تؤكد النائبة نادية بوزندوفة، لازلنا بعيدين عن تحقيق مبدأ المناصفة.
وعن دور الأحزاب في تدريب النساء ومنحهن مساحات أكبر للمشاركة، أوضحت أن الأحزاب يفترض أن تضمن النقاش الديموقراطي والاختلاف داخل هياكلها، وبالتالي فإن تلك الأحزاب التي تقصي النساء من حقهن في الوصول إلى مراكز القرار والتعبير عن أصواتهن ينبغي لها أن تختفي اليوم من المشهد السياسي.
وأشارت إلى أن ذلك يعود للمرأة نفسها التي ينبغي أن تتحلى بالشجاعة والجرأة الكافيتين وأن تكافح ضد كل إقصاء يمكن أن يطالها من ممارسة حقوقها الدستورية، ومن أهم هذه الحقوق حقها في المشاركة السياسية والطموح للوصول إلى مراكز القرار، مضيفةً أنه من غير المنطقي أن نكون في عام 2023 ولا زلنا نوظف النساء فقط في جلب الأصوات وكسبها لفائدة الرجال المرشحين، في حين نغيبها كصوت معبر داخل الهياكل الحزبية.
وعبرت عن رفضها لما وصفته بخطاب "المظلومية" الذي تتذرع به بعض النساء، لافتة إلى أن المرأة التي تمارس السياسة ينبغي أن تكافح لكي تتمكن من انتزاع حقها في ممارسة كافة حقوقها بما فيها الحقوق السياسية، بدل المكوث في خانة "الضحية" المغلوبة على أمرها.
وعن إمكانية الرفع من نسبة المشاركة السياسية للنساء، أكدت على أن ذلك رهين بما هو تشريعي قانوني من جهة، وبما هو اجتماعي وذاتي من جهة أخرى، مشيرة إلى أن المرأة التي تخوض غمار السياسة مطالبة بأن تتوفر فيها مجموعة من الشروط لعل أبسطها إيمانها التام بقدراتها ومؤهلاتها السياسية، مع عدم القبول بأن تكون مجرد مؤثثة للمشهد السياسي، وعدم الاكتفاء بالمشاركة من خلال المساهمة في القيام بالحملات الانتخابية التي يخوضها الرجل، أو منح صوتها فقط وجلب أصوات أخرى، حيث الملاحظ أن بعض النساء يتم توظيفهن في الحملات الانتخابية من أجل كسب الأصوات، لينتهي دورهن بمجرد إسدال الستار عن الحملة الانتخابية.
وشددت على ضرورة تجاوز المعيقات الذاتية المرتبطة بالنساء أنفسهن، في حين أن العوامل المرتبطة بالمجتمع والثقافة والأعراف فهي تبقى معركة ينبغي أن يخوضها المجتمع برمته لتغيير العقليات وتقبل وجود النساء في مراكز القرار السياسي.
وأشارت إلى أن التطور الحاصل في المجتمع المغربي ساهم إلى حد كبير، رغم وجود كل هذه المعيقات، في تغيير النظرة إلى المرأة، وأنه خلال الاستحقاقات التشريعية في أيلول/سبتمبر 2021، كانت هناك نساء على رأس اللوائح المحلية وفزن بمقاعد داخل البرلمان، وداخل المجالس الجماعية كذلك والغرف المهنية، وهو ما يبرز أن المجتمع أصبح نسبياً على وعي بأهمية تواجد النساء في الحياة السياسية.
وأكدت على أن الرفع من تمثيلية النساء كذلك رهين بدعم الأحزاب السياسية التي ينبغي أن تشجع النساء على الانخراط في صفوفها وتساهم في تغيير الصور النمطية عن النساء اللواتي كان دورهن في وقت سابق يقتصر فقط في تقيم الدعم المعنوي واللوجستي للمرشحين الرجال.