مي الريحاني تحمل قضايا المرأة والمجتمع وتترشح للرئاسة اللبنانية
لمع اسم مي الريحاني في المحافل الدولية، فهي الشاعرة والأديبة، والرائدة اللبنانية العالمية التي عملت في أكثر من 70 دولة في مجال تعليم الفتيات وتمكين المرأة، وفي جعبتها العديد من القضايا الحياتية، الاقتصادية والحقوقية.
كارولين بزي
بيروت ـ أعلنت الخبيرة في التنمية الدولية مي الريحاني عن ترشحها للانتخابات الرئاسية اللبنانية، ببرنامج عمل تحت عنوان "إنقاذ الكيان واسترداد الدولة"، ايماناً منها بحق الشعب اللبناني بالعيش بكرامة، ووضع حد للعنف الأسري ضد المرأة وكذلك حق الفتيات في التعلم.
"ترشحت لإنقاذ لبنان"
"من أجل لبنان ومن أجل المرأة وكرامتها وحقوقها، ومن أجل تعزيز دورها وتوسيع دائرة انخراطها في صناعة القرار"، بهذه الكلمات أعلنت ترشيحها. وعن قرار دخولها المعركة الرئاسية أوضحت مي الريحاني "قررت الترشح للانتخابات الرئاسية ايماناً مني بشعب لبنان وبأن هذا الشعب يستحق أن يحصل على كل حقوقه، ولاسيما الحق في الحياة الكريمة، الحياة التي تتخطى الفقر والانهيارات الاقتصادية والصعوبات اليومية، من أجل الشعب اللبناني".
وأكدت أن لبنان يمر بمرحلة صعبة جداً ولكن هناك إمكانية لانتشاله من الانهيار "الطريقة الوحيدة التي يمكن أن تنقذ البلد، هي وجود رئيس/ـة جمهورية ورئيس/ـة حكومة ومجلس وزراء جميع أفراده مؤهلين واختصاصيين ويمتلكون إرادة للعمل".
وعن دور المرأة وقدرتها في أن تقود البلاد في هذه المرحلة الصعبة قالت "الأمر لا يتعلق برجل أو امرأة، الأمر يتعلق بالرجل أو المرأة المؤهلة والتي لديها المعرفة والخبرة والاختصاص، وأن وجدنا امرأة بهذه المواصفات، تستطيع أن تنتشل البلد من هذه المحن المستمرة".
وحول الخط الذي تمثله أوضحت "أمثل الخط السياسي السيادي، والخط السياسي الإصلاحي، والخط السياسي الذي يواجه من لا يحترم الدستور والخط الذي يواجه الفساد والذي لا يخدم الشعب اللبناني"، ولفتت إلى أنها أقرب للسيادين والإصلاحيين والمستقلين والتغييرين من السلطة".
"استغربت غياب المرأة عن جلسة انتخاب الرئيس/ـة"
عقدت جلسة انتخاب رئيس الجمهورية اللبنانية في 29 أيلول/سبتمبر الماضي، في هذه الجلسة لم يختر أحد من النواب مي الريحاني أو أي مرشحة أخرى للرئاسة اللبنانية، لا من قبل نواب السلطة أو التغييرين والمستقلين. وتعبّر عن استغرابها لعدم اختيار اسم مرشحة واحدة من قبل النواب والنائبات في البرلمان "الاستغراب طال أيضاً عدد كبير من المثقفات والمؤهلات واللواتي لديهن خبرات طويلة".
وأعلنت مي الريحاني عن ترشحها للانتخابات الرئاسية منذ نحو شهر ونصف وبالتزامن مع الإعلان بدأت جولة على السياسيين والكتل النيابية من أجل الحوار، وعن هذه الخطوة تقول "بدأت منذ شهر أو أكثر الحوار مع الكتل النيابية جميعها من دون أي استثناء، البداية كانت باللقاء مع الأحزاب والتكتلات الكبيرة وانتقلت إلى المستقلين فرداً فرداً، ثم إلى التغييرين وصولاً إلى التحاور مع أحزاب ربما استبعد البعض أن أتواصل معها، فالنشاط المبني على الحوار المستمر مع الكتل المختلفة والأحزاب والأفراد مستمر وبنّاء وجيد".
"برنامجي الانتخابي"
ولفتت إلى أن برنامج عملها يتمحور حول أربعة محاور، وتفند هذه المحاور وتقول "المحور الأول الدستور، الدستور هو دستور الطائف بكل بنوده، علماً أنه لم يطبق كاملاً، وفي حال وصلت إلى سدة الرئاسة سيكون من أولوياتي تطبيق دستور الطائف وإذا طبقنا دستور الطائف سنحل العديد من المشاكل".
وأضافت "المحور الثاني يتعلق باستقلالية القضاء، وسأبذل قصارى جهدي لأفصل السياسة عن القضاء، أما المحور الثالث يتمحور حول الاقتصاد والإصلاح، فالإصلاح قضية مهمة جداً ويجب أن تطال جميع القطاعات. ليتم إنقاذ الاقتصاد من الانهيار، عبر السياسة".
وأوضحت "المحور الرابع يركز على السياسة الخارجية التي تتمحور حول إعادة العلاقات المتينة والجيدة بين لبنان والعالم العربي وإعادة لبنان لدوره العالمي وعلاقاته العالمية، الأمر الذي سيعيد الثقة بلبنان".
وعن كيفية جعل لبنان بلداً قوياً شريكاً مع الدول العربية والغربية لا تابعاً قالت "لبنان يستطيع أن يكون شريكاً وليس تابعاً، ولكن هناك شروط للشراكة وعدم التبعية، منها أن يتبنى لبنان الحياد أي أن يكون صديقاً للجميع وليس عدواً لأحد، وعلى علاقة بناءّة مع الجميع، وأن يكون صديقاً لكل الدول العربية والأوروبية دون استثناء، وننفتح ونتواصل مع الشرق أن كان مع الصين أو اليابان أو غيرها ونبني صداقات بنّاءة على الصعد كافة الاقتصادية والسياسية ولكن شرط ألاّ يملي علينا أحد قرارنا، القرار بيد لبنان تحت سقف القانون".
"حقوق المرأة أولوية"
وأكدت أن المرأة بالنسبة لها أولوية "حقوق المرأة ستكون أولوية في حال وصلت إلى رئاسة الجمهورية، وأتمنى من مجلس الوزراء والمجلس النيابي أن يتعاونوا معي لإعطاء المرأة كامل حقوقها. علينا أن نغيّر بعض القوانين لتأمين وتأكيد حقوق المرأة ولتحقيق المساواة بين المرأة والرجل والسماح للمرأة بلعب دورها الكامل".
ولفتت إلى أهمية متابعة العنف الأسري "على العنف المنزلي أن يتوقف ويجب أن نعطي المرأة حقوقها، لا يمكن لبلد يتطلع إلى التطور والتقدم ويقبل بالعنف الأسري دون محاسبة الرجل على هذا العنف".
وأكدت دعمها لإعطاء المرأة اللبنانية المتزوجة من أجنبي الجنسية لأولادها "أوافق على إعطاء المرأة اللبنانية الجنسية لأولادها من دون تردد... أدرك أن هناك من سيقول بأن القضية سياسية، ولكنها أيضاً تتعلق بحقوق المرأة وعلينا أن نجد طريقاً لحل هذه المشكلة من الناحية الحقوقية ونصحح الطريق دون أن ننسى الجانب السياسي الذي علينا أيضاً معالجته".
وعن خطواتها في حال لم تسنح لها الفرصة في الوصول إلى الرئاسة بينت "سأتابع العمل من أجل لبنان والشعب اللبناني، جزء من عملي سيكون في لبنان والجزء الآخر سيكون مع المغتربين في الولايات المتحدة والمغتربين في العالم لأنني أمثل الجامعة الثقافية في العالم وأنا مستعدة للحوار مع الرؤساء الأمريكيين لخلق قوة وضغط على الحكماء بالنسبة لحقوق المغتربين".
"لسد فجوة التعليم الثانوي"
عملت مي الريحاني على نشر التعليم والثقافة بين الفتيات في العديد من دول العالم وأبرزها أفغانستان، وحول دورها في لبنان في هذا المجال أكدت "سأتابع مع المؤسسات العالمية كاليونيسكو واليونيسيف لتعليم الفتيات، سندرس الإحصاءات اللبنانية بالنسبة للفتيات خاصة في المرحلة الثانوية، إذ لا أعتقد أن هناك فجوة في المرحلة الابتدائية بل الفجوة في المرحلة الثانوية وفي الصفوف العليا للثانوي في بعض مناطق لبنان النائية، وعلينا بألا نسمح لهذه الفجوة أن تستمر وتتوسع".
"تجربتي في أفغانستان"
وعن تجربتها في دعم تعليم الفتيات بأفغانستان، أوضحت أن الأمر لم يكن سهلاً "طُلب مني أن أزور أفغانستان وأتفق مع حركة طالبان لفتح مدارس للفتيات. في البداية رفضت طالبان تعييني للحوار معهم من قبل إحدى المؤسسات في الأمم المتحدة، ولكن المؤسسات العالمية الممولة أكدت لطالبان بأنهم إذا سمحوا للفتيات بالتعلم سيحصلون على تمويل، وبأن هذه المؤسسات ستساعدهم على فتح المدراس وتدريب المعلمات. لكن حركة طالبان لم تقبل بسهولة، فطلبت المنظمات المانحة بأن أسافر إلى أفغانستان وأتناقش معهم في محاولة لإقناعهم بفتح مدارس للفتيات، كان ذلك في العام 1993، حيث كانت نسبة الفتيات في مدارس أفغانستان في تلك الفترة الابتدائية والثانوية في كل أفغانستان باستثناء العاصمة كابول 2.7%، وهي أقل نسبة في العالم في ذلك الوقت".
وأضافت "أمضيت ساعات وأيام في محاولة لإقناعهم، ولكن كنت أتلقى أجوبة غير مقنعة وغير عقلانية، ولكن بعد جلسات طويلة وحوار طويل وإيجابي وعقلاني ومحاولة لإقناعهم بنتائج تعليم الفتيات، استطعنا أن ننجح بشروط عديدة، مثلاً: أن تتعلم الفتيات في البيوت لا في المدارس، لأنهم لا يريدون للفتيات أن تظهرن أمام الرجال في الشارع، أن يدرسهن معلمات فقط، عدم السماح لهن بركوب باص المدرسة لأن السائق رجل، هذه الشروط وغيرها وافقنا عليها شرط أن يتم افتتاح المدارس بالبيوت في القرى لتعليم الفتيات".
مي الريحاني أديبة وشاعرة ولكن ما الذي قادها إلى السياسة، وهل هناك فصل بين الأدب والشعر والسياسة، وحول ذلك قالت "لا يوجد فصل بينهم، الأدب والشعر جزء من الفكر وجزء من الثقافة، والأدب والشعر كونهما ثقافة وفكر فهما مرتبطان بالسياسة، لأن للفكر والثقافة أبعاد سياسية".
وأضافت "منذ أن التحقت بالجامعة بدأت العمل السياسي وكنت حينها في التاسعة عشر من عمري ولا زلت أعمل في السياسة لغاية اليوم دون أي توقف، عملت في حياتي على ثلاثة مسارات بشكل متوازٍ، مسار سياسي ومسار ثقافي ومسار إنماء عالمي".
"للبنانيين... لا تفقدوا الأمل"
يعتبر ترشح نساء لرئاسة الجمهورية ملفتاً هذه الدورة، فإلى جانب مي الريحاني ترشحت تريسي شمعون ولكن قلما نجد نساءً في لبنان، تترشحن إلى الانتخابات أو حتى تؤمن بوصول امرأة للرئاسة.
وعن الجهات التي شجعتها للترشح أوضحت "شجعني بعض النواب، من المستقلين والتغييرين وحتى الحزبيين، ووثقوا بي وبمؤهلاتي وبعلاقاتي العربية والدولية".
ولفتت إلى أن هؤلاء الداعمين موجودون في المجلس النيابي، لم يرشحوا اسمها في المرحلة الأولى لأنها تعتقد بأن هذه المرحلة كانت بمثابة تدريب "ربما اسمي سيظهر في المرحلة الثانية أو في المرحلة الأخيرة في الجلسة التي يتم انتخاب الرئيس أو الرئيسة فيها".
ووجهت مي الريحاني كلمة للبنانيين قالت فيها "أتمنى ألا يفقد اللبناني أمله بلبنان، وأن يدرك أن كل البلدان تمر بفترات مليئة بالصعوبات ولكن نستطيع أن نتخطى هذه الصعوبات وبأن الإصلاح يبدأ برأس الهرم، إن عرفنا أن ننتخب رئيس/ة للبنان لا غبار عليها ولديها كل الكفاءات، هنا تكون بداية التغيير".